«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعر الفلسطيني عبد السلام العطاري
نشر في شباب مصر يوم 29 - 06 - 2014


السلام عليكم
سلام، من أرض تناشد السلام، آمال غرست إحساسه بعمق الوطن، رايته تأبى الاستسلام، رغم الشجن و المحن، عقيدته لا للانهزام، شعاره يحيى العَلَمْ، كبرت فيه الأوجاع و الآلام، ليرافق صرخاته القلم، عايش التحالف و الانقسام، و آمن بأن الحياة بلا حرية عدم، توهّج حرفه كأنه البدر التمام، فبنى القصيد من نزف جرح لم يلتئم، طرح التعجّب و الاستفهام، متى النور من الحلكة ينتقم، حلّقت معانيه لتجمع الجارح بالحمام، و الناطق بالأصم، الكل أمام مرقمه في انسجام، فكلماته دروس و حكم، هو الشاعر الفلسطيني عبد السلام العطاري.
مرحبا بك سيدي
أهلا بك ومرحبا
س "سلام"، أرضك تناشد السلام، حسب رأيك ما هو السبيل للسلام في هذه الحياة، خاصة و قد قالت الأديبة الانجليزية "فيرجينيا وولف" "لا يمكن العثور على السلام عن طريق تفادي الحياة"، و هل تعتقد حقا أن السلام يُعثر عليه؟
ج لا يعرف معنى السلام إلا مَنْ يفقده و يحتاجه و يشعر بغيابه، ما السلام إن لم يكن راحة بال وهدأت حال، و نوم رخي لذيذ لطفل لا تعكّر صفوة حلمه خفافيش العتمة؟؟ السلام ولادة من رحمٍ رحيم ابتدأه الخالق فينا كي نشعر بأهمية وجوده بيننا عندما يكون الأمر ضده وعلى غير ما نفهمه فيه، لذلك السلام معيار الحياة وقوامها و روحها إن فقد فَقَدت الحياة وجودها.
س فكيف تجيب من قال: لا جدوى من الحياة فطباعها عنيدة، و لا حب معاداتها مجرد من أي عدم، راقص مخيلتك لكسر أوتار حزينة، و حذاري من مغازلة المعاناة فالواقع أصم؟
ج الحياة ليست فعل.. ليست مجرّد فعل نتمناها كي نكابد جدواها ونضعها في مقياس المخيّلة و رهان النجاح و الخسارة، و ليست مجرد رؤية الوجود و مصائر فقط، إنها تكامل الروح في نهضة الوعي المكمّلة للمادة (الجسد) ولا يمكن لي أن احمل هذا المنظار لأقيس جدواها من عدم جدواها، و ما وُجِدنا إلا لنكون لشأنٍ عظيم مهما صغر أو كبر هذا الشأن.. و المعاناة لّذة أحيانا كي نشعر معنى الأمل كيف يكون.
س هل يعني هذا أنك تناصر الفكرة القائلة: أصرخ للأمل فله أعلى القمم؟
ج إني أربّي الأمل فيّ وفي معاني ما أكتبه حتى أشعر أني على قيد الحياة وليس مجرد كائن حيّ فحسب، أنا للحياة ولست كائنا مجردا من الطموح والنظرة الفاعلة للمستقبل، والأمل قيمة وقِيَم و نهج و أسلوب يجب أن نعيشه، و من لا ينظر إليه وتطلع ليكون، فهذا هو العدم بعينه و لا نصرخ أنما ننشده.
س "تنسيني ضحكاتك يا تيماي، بعض همومي و تطرد من ذاكرتي أياما، لا تزال توسعني ضربا و تسألني، من انتصر؟"، فمن انتصر؟ ذاكرتنا التي تغازلها المعاناة أم ابتسامة تبحث عن ثغر طفلة لنهدى وردة أمل تحتضنها براءة خطواتها؟
ج هذا سؤال ال (تيماء) للسياسي الذي وعدنا الحياة الأفضل كي تكون و نكون فيها، السؤال الذي اجتهدت به لجواب الغد الذي يستحضر الماضي في نظرة المستقبل ليكون فيه الجواب الوعد الحق والحقيقة، و ما الجواب إلا وردة الحديقة أسيجها بالضلع العاري، و الأمل شفتيها ينشد الجواب الذي لم يجيء بعد، و حتما سيجيء رغما عن وسع الضرب الموجعة. سؤال الطفلة عن الشمس التي كنّا نقطفها بسلال الضحى.
