* في محطة مصر هي سنوات طويلة مرت.. كنت أستقل القطار ذهاباً وعودة.. وفي العشرينيات من عمري كنت في السابعة صباحاً ألتقي ورفاقي لألحق بالقطار.. ودوماً كنت أسرع الخُطي.. وبالكاد ألتحق بالعربة الأخيرة.. وأقفز.. تمتد الأيادي نحوي.. لتأخذ بيدي.. وبدأت بالدرجة الثالثة العادية.. لأجد لي مكاناً بين المسافرين.. أذكر المقاعد الخشبية.. وحالة الرضا والفرح إذا وجدت لي مقعداً خالياً.. وحين لا أجد بالطبع.. كانت أقصي أمنياتي.. أن أقف إلي جوار النافذة.. لأطل علي الأشجار.. وأعدد القُضبان كصغيرة.. وأحصي عدد المحطات.. وتمر الساعة وأنا وغيري.. نستقبل يومنا ببشاشة مَشْرِق الشمس.. ونعود مع مغيبها.. ترحل. فيكون موعدنا لنعود.. نقف علي الرصيف.. دون أن نتساءل عن الرقم.. فبالاعتياد نسير.. ومن الدرجة الثالثة إلي الثانية العادية.. يسكُننا الرضا.. والفرح.. ومتعة السفر.. وكبرت بي الأيام.. لأحجز بالدرجة الأولي.. وكنت ولازلت.. أجد الراحة بساعات السفر.. فها هي التذكرة بين يدي.. وصوت القطار.. القادم من بعيد كحلم.. لا يخلف موعده معي.. ولا أمل انتظاره