هذا حادث إرهابي لم نشاهده من قبل.. هذا نوع من الجنون لإرهاب بلا عقل ولا دين ولا وطن.. وهذا هو نتاج حملات اليمين المتطرف في أوروبا علي الإسلام والمسلمين. فحادث الاعتداء الإرهابي علي مسجدين في مدينة كوايست تشيرش في نيوزيلندا بالكيفية التي تم بها يعمل تطوراً بالغ الخطورة في العمل الإرهابي ويدفع بالعالم في اتجاه موجات جديدة من الإرهاب والصدام بين الأديان وبحور من الدم في كل مكان. فيديو الحادث الإرهابي في نيوزيلندا يروي كل الحكاية.. يحكي عن العنف.. والحقد.. والتطرف.. وغياب الوعي. ومرضي ومتخلفين عقليا يحملون السلاح ويقتلون الأبرياء. أحد الفيديوهات يصور القاتل وهو يتجول بسلاحه الآلي داخل المسجد يحصد أرواح المصلين العزل الذين كانوا يسجدون لله ويرددون كلمات الخير والسلام والرحمة ليستمتع بصراخهم ومحاولاتهم اليائسة للهروب من رصاص منهمر هنا وهناك يقتل العشرات ليقترب العدد من 40 شهيداً ماتوا في بيت من بيوت الله. *** وإذا كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن قد اعتبرت أن ما حدث لا يوصف وأنه أحد أسود أيام بلادها في تاريخها فإننا نقول إن أحد أسوأ أيام البشرية وأنه سيكون علامة فارقة في كيفية التصدي للإرهاب ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تحدد بالكثير من الحوادث والمآسي التي لا يمكن التصدي لها دون تعاون دولي فعال لمحاصرة الإرهاب ودون حوار جاد للحضارات والثقافات والأديان من أجل تعايش إنساني حقيقي لاحترام كل الأديان والثقافات. وما حدث في نيوزيلندا كان الأفظع والأبشع ولكنه لم ولن يكون الحادث الوحيد في الاعتداءات التي تقع ضد المساجد وضد الكنائس نتيجة لانتشار الأفكار الغامضة والمتطرفة والتي تدفع في اتجاه العنف والدم. والإرهابيين الذين نفذوا الهجمات في نيوزيلندا هم من جماعات يمينية تعمل بمطلق الحرية في أوروبا وتواصل تحريضها السافر ضد المسلمين في كل وسائل الإعلام وتقود الحملات لتصعيد الكراهية ضد المسلمين بإدعاء أن أوروبا سوف تفقد هويتها وديانتها وأن الإسلام في غضون وقت قصير سيصبح الدين الأول في أوروبا. *** ولقد كان واضحاً خلال السنوات الأخيرة أن اليمين المتطرف هو الذي يحكم العالم الآن. وأصبح زعماء التطرف يجذبون الناخبين بالعداء للإسلام. وهناك مظاهرات مستمرة في أوروبا ضد الوجود الإسلامي. والصحف الغربية تحرض بشكل واضح ضد الوجود الإسلامي في أوروبا خاصة عندما يتعلق الأمر باستمرار تدفق اللاجئين والمهاجرين إلي أوروبا. صعود اليمين المتطرف في أوروبا وثيق الصلة بالحركة الصهيونية ويخدم مصالح إسرائيل التي تقف وراء الأحزاب اليمينية لمنع "أسلحة أوروبا". وأيضا لزيادة الهجرة اليهودية من أوروبا إلي إسرائيل. والأحزاب الأوروبية اليمينية شكلت تحالفاً لدفع أوروبا إلي وقف استقبال المهاجرين الأجانب حتي لو اقتضي الأمر إلحاق جدار عازل. ووصل الأمر إلي ظهور تصريحات معادية تدعو الأوروبيين إلي الوقوف ضد "خطر الاستعمار الإسلامي". وساعد علي انتشار أفكار هذا اليمين المتطرف بعض الحوادث الإرهابية التي وقعت في أوروبا والتي تم إلصاقها وربطها بالراديكاليين المسلمين في محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب لدفع الرأي العام لكراهية الإسلام والمسلمين. والإرهابيون الذين نفذوا هجمات نيوزيلندا سوف يجدون من يبرر ما قاموا به ومن يدافع عنه ومن سيعمل علي إلقاء اللوم علي المسلمين أيضا. *** وللذين يصدرون بيانات حقوق الإنسان من أوروبا.. وللذين يهاجمون تطبيق عقوبة الإعدام علي الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء. وللذين يبحثون عن حقوق الجناة ويتجاهلون حقوق الضحايا.. ماذا سيقولون الآن عن إرهابي نيوزيلندا.. وما هي العقوبة التي يمكن أن تنفذ بحقهم.. وهل توجد عقوبة أخري غير الإعدام لهؤلاء الجناة.. هل يمكن أن يكون هناك نوع من الرأفة والتسامح معهم والتماس الأعذار لهم. السلطات الأمنية في نيوزيلندا تحاول أن توقف سيل الفيديوهات المؤلمة التي تصور الحادث والتي انتشرت علي مواقع التواصل الاجتماعي.. وبعض وسائل الإعلام رفضت نشر هذه الفيديوهات بحجة عدم إثارة المشاعر واحتراماً للموتي.. ولكننا لا نري في ذلك صواباً ولا منطقا.. فالرأي العام في أوروبا يجب أن يشاهد ما أقدم عليه التطرف هناك.. والذين صدعونا بحقوق الإنسان ووقفوا ضد عقوبة إعدام الإرهابيين عليهم أن يتأملوا هذه الفيديوهات.. وأن يخبروا الآن عن العقوبة المناسبة.. وعن أي حقوق إنسان يتحدثون. ما حدث في الهجوم علي المسجدين يجب أن يشاهده العالم كله.. وأن تستيقظ الضمائر الحرة لأن ما حدث هناك هو الإرهاب الحقيقي بكل معانيه.. وسنظل علي قناعاتنا ونقول إن الإرهاب كان وسيظل صناعة غربية منذ الأساس.