س "الجوع و غضبي و زنزانتي الصغيرة"، يا ألما تراميت في أحضان غزلتها دماء مازالت تقذف الجمرات لتقطف زهرة الانتصار، أين أنت، "سلام"، بين الأمس و أوّله، بين اليوم و حاضره، بين الغد و مستقبله؟
ج ما زلت كما هُم أبحث عن فيءٍ في بلادٍ تجّتزها أنياب غيلان السواد والقبح، ما زلت كما هُم، أبحث عن أرض الله في أرضنا لنطفئ الجوع بسلامها و حبها و حبّنا لها... ما زلنا جميعًا بهّمنا نريد فجرها لنشري الحقول و نعيد للحياة ضحكة طفولتها.
س "إن الفجر لن ينتحر يا وطني"، مدّ يداك و تعطّر من روحي يا وطني، فلسطينية الإنسان "عبد السلام العطاري"، بين الوطن و أنينه، بين الفجر و جميله، كيف تكبر و تزهر؟
ج الفجر كزمن هو أجمل طلاّت لبدء اليوم بالنسبة لي، وهو أكثر الأوقات التي تتعرض لامتهان واغتيال لجمالها من محتلٍ يقتنص فرصته لاغتيال نعاسنا الذي يجيء بعد صحوة على نشيد الله و البلابل و السارحين إلى الحقول، هذه بلاغة الجمال كي نزهر و نكبر على نداه.
س "متى تجتاح البلابل ضلوعك"؟
ج عندما تثق بالصبّار ثانية و تعود الحواكير بستانها الأجمل و أصير طفل الحكاية الذي طاردها محبة كل صباح.
س هل تحلم بذلك؟
ج ما زلت أحلم أني أحلم.
س عندما يغادر الحلم أنفاسه هل يمكن لها أن تقتفيه؟
ج الحلم صنو الأمل ...و الأمل روحه الحلم.
س الأحلام بالورد نرصّعها و الأشواك من حولها ترميها بوابل من الجمر، في اعتقادك، هل إرادتنا ترمي لبتر الجمر أم لاستخراج حبيبات الضياء الكامنة في جوفه؟
ج إرادتنا ترمي لاشتعال الجمرة في فكرة الوردة لتضيء ما لا يضاء.
س عندما يكون إحساس الشاعر "عبد السلام العطاري" فرشاة، ما هي ملامح اللوحة التي سيرسمها للإرادة و كيف سيوزّع من حولها ألوان الضياء و الظلام؟
ج اللوحة بمضمونها ولن نختلف على لونها...كل ما في الأمر الشمس و القمر بينهما اتساع فرح ...هل سننسى الضوء في جيب العتمة؟ أم نعطي العتمة كحلها لكسل صبايا الصباح.؟ إذاً، ما أرسمه وجهي في ذاكرة الضوء والمغيب مجرد لون سيكون.
س هل الذاكرة صور نألفها أم هي أجنحة ترفرف نحو المجهول؟
ج الذاكرة حية و تكبر و تعلو عمرنا كلما ارتفع وعلا، و المجهول لا قرارة له يسكنها الذاكرة ضد اللاشيء غير المعروف، و إن كان المجهول البياض قبل أن ندركه و ننشغل به.
س "المجهول هو البياض"، عندما يكون البياض رائحة مستوطنة بصر الجوارح أو صدى محتجزا في قفص الحناجر، كيف نبصر المجهول و نحاكيه؟
ج في اشتعال الجمرة التي تحدثنا عنها -في سياق سابق- لنَحُكّ بياض ما فيه، لنبصره ونحاكيه، منّا من يجد فيه ضالته و منا من يضيع و يضل طريقه فيه.
س فيه، الإنسان "عبد السلام العطاري" و الشاعر "عبد السلام العطاري"، ماذا يجدان و كيف يتوافقان بين ممرّاته؟
ج سيدتي، أؤمن أن النص الأدبي هو انعكاس لواقع كاتبه لا يمكن فصلهما، و لا يجب أن يكون هناك وجهان مختلفان ..أنا ... أنا ابن قصيدتي و كلمتي و بيئتي. التوافق أساسه مصالحتي مع نفسي ...رضاي عن شعابٍ أمرقها وان كانت صعبة..ما بين أناي وأنا برزخ حبي للناس و للحياة التي احلم أن تخلو من الضغائن و الأحقاد.
س في رؤيته حول الدنيا يعتقد "لقمان الحكيم" أن "الدنيا معبرة فاعبرها و لا تعمرها"، هل يحاكي الشاعر "عبد السلام العطاري" هذه النظرة و إلى أي مدى يعتقد في ثباتها؟
ج بالتأكيد لن أجادل الحكيم لقمان في حكمته التي نبصر من خلالها المعنى و المغزى العميق فيما قال و ذهب إليه في غير موضع مما قال، و ما الحياة إلاّ مسارنا الطويل منّا من يراها بعيدة و شاقة و منّا من يجدها معبّدة سلسلة سهلة، الحياة مهما عّمرنا بها لا نجدها إلاّ لحظة، لحظة عابرة وجيزة، و لا اعتقد أن المعنى في حكمته هو الانزواء و الانكفاء و الانطواء عن الفعل و العمل و إنما هو أن الحياة أيجاز الموجز كما ذكرت.
س الحياة، رحلة فراق و طريق رحيل، الحياة، روح الاشتياق، بين ابتسامة و عويل، الحياة، في أعماق الشاعر "عبد السلام العطاري"، سفر و محطات، حتام؟ و إلى أين؟
ج الحياة ارتباطنا اليومي التي تبحث عن ذاتها فينا و الذات بين سروة الصبح و ظهيرة لافحة و مساء يكتظ بالكثير من مسارات النهار عندما نرمي خلف حلكة الليل أمتعتنا و نصير بفراغ لا شبهه فراغ، و ما المحطات تلك إلا اختلاف الفكرة بيننا و بينها، والعبور منها إلى أين هذا يتطلب جدولة واعية كي ندرك أين نصل بها و تصل بنا... ما أراه غير جدار كبير نتحسسه ليبصرنا و نبصره لنرى أين نحن سنكون.
س أين أنت ستكون، و لم ترضى بغير إحساسك للضيف مجثم، فكان قلبك مأوى الحزن؟
ج قلبي خابية العسل الأسود، قلبي وعاء الحب الذي أرتقه كثيرا كي يصمد و يصعد بي شاهق المعنى لأطل على الكون واغسل وجهي كلما أبصرت اتساع الحياة بحلوها و مرّها و بحزنها و فرحها.
س "كأس الحزنِ أعظم و أعمق من المحيطات، محيطات الفرحِ أصغر من كأس، أحيانا"، فهل ينضب هذا الكأس؟
ج ينضب من حزنٍ و يمتليء من فرح ، و ينضب من فرحٍ و يغرف من حزنٍ... ليت لا كأس لي كي لا أعرف مكيال الحزن و لا الفرح معًا و أبقى في بياض الراهن و الغائب.
س "يا غزّة، كم دمعة تحتاجين، كم طلقة مرّقت على الأشلاء، كم لعنة ستتلوها دأدأة الطفولة، كم غارة سوف تحلّ، و تحط على جبين الحزن، و كم نظرة تحط على جبين الخجل، يا غزّة، يا جرحنا العميم"، عندما ينزف الجرح و يأبى الالتئام هل ستعاتب الروح الإحساس احتضانه الألم حدّ الالتحام؟
ج نعم تمامًا ، والتمام يعني وعي الإحساس لاحتضان اللحظة الفاحمة بالصراخ و الجارحة في الوجدان والمتعبة من زمنٍ كالح في السواد.
س بين أزقة الوجع يحتسينا الألم صوتا بلا صدى و يشهق لغذوبة مذاقنا، منتشيا بأرواحنا عطرا بلا أريجة، فإلى كم من مسافة سيكون شعورنا لغة تخاطب سمعه الأصم و بصره المنعدم؟
ج اتفقنا أننا نعشق الأمل.. قلت، أنا مُعشّق بالأمل و طافح به حد الارتواء، و لكن اعتقد منذ أن جاست الديار غيلان الدمار و نحن نصرخ و نُسمِع من استصرخناهم و كانوا يسمعون الصوت الصادح الجارح و ينظرون نحونا دون فعل، بل بردة فعل كان أقصاها أن يصفقوا لجرحنا.
س الفراق، كيف يقف ببابه الصديق "عبد السلام العطاري" و كيف يتحاور بشأنه مع الشاعر "عبد السلام العطاري"؟
ج الفراق، العجوز الذي لا ينتهي و لا يبتعد و ما زال يقبض على اللحظة بين اللحظة و اللحظة... يجادلني دومًا و أجادل فيه الوقت ما بين أنا و أناي دائما يرهقني و ينتصر.
س تقول الفنانة التشكيلية الفلسطينية "منال ديب" "حتى الألعاب ترحل"، إلى أي مدى يأخذنا الرحيل حتى تفوح في دواخلنا عطور الأنين؟
ج الرحيل يأخذنا إلى مداه الذي يختبئ في جوف النسيان، النسيان الذي يعود بنا ثانية إلى ساحة اللعب و إلى مراح الأغنيات.
س "حان وقت الرحيل"، هذا ما ينشده الكاتب و المغني الايطالي "أندريا بوتشلي"، هل تعتقد أن لنا الجرأة و المقدرة الناضجة لنقول هذا في الوقت المناسب؟
ج الرحيل في حقيقته ليس كما يظن البعض انه قرارا بتوجب التفكير به و التخطيط له، الرحيل كما أتحسسه انه يأتي بغتة و يفرض ذاته و إذا يأتي بعده لعنة الذاكرة و لعلني استعين بمقولة لحنة مينة " اللعنة على الذكريات فقد اغتالتني" هذا ما يفعله الرحيل في قرارة فعله و ما نفعله في اجتناب نضوجنا و قلة مقدرتنا عليه.
س "نحن نسعى لأن نتجنّب الألم أكثر من سعينا لأن نجد السعادة"، هذا ما يعتقده الطبيب النمساوي "سيغموند فرويد"، فإلى أي حد يتوافق رأي الشاعر "عبد السلام العطاري" مع هذا المعتقد؟
ج تماما، هذا ما نجتهد به كثيرا ليتحقق الفرح ظنا منا عندما نشيد أسوارها لنصد الألم و لعلنا كبرنا و تعودنا هذه الرؤية ...الإنسان بطبعه يتألم أكثر مما يفرح.
س الحرية، هل هي ألم أم فرح؟
ج الحرية: اجتراح نص الحياة المؤلم...الملون بالفرح.
س "أنا ولدت لأكون حرا في أرض ليست حرة"، كيف تحس الحرية، ما هي تقاسيمها لو كانت أغنية، و بماذا تكتبها لو أنها قصيدة نثرية؟
ج الحرية، نص الحياة، كما ذكرت، و الحياة ترتبط للإنسان بالمكان، و المكان المقدس للحرية حتى تتحقق عليها قوامها، التي أفسّرها بالكرامة المتمثلة بقول كلمة الحق و العدل و تحقيق أطرها، و الأمن و الأمان.
س هل تحصيل المعرفة يشترط الحرية أم أن الحرية نتاج للمعرفة و التحصيل؟
ج: ماذا تنعي ب" التحصيل " ؟؟ على كل حال كما افهمها، الحرية تخلق مع الإنسان عندما يخرج الإنسان من رحم أمه تولد معه حريته، و تنمو معه و تكبر معه، هو بيده أن يحفظها كما يحفظ جسده، فإن تهاون بها بالتأكيد سوف تصيبها علّة و العلّة، بمعنى البدء بفقدها من خلال التهادن و التهاون بفقدان الإرادة مكون الحرّية الأساس و عليه السعي من أجل استعادتها و استرجاعها لاستكمال وجوده الكامل، لأن الإنسان بدونها و فقدها يصبح كائنا ناقصا، كونها جزء أصيل من حياته.
س "المعرفة ضلالة، أكرّرها، المعرفة لؤلؤة يا صديقي يوسف"، لماذا يحزن يوسف بالمعرفة ليصفها بالضلالة و ما الذي يفرح الشاعر "عبد السلام العطاري" في المعرفة لينعتها بلؤلؤة؟
ج: جميل، تلك اللحظة التي لازمتني بتكاثر الفقد، فقد الأعزاء، في كل لحظة، تلك غائلة المعرفة، المعرفة المتعبة أحيانا والمرهقة ، واسمحي لي أن أضيف على الضلالة أيضا الفاجعة، ليس بمن فقدتهم جسدا إنما بمن افقدهم في مشوار عبورنا نحو الخلاص أو نحو الحرية أو نحو المصير الذي يحقق للكيان الذي نعيش به حياته التي ينشد من خلالها حلمه، و أيضا المعرفة اللؤلؤة الثمينة عندما أجد من يستحق هذا الوصف من الذين عرفت و كانوا أكثر من مقدار ثمن.
س عندما ينزفنا الصمت على عتبات الحرف هل نكون قد أجدنا مجالسة الإحساس؟
ج قلت ذات يوم، (الإحساس: هو المعنى الذي يُدركنا و لا ندركه و يصير فينا كأنه نحن) فإذا كان الوصف في استبسال معرفة الموصوف المُدرك، كان النزف لتحقيق الولوج لعتبة فكّ الصمت بسهم الصوت الخانق لبلاغة ما يقوله الصمت، كم مرّة تغتالنا مجلستنا للإحساس حتى نُدركه؟؟ أظن أننا لا نتعظ من وعي اللحظة الشاردة فينا كي نفيض على الحرف عندما يتلوى الصمت ألماً في جوارحنا.
س متى يكون الشاعر "عبد السلام العطاري" عطش حدّ الارتواء لحرف احتضن رحيقه جفاف الاحتواء؟
ج كأن الجفاف قد أروقت حقوله وأخضر زرعه مما قلت.!!.. ليت هذا يتحقق لأطفئ ظمأ السعي لحرفٍ أجتهدت به فأجهدني، و ما تعبت، لكن أتعبتني وحشة الطريق يا سيدتي.
س عرّابة، الذاكرة ، "مراح الطفولة" و سنابل القمح، كيف تقاسموا الأدوار لولادة الشاعر " عبد السلام العطاري"؟
ج ما أجمل السؤال، و ما أقل كلماته، و ما أطول الإجابة التي ستكون، في اختصار المكان البطل الذي أحببت، و ما زلت أبحث عن سيرة الطفل الذي كُنت، و إذا المكان الشاعر و القصيدة و المعنى الأجلّ و الوعي المقدس في كل حصاة كانت و ما زالت تتراشق في( وَعَرِهِ ) الأجمل عندما يبسط اخضرار العمر راحتيه و يمسّد حنينه في احتضان الكلام الذي يُلقى على لسان الشاعر ليقوله قصيدة، و يشرع في مراحه سعياً كي يكون قدره المقيم في ما قُضي له، إذا، كلما أبتعد اشتعل الحنين و صار يدقّ في هشيم النسيان، لا يترك رمادا، و إنما استعادة لبذرة الذاكرة المطهّرة من كل سوء. كُنت هناك، و كان المكان الباقي هنا في حروفٍ تستعجله كلما دارت لحظة الجمرة تلسع ذاكرتي و توقظها، كُنت هناك، أسعى في أركانِ حُبه صلاة و أرتله أدعية، و كان هنا يعيد دأداة الطفولة كلما كبرت.
س "الشعر هو فن جمع المتعة بالحقيقة"، هذا ما يعتقده الشاعر و الناقد البريطاني "صمويل جونسون" فهل تناصر هذا المعتقد أم أنك تجادل فيه؟
ج لماذ لا نقول أن الشعر هو مخيال و خيال نحققه واقعة على أرض الكلام، ليصير في السكون حياة، و تصير الحياة سكوناً، لينهض المعنى سرب طير تتبعة كل ذائقة على اختلاف اللون، و الطعم شهد الورود على شفاهنا.
س "متى سيكون الشعر شرطي المرور"؟
ج عندما تنام المدينة على هزج القصائد، و يصير الكون خالٍ من الضغائن والأحقاد.
إن شاء الله يا ربي أرضك يا "سلام" تنعم بدفئ السلام هي و كل أراضينا، أشكرك الشاعر "عبد السلام العطاري" على حسن تواصل و على حرفك الراقي و معانيك البهية، دمت في تألق و إلى لقاء قريب إن شاء الله.
يعطيك العافية و أشكرك على سعة صدرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.