رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر التركي العراقي قاسم آق بايرا: الكتابة حرفة استثنائية
نشر في شموس يوم 04 - 10 - 2013

للقلم أعزّ جليس، فخطّ المقال و القصيد، الحرف له خير أنيس، فهو لعمق المعنى يصيد، لفظه على سلّم البلاغة يقيس، و نسجه للقارئ مفيد، على الكلمة جدا حريص، ذو رأي سيد و رشيد. امتلك قوّة العبارة، فبرع في القول و الوصف بمهارة و لقّب بالكاتب و الشاعر عن جدارة هو الكاتب و الشاعر التركي العراقي قاسم آق بايراق.
مرحبا بك سيدي
ممتن لهذا الإطراء عزيزتي آمنة واهتماماتي متعددة أيضا، الترجمة من التركية إلى العربية والرسم والغناء،
س الكتابة طريق مستقيم متعدد التعرّجات، هل يعتقد الشاعر و الكاتب "قاسم آق بايراق" أن له الخبرة الكافية لكشف مسالكه؟
ج إن نبذنا المعنى الظواهري للمعنى، واستلهمنا جوهره من حيث معنى المعنى - المعنى الانعكاسي - إنشاطارات المعنى الإجرائية خروجا عن المألوف، بمقدوري القول نعم، لأن الكتابة حرفة استثنائية ( أقصد الكتابة الحقيقية ) من حيث الاكتشاف العابر لتقنين الحدود إلى منابع اللاحدود، بغية تأسيس حقيقة موازية للحقيقة المراد التعبير عنها، مع الأخذ بنظر الاعتبار المَلََكَة - الكفاءة - الوعي الحر- الذهنية المتقدة - المخيلة المتحركة - الحدس الإبداعي لتشكيل شخصية إبداعية لها المقدرة على ولوج كل ما هو غير مُستكشَف عبر آليات الواجب توفرها لعملية الكتابة لحالة غير مألوفة بشرط الإبداع. الحياة بكنهها برأيي تجريبية أفقية وعمودية، لذلك أحاول وفق تجريبية الاستلام و الاستلهام و الاستشعار و التخيل و الاكتشاف و النشاط الوعوي التعبير عن كل ذلك وفق أسلوبي و رؤاي و نظرتي و ذهنيتي و روحيتي من حيث الظاهر و الباطن، كواقعة و كموضوعة و كفكرة و كذات بين الذوات الأخرى.
س عندما يكتب الإنسان "قاسم آق بايراق"، ما هي الملامح و السيمات التي تنبّهنا إلى أننا نبحر في أعماق الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق"؟
ج بصدقية شديدة قاسم آق بايراق، الإنسان - الشاعر - الكاتب - المترجم - الفنان بودقة واحدة، تشكلت عبر تجريبية الحياة كواقع حسي - روحي، بين ما هو مُؤمَل أن يجرب الإنسان تغيير ملامح و جوهر و شكلية ما هي حقيقة وقتية لاعتبارات آنية و بين ما هي حقيقة مطلَقة لاعتبارات علمية و موضوعية. ما أكتبه هو أنا، أي بنمط كلي و بنمط جزئي، الصدقية ما بين الذات و الكتابة معيار تقييمي و إبداعي لتكون الكتابة تؤثر عبر النسق المتسلسل لجريان التاريخ الجزئي و المطلَق. لا أؤمن بنظرية التعبير الفواصلي بين ذات الكاتب و الكتابة التي ينتجها، لأن الهدف السامي في الحياة ( وليس مثاليا ما أقصده ) بحاجة إلى إنسان سامِِِِ ليحققه وإن كان عبر الكتابة.
س أيهما يقلق الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" هطول حرفه على أراض جدباء أم على سفوح شديدة الانحدار؟
ج لا أفكر بهذه الشاكلة، هل المطر يستأذن منا لكي يهطل، وظيفة المطر هي الهطول بغض النظر عن ردود فعل الآخرين، الكاتب الحقيقي، كذلك الشاعر الحقيقي، مثلهما الفنان الحقيقي، يكتب كما أسلفت من قبل، دون أن يأخذ موافقة الآخرين بما يكتبه. هل الفلسفة تعبر عن الحياة وفق مزاجية و أهوائية شكليات الحياة و الفرد أم تنغمس في جهدها المعرفي ، كذلك العلم و التكنولوجيا، ما أقصده هو ثمة بون شاسع بين مزاجية و إهوائية و لا مبالاة الفرد البسيط و ما تريده الكتابة من زاد معرفي شمولي عبر آليات منتجها الإنسان الكاتب. لو كتب الكاتب و الشاعر وفق معايير حياتية مستلَبة و غير صحية لما كانت كتب جان جاك روسو من شرارات الثورة الفرنسية رغم ما عاناه في حياته ، لكن بعد مماته قيّم وأعتُبر فلتة لا زمكانية سرمدية والموازي المعياري على ذلك أيضا، الحلاج و كثيرون مثلهما في شتى أرجاء المعمورة.
س كتب الشاعر و الناقد و الصحفي الألماني "هاينرش هاينه" يقول "من يقدر النقد هو الوحيد الذي يستفيد من المديح"، بين النقد و المدح متى تولد و تموت كتابات "قاسم آق بايراق"؟
ج ينبغي عدم الخلط بين المفهومين و أبعادهما من الوجهة العلمية و الموضوعية و الفنية، النقد الحقيقي الموضوعي مشاطرة كلية للمنجز من حيث التناص القصدي و فك مفاتيح النص و سبر ما وراء المعنى و استقراء ما قبل كتابة النص كمشروع ، ما بعده كاكتشاف إنجازي إبداعي تجديدي إضافي يشاطر المتلقي في ثلاثية النص و المتلقي والناقد، ما بعد ذلك من تحفيز الوعي العام - الخاص - الوعي الفني - تهذيب الذائقة الفنية. المديح إجراء أهوائي و مزاجي له علائق شتى بالمتلقي و مستويات تأثره الآني بما يقرأه قد يصيب، قد لا يصيب في غياب المرجعية المعرفية عند قراءته لنص ما. الشعر المكتوب الآن شعر معرفي مع اشتراطات الشعرية - مزاياها الشعرية - الفنية -ا لإبداعية - الكتابية - المواهبية. شخصيا أرجح القراءة النقدية الجادة الموضوعية لما أكتب و المديح تحصيل حاصل لما يكتنز النص من إبداع و تجديد و زاد معرفي و موهبة خلاقة.
الإبداع؟ س "الكتابة ليست هينة و خاصة الكتابات الرصينة و الإبداعية"، إلى أي حد ترى أنك تمتلك أيقونة
ج الكتابة مخاض بالمعنى المجازي، أقصد الكتابة الحقيقية التي تمتلك اشتراطات المَلَكة الفطرية و اللغة التعبيرية التي تستند إلى أسلوب خاص - ثقافة معرفية - امتلاك الأدوات الفنية من مخيلة حية متحركة - رؤيا استثنائية بمعنى الذات و الآخر و الموضوعة و الفكرة. لا يمكنني تحديد أيقونة الإبداع و بالتالي لا يمكنني الإدعاء بأني أمتلكها و لكني أعرف نفسي، ما لها و ما عليها، أعرف قيمتها الكلية بجزئياتها، - متيقن بأن ما أكتبه يختلف عما يكتبه الآخرون من الوجهة الاستيعابية - التحليلية - الاستقرائية - التخيلية - الحدسية - الاستشعارية، لا تنسي بأن فيّ مخاض تجريبي أحاول من خلاله التعبير عن أمور قد لا يستشعرها الآخرون، على الأغلب الإبداع نسبي، لكن الزمن كفيل بإحقاق الحق و إبراز الحقيقة بشكل محايد بعد مرور سنوات طويلة كما حصل مع السياب و فان كوخ وغيرهما كثيرون.
س يقول الأديب و المفكر و الصحفي و الشاعر المصري "عباس محمود العقاد" " إن الغرابة ليست بعيب، و لكن المألوف هو المعيب إن قصر عن الغرض المطلوب"، يعتبر الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" بأن "المألوف هو اجترار ما سبق طرحه و معالجته بتقليدية و الخروج منه اكتشاف ما هو جديد و الإتيان به ليكون ضديدا لما سبقه، كنصوصي الشعرية و القصصية و مقالاتي"، بين نقطتي المألوف و الغريب ما هي مميّزات الخط الرابط بينهما في أعمال الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" و هل تعتقد بمتانة الترابط القائم بينهما؟
ج ما قاله الكبير العقاد رأي و الرأي يُحترَم و لكن يقبل السجال و إعمال الفكر وطرح آراء آخري توافق و تخالف ذلك الرأي، و لا تنسي زمكانية العقاد و زمكانية واقعنا الآن بكل جزئياتها الحسية المادية و الاعتبارية المعنوية الروحية. بالنسبة لسؤلك يتوجب رفع اللبس الحاصل حول معنى و مفهوم المصطلحين ( المألوف - الغريب ) ، أنا أسميهما المألوف و اللامألوف، المألوف برأيي هو كل ما يعرفه و يحسه الإنسان، أي وجوده حاضر، في متناول كل إنسان ، حين التعبير عن ذلك المألوف كتابيا، بنمط مألوف أيضا فنيا - أسلوبيا - رؤيا - طرح - معالجة نكون أسارى لما هو تحديدي الحدود ، حين أقول : - أحبك، لا أكون قد آتيتُ بشيء جديد فنيا ، تعرفين الإبداع قبل كل شيء اكتشاف - تأسيس - إجراء - إنجاز ، لا يتحقق ذلك إلا بتجاوز القوالب التحنيطية الجاهزة التي لا تضيف شيئا للمتلقي ، هذا ما قصدته باللامألوف ( الغريب )، لن تأتي الصور الشعرية في الشعر إن لم تكن المخيلة نشطة ، متحركة ، لا مألوفة ليغدو ما يُكتَب شعرا إن كنا نتحدث عن الشعر على الأخص، لا تنسي الواقعية السحرية لكتاب أمريكا الجنوبية و اللاتينية حين قلبوا نمطية الكتابة ومفرداتها المختلفة بأسلوب ابتكروه، خاص بهم، سُميتْ بالواقعية السحرية، من يقرأ ما كتبوه ويقارنه بما كتبه الآخرون من الكتاب الكلاسيكيين ووو، يحس متيقنا بالفارق الكبير بين نمطية الكتابتين وألياتها التعبيرية و الفنية و الإنجازية و الإبداعية. ماركيز أنموذجا، ما أكتبته أنا كما أسلفتُ، تجريبية التعبير في ما يتجدد - يتقلص - يتمدد في ما هو موجود – لا موجود، في ما هو مرئي - لا مرئي من مفاجآت الواقع / الذات / الموضوعة / الآخر في جزئياتها الحسية - الروحية، التعبير على قدر الحالة سلبا و إيجابا، هذا ما أنا منهمك في تجربته و سأستمر.
س "بالنسبة لي أتمتع بالتوازن ما بين الحسي المادي وبين الروحي الاعتباري المعنوي، و أميل أكثر إلى الاعتباري المعنوي"، خلق التوازن بين المادي و المعنوي كيف يبني خاصيات الكاتب بصفة عامة و مميّزات الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" بصفة خاصة؟
ج لكون الحالتين مهمتان و حقيقيتان و ضروريتان، المنطق يتقبل بأن المادي الحسي و الاعتباري المعنوي الروحي، حقيقة مثالية و واقعية، التوازن بينهما يحتاج من الإنسان قوة – عقلا - روحا، الأكثر ديناميكية هنا، قوة الروح بمفهوم انضباطي ترفعي لما هو نمط أناني يشبع الذات أحاديا و يهمش الذوات الأخرى التي يدعي بأنه يتحدث عنهم، يحس بما يحسون به، الروح الناصعة دوما تحلّق في اللامنتهي، الروح الغير ناصعة عكس ذلك، بالتالي من يفتقد إلى السكينة في روحه لا يقدر على التحليق مجازا، لا تكون مخيلته متحركة، حية، لا يقدر على الإبداع - الاكتشاف - التأسيس، قد تختلط المفاهيم عند البعض، لكن أدعو الكل لقراءة ما يكتبه المتصوفة من كتابات - شعر - فلسفة، مثل ابن عربي - الحلاج - التركي جلال الدين الرومي – الشاعر والمتصوف التركي يونس أمرة. التوازن بين الحالتين قوة بمعنى روحي ودفق - إشراقات، تجاوز للمألوف الذي خذل الذاكرة الجمعية - الوعي الجمعي - اللاوعي الجمعي، خلق مسوخ تهوى التبعية، غير حرة، غير مستقلة، بالمحصلة، ما ذكرته فيما يخص التوازن، ميلي إلى الروحي المعنوي الاعتباري، منحني الحرية – الاستقلالية، غدوت حرا- مستقلا كإنسان قبل كل شيء، أكتب كحر - كمستقل نأيا عما عدا ذلك من مؤثرات شتى.
س هل انطلاقا من قناعتك هذه نفهم معزى قولك بأنه "ينبغي التوفيق ما بين المتخيِل و الحقيقي كي لا تكون الفوضى معيارا إجرائي"؟
ج حتما ، حقيقة لا مرئية تُستشعَر - تُستلهَم - تُدرَك المتخيَل ككيان لذاته، باستقلالية قطب مؤثِر - حيوي - إسقاطاته ذات أبعاد كلية و جزئية في الكون - الحياة - التاريخ - الذات - الذاكرة الجمعية - الوعي الجمعي - اللاوعي الجمعي - الوعي الكتابي الإبداعي - الفكري - العلمي – الحقيقي، نظير المنطق بوجوده ومفرداته - كيانه - إسقاطاته الأفقية - العمودية ليكون التوازن معيار عنفوان وحيوية وإحياء، لتغدو المعادلة تناصفية تشاطرية وفق العلة - المعلول - تجليات النتيجة كاستقراء علمي - حدس روحي - تفكير فلسفي، يميط اللثام عن صخب السكينة و صمت الفوضى، الفوضى في علة المبهَم، المعلوم انبساط الروح - مسرة القلب - عضوية العقل و تجلياته الإبتكارية نأيا عن الجمود - القولبة - الأحادية - نظرية التسطيح و التجهيل.
س هل هذا يحتاج لخبرة أم لموهبة؟
ج الاثنان معا، عبر مكابدة داخلية - خارجية - تنسيق الموجود الذاتي ومعطياته مع الموجود الخارجي ( الكوني - الحياتي - السردي- المصيري - الوجودي الحسي و الاعتباري )، الأصل في التركيبة التي تضمر الأكوان بقوة الروح / بصر القلب / قوة الروح / حركية العقل وفعاليته ليسقرء، ثمة أمر مهم، وهو قوة الروح وموهبتها في الاستشعار المسبَق والاستلهام لما بعد الحالة، لتكون الصورة واضحة في حقيقتها المجرَدة، كي لا تكون الحالة الظواهرية ( نسبة إلى الظواهر جمع ظاهرة )، أن تفهم، ينبغي أن تحدس، حين تحدس، الروح لها القوة في احتواء وجود ما موجود واستشعار كل جزئية يمكن أن تأتي بفعل ما، منْ يفقه السر؟، الحجاب بحاجة إلى بصيرة غير مألوفة - قوة إدراك - فهم - استشعار كنه / معطيات / مخرجات ذلك السر، حتما من له حظ من الموهبة اللامألوفة / الخبرة المتراكمة الكامنة في الوعي واللاوعي / له مخيلة استثنائية.
س من أقوال "هاينرش هاينه" أيضا "الخبرة مدرسة جيدة لكن مصروفاتها باهظة"، إلى أي مدى توافق هذا الرأي، و ما هي حسب رأيك، العملة الأنسب و الموصلة لسعر الرضى؟
ج النسبية كنظام توازني لها منطقها - معطياتها - تطبيقاتها المرئية / اللامرئية، كذلك السببية كتأويل عقلي يستلهم العلائق ما بين الأشياء - الموجودات - الكيانات في سرد الوقائع ودرجات تأثيراتها ونتائجها / الفلسفات / المعارف / السلبيات / الإيجابيات المستولَدة من جرائها. النقطة الأبرز هي، أن كل فعل له ردة فعل، العكس صحيح أيضا، كل شيء له ما يقابله، لتكون المعادلة المستنبَطة ذات عقلنة، تجاري التأويل المنطقي كلاّ وجزءا. طالما نعيش فمن المنطقي نحن أبناء بيئة لها اشتراطاتها / حقائقها / مزاياها / إرهاصاتها، من المنطقي أن نتأثر ونؤثر، لكن بنسبية، الإنسان بالغريزة يميل إلى البحث و التجديد - الاكتشاف - التأويل – الاستلهام، دون أن يظل جامدا أحاديا، ليتحول إلى روبوت، كما هو مشاع الآن. هل الذي يحارب بعلة معقولة / بعلة غير معقولة ؟، لا يفقه، بأن الحرب مسببة للموت و الدمار، لكنه يخوضها، أرى الحركة هي السمة البارزة في حياة الإنسان، هو حي في الحياة، ما معنى كل الحضارات - المعارف -الثقافات - الابتكارات - عمليات القتل والمذبح - الحروب الطاحنة والإبادات، برأيي العلّة هي الحركة سلبا – إيجابا، هي غريزة متأصلة. ما قلته من قبل عن التوازن ما بين الروحي المعنوي الاعتباري - المادي الحسي، هو الحد من الفوضى ما بين المتخيَل / الواقعي، عبر آليات التهذيب - الأنسنة - المحبة - تقزيم الأنا الهائجة إهوائيا / مزجيا دون رادع أخلاقي - وازع إنساني قيمي. على العموم أعتقد ثمة من يلتزم وجهة القوة اللينة، وثمة من يلتزم وجهة القوة الصلبة وفق التأويل الفلسفي الغربي لماهية القوة وحركتها، قرائن ما أقول، نظرة تأمل لإرهاصات الكون سابقا / حاضرا / مستقبلا أيضا سيكون الاستقراء مصدر حزن وألم.
س هل يعني هذا أنك تنسجم مع رأي الفيلسوف و الروائي الفرنسي "جان سارتر" عندما قال "من لا يجدّف هو الوحيد الذي بإمكانه أرجحة القارب"؟
ج ما يقوله سارتر يخضع لزمكانية لها خصوصياتها - اشتراطاتها – حقائقها، لا ينبغي إسقاط كل رأي على حالة مغايرة، توجسا من الفوضى و نأيا عن التوازن الموضوعي لثنائية الفعل - رد الفعل - الوسط الموضوعي الخاضع لنوعية العلة / المعلول / النتيجة، ثمة بون شاسع بين الحركة - السكون سلبا / إيجابا - موضوعية الاشتراطات بجزئياتها التي تخضع لعلل وجودها / حدوثها بمنطقية خاصة، الألغازية في ماهية الإنسان غموض جميل / قبيح أيضا، لفضاءات جمال القبح من ناحية / قبح الجمال من ناحية أخرى، ماهية الجمال كحقيقة تخيلية / واقعية، كمفهوم - معنى يجانب ما قلتِه أنتِ كتأويل حقائقي بعقلنة الحالة و تفكيكها جذرا - أصلا - ماهية - دور - وظيفة إجرائية، حين تصطدم بما تناظرها في الفعل / رد الفعل، تأصيلا - انعكاسا - تطبيقا، سرابات المعنى شيء، و معنى المعنى شيء آخر، ذاتية المعنى شيء، و انعكاسات المعنى شيء آخر، النتائج قد تكون موضوعية، قد لا تكون، آنيا / سرمديا، ثمة سرمدية لأشياء عبر خلودها في حقيقتها، وعبر تأثرها الإجرائي، ثمة أشياء تتحكم بها آنية اللحظة / علل ما موجود، ليكون الوجود أسير منطقيته اللحظوية، تظل في بقعة ضيقة، بحكم ثوابت وقائعيتها التحديدية المقنَنَة.
س "ثمة سرمدية لأشياء عبر خلودها في حقيقتها و عبر تأثرها الإجرائي"، هل تعتقد أن هذا الخلود ينطبق أيضا على الأشخاص، و هل توافق، من هذا المنطلق، رأي الشاعر و الكاتب الألماني "برتولت بريشت" القائل "لا يموت الإنسان إلا حين لا يتذكّره أحد"؟
ج الخلود بمعنى حجز مقعد قي الذاكرة الجمعية عبر قوة الإنسان الآدمية - العقلية - القلبية – الروحية، أبعادها التأثيرية الإضافية في مرتكزات الأخر القناعية من تشتيت / بعثرة ما أمن، وإلتزم به، بتجهيل – تسطيح، كحقائق مسلَم بها، لا يمكن دحضها، بقناعات / قرائن / حجج أخرى، من هذا المنطلق، ثمة أشخاص يجّملون مجتمعاتهم، بما قدموه وأضافوه لكُنْه – أقطاب، تستند عليها هذه المجتمعات، في بنيات فضاءاتها الداخلية الفطرية ومؤثِراتها الخارجية باتجاه الآخرين، هم في حقيقة الذاكرة الجمعية، بحقيقية موضوعية قرائنية، مأساة المجتمعات تلك، إنها لمْ تُجمِل هؤلاء الأشخاص في حياتهم، السرد الموضوعي الحقيقي للتاريخ، ولج بهم بقوة في تصانيف الخلود، كاستمرارية - كذوات – كرموز، تتباهى بها الأمم، الأمثلة كثيرة على ذلك، الكل يعرف ذلك، نعم الخلود، ظاهرة لمفهوم اللامألوف الذي قلته مما سبق. هنا ينبغي الانتباه إلى ذاكراتنا الجمعية، لتحليلها بتعليلية – سببية، لنكون على دراية بالماضي لتحسين الحاضر و التهيؤ للمستقبل، ثمة خلود ِخاص، للأشياء – للموجودات، ذلك تنيبه لكل عاقل بالماهية - السببية - كينونة الموجود في الوجود.
س أين نجد حوك الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" من الإضافة و بالتالي من تجميل مجتمعه؟
ج لا أستطيع الجزم، هذا الأمر يأخذ وقتا لتنضج الرؤى / القناعات، وتتغير ذاتية الوقائع- الأشخاص عبر أجيال، غير جيلنا، ليكون الحكم بموضوعية، والتقييم وفق قيمة المنجَز وأبعاده وتداعياته الاحتوائية والتأثيرية، كل منجّز خارج المألوف يتخطى زمانه، بقانونية الكتابة الإبداعية الحقيقية في شتى المعارف، سأضرب مثلا، فالإمام علي ( ع ) يقول: - ( إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلق)، ما قاله كان منذ قرون خلت، لكن الأمم المتحدة تبنتْ مقولته، اعتبرته حاكما عادلا، وألف مؤلف مسيحي حول العدالة الاجتماعية للإمام علي ( ع )، ما قاله لمْ يُستَوعَبْ في حينه،للتضاد الحاصل، بين نمط تفكير الأمام علي، ومن عاصروه، لعلل كثيرة معروفة للجميع، لكن أن يتخطى قوله، زمكانية الكون - القرون – الأجيال، فهذا مصداق كلامي، الأمثلة كثيرة على ما نحن بصدده في شتى أمم الأرض. كإنسان - ككاتب - كشاعر - كفنان، أعبر عن آدميتي بالحرف والقلم، الزمن كفيل بإنصافي، وبإنصاف ما أكتبه.
س متى يتأسّف الحرف للكاتب و الشاعر "قاسم آي بايراق"؟
ج لا أظنه يتأسف، بيننا وئام - عهد – محبة – سر – غموض – عشق – تلازمية – تمازج توأمي - وشائج لها التأصيل، لكن مزاجينا أحيانا يؤثر / يتأثر بأحدنا الآخر، هو ينتسب إلي وطوع أمري، بعد إحكامي الطوق عليه، بيننا أكوان من جدلية الروح - إلتماعات العقل - إنشاطارات الفكرة / تجلياتها / تغنجها بما يسهم في مشاكسة الموضوعة، واستفزاز الفكرة، لتكون الكتابة تركيبة كلية مني / منه، لا أنسى الضياءات الحية الأصيلة / الضياءات المكتسَبة من محاذاة دورات ما قبل الكتابة وما بعدها، كلانا حزينان دوما، لعلة في أن أكون أنا آدميا، وأجهد لأغدو آدميا، باستمرارية مشاطرته / تفاعله من داخلي وخارجي، إجمالا هو خليل صدوق، وأنيس له مسرات روحية، تجلب لي السكينة التي لا أجدها في حسية / مادية الحياة الأحادية الرتيبة القاسية.
س هل يمكن لعلاقة الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" بالحرف أن تزجّ به داخل أحضان ورق تساقطت أليافه و تجالسه لقلم جفّ حبره؟
ج لا أظن بالمطلَق، قد لا أكتب لشهور، بل لسنين رغبة في إعادة لمللمة الذات، و تركيباتي الإبداعية، للبحث عن أطر تجريبية للموضوعات التي تشغلني، أهجس لأعبر عنها بنمطية تعبيرية حداثوية، تمنح الفكرة أبعادها / خصوصيتها / حقيقيتها التخيلية و الحقيقية، و لكن الوشائج بيني و بين الحرف لا تتأطر بورق و قلم، بل أبعد من ذلك لكون الحرف كائن ناطق - أخرس بالنسبة لي، هو يرتديني، أنا أرتديه، في خضم ما هو تخلي / حقيقي، المسألة برأيي في معرفة - فهم مفاتيح الحرف ( علما الحرف مقدَس )، وجلبه إلى دوائر الذات، ليستوطن فيها، ليكتسب الخبرة، ليتقن المحبة، ليحس، ليفهم بالإشارة - بالومضة – بالشرارة، كي لا يندلع فيه النيران، لأن الكتابة مجازا نار خابية - نار مندلعة، هذا ما يسرني، يؤلمني، يحزنني كآدمي.
س "الكتابة مجازا نار خابية و نار مندلعة" هل هذا يعني أنك لا تحاجج "سارتر" في رأيه عندما قال " الكلمات مسدّسات محشوّة"؟
ج لا أعتقد، الكتابة ليست انفعالا آنيا ترتكز إلى أدلجة أحادية، بالمعنى المجازي الكتابة أخطر مما يسوقه سارتر، كما قلت وسأقول بأن الكتابة قوة معنوية - اعتبارية هائلة، الكل يخشاها، يحسب حسابها منذ التاريخ، وإلى يومنا هذا، وإلا ما كُنْه – جوهر – معنى - دور المعارف / الحضارات / الثقافات / الإبداعات، بدون الكتابة.
س ما هي الركائب التي يستقلّها الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق للعبور بين الثقافتين التركية و العراقية و في أي ميناء يعتقد أنه أرسى؟
ج في البدء، أنا تركي عرقيا، إنسان أصالة، التركية لا علاقة لها بتركيا كبقعة جغرافية فقط، بل لها استناد جوهري بعرق اسمه الترك، العراق موطني، كما هو موطن الآخرين، أي أنا تركي عراقي، لي خصوصيتي العرقية، و خصوصيتي الوطنية العراقية، و حقيقتي الإنسانية، البيئة العراقية من حيث اللغة عموما عربية في مناطق سكنى العرب العراقيين، ويعرفها غير العرب أيضا. العربية لغة رسمية و لغة الدولة، فمعرفتي لها، الكتابة بها جد طبيعي، ما إكتنزته من معطيات ثقافية، كمرجعية تصنع الخلفية الثقافية، كانت باللغة العربية والتركية. التركية لغتي القومية العرقية، رغم تعرضها وتعرضنا للقهر- الظلم – الحظر، من لدن الحكومات الانقلابية المتعاقبة، إلا أننا تمكننا من الحفاظ على خصوصيتنا القومية - تراثنا - لغتنا - أدبنا - ثقافتنا، لنا ثقافة شفاهية ثرية، كذلك لنا ثقافة حية، ووجود اعتباري معنوي / حسي مادي، لكوننا القومية الثالثة في العراق بعد العرب والأكراد، تعداد نفوسنا ما بين 2 – 3 مليون. منذ أن بدأتُ الكتابة، أكتب باللغتين التركية والعربية، حتى تداخلتا في جوهري، لا أجد بأسا في أن أكتب جملة بالتركية، و أنهيها بالعربية، العكس صحيح أيضا. معرفتي باللغتين، قراءاتي، كتابتي بهما، منحتني ثراء لغويا - معرفيا - إبداعيا للفوارق الأفقية و العمودية بين اللغتين، وسعت من مخيلتي الاعتيادية / المتحركة الاستيعابية التكوينية، ربما يلحظ القارئ في ما أكتبه، تأثير اللغتين والثقافتين، في طرحي ومعالجتي، لما أكتب، توظيفي للعلائق اللامرئية لمعطيات / إسقاطات اللغتين والثقافتين، هذا عندي شيء تمازجي / تفاعلي / تعبيري، أجد متعة، يسرا في ذلك.
س يقول الشاعر "هاينه" "المتعة ليست سوى ألم جميل" فهل تتحسس هذا الشعور؟ و هل تلمس فعلا أن المتعة هي لحاف للألم؟
ج هذا يتوقف على إدراكنا، وإحساسنا بمفهوم - معنى الوجع - المتعة - التناظر بينهما، من حيث العلائق المرتبطة بكُنْه الوجع، كحالة رد فعل لفعل خارجي، يستفزنا، وما ينتج عنه كإفراز اندفاعي، يلملم الذات كلا / جزءا، ما تُكنى بالمتعة، أي متعة نقصدها، برأيي الأهم الوجع، الثنائية في منطقها الخاص، لها فرادة الانتماء - الماهية - الدور - المعطيات، إن شُخصِنتُ الحالة، في دارة الذات، ما لها و ما عليها، الكتابة مخاضات تترى، ما فيَّ يأبى التقوقع - الانكماش - التغييب – الانزواء، ديدنه التحرر، ما يترشح من هذا التحرر، من البداهة أتحمل مسؤوليته كليا، بالتالي يسرني، لأني كنتُ العلّة لوجوده، ليس بالمقدور تهميش / إلغاء المسرات الروحية، لما بعد البوح، بما يستفز الوعي وينشط المخيلة، ينبغي التأكيد على حقيقة موضوعية، كل شيء له ما تقابله، كتناظر تشبيهي، بينهما العلائق جدلية ارتدادا، اندفاعا بمستوى قناعي جالب الرضا للنفس، لأن الأساس في الإنسان، هو الاكتشاف الإجمالي، كل شيء له ضريبة معينة، إن رمنا إنجاز فعل، وتحريك ساكن بحركة ما، أي امرأة تتمنى أن تكون أما، رغم علمها ومعرفتها بمسؤولية الزواج - الحمل - المخاض - التربية - الرعاية، تدرك كل هذا، حين تغدو أما، كل ما ذكرته تعيه، تعتبره هبة - نشوة – يمن فطري - مسرات روحية / قلبية، تتوافق مع فطرتها الآدمية، رغم كل هذا، تمنح الحب - الدفء دون مقابل. إن أسقطنا الحالة على الفعل الكتابي، الإنسان يتخطى الأطر المألوفة، لمعنى المعاني إلى معاني أخرى، يمكن الاستدلال على ذلك، بسعي الإنسان للخروج من الحيونة الأحادية إلى الأنسنة الشاسعة، مع إدراكه الضريبات التي يتوجب عليه تحملها، دفعها، كمقابل لما يريده، من متعة أنسنة، تمنحه الإحساس بآدميته الحقيقة، وهو الأساس في وشائج الإنسان، مع الثقافات - المعارف - الحضارات - العلوم - الفنون أبدا.
س على عتبات الإحساس تجلس الأحزان و الأفراح، تتبادل الأنفاس و تشرب الروح في الأقداح إلى أن يولد ابن الألم ليكبر و يدعّم أنين الجراح، فهل من سبيل لمسرّة تكون للآه الرماح؟
ج العلّة في الوجود، من الوجود تأسيس وجودي - ووعي - عقلي - روحي لماهية الوجع، ومعناه المرتبط بين العلائق اللامرئية بين الذات – الآخر- الفعل وحركته الكلية / الجزئية في تركيبة الكون، داخله الحياة بسردياتها المتنوعة -اختلاف الأهواء - الأمزجة - الرؤى - الاتجاهات الفكرية - المدارس الطافحة بنمطية الأخذ / الإعطاء بين الفعل - رود الفعل سلبا / إيجابا / زيفا / حقيقة. الوجع ابتداء تحميصي - تعليلي للفهم الصادق والإحساس العميق، في فلسفة الموجود ككيان حراكي، وبين الوجود كمنظمة مركبَة من الشيء - نقيضه و إفرازاته، المسرة هنا ذاتية التأويل، الإحساس في معنى شخصنة الشيء المراد تقبله والتعاطي معه، لتكون آليات الاستقراء محكمَة البنيات، لها القدرة على الصمود قبالة اللاحقيقة، من وجهة نظر البعض، وحقيقة من وجهة نظر البعض الآخر، في غياب الحقيقة المطلَقة، التي هي الغاية والوسيلة أيضا، لكوننا نعيش ضمن الواجب - المسؤولية - الدور - الفعل- الحركة بسببية / بنسبية كلية - جزئية.
س بين أزقّة "عرس نسيمي" و بابا كركر"، كيف لنا أن نستنشق عبق الكلمات و أن نلامس عاطفة السطور؟
ج ثمة تحول، قفز بين الزمكانية، لجوءا إلى معرفة الذات بين الذوات، تأطير العلائق بين الأكوان المنضوية في الكون الأحادي. ما أكتبه هو أنا، لذلك رمتُ التحرر من تدجين كل ما متعارف عليه كحقيقة مسلَم بها، لاكتشاف حقائق أخرى، عبر تنشيط الحس - الوعي - الاستلهام – الاستشعار، لكوني أكتب بكلي، وليس بجزء كلي، العاطفة، أو ما أسميه العاطفية، ليست انفعالا إحساسيا أحاديا جزئيا، كرد فعل لفعل جزئي وكلي، لا تنسي أكتب بروح الشعر، بأدوات الحرف، بمعاونة العقل - القلب - الروح واشتراطاتها، النطق بكل الصدقية رحلة مباحة حينا، رحلة محطورة حينا آخر، أجدني روحا لا مرئية تلج المحظور، تستأنس المباح، تكافح للتحليق في مديات ما بعد البعد، وما بعد المحسوس - المدرَك -المقلوب، العاطفة حاضرة بتعريفي، بعنونتي أنا، مع الإدراك / الفهم / الاستقراء / التأمل التفكيري، ليغدو ما أكتبه خلطة معرفية، تستفز، تحرض المتلقي كليا، لا يمنحه إحساسا تجريديا فقط، ينساه بعد حين، يؤسس لووعية بعد اكتشاف مناطق محرمَة، لمْ يألفها ( المتلقي ) من قبل، رضي بما هو موجود، إن كان لا يضيف إليه شيئا بحكم التواجد بين المخاضات، وما أكثرها.
س "أكتب بروح الشعر"، "إلى الجحيم لتمضى ابتسامات الشعراء"، ماذا يمكن أن نفهم انطلاقا من فحوى هذين الاعترافين؟
ج أكتب بروح الشعر، ليس بظاهره الذي يعشقه الكثير، ممن يدعون بأنهم يكتبون شعرا، و ليس كلمات منمَقة وهجينة، تُلقى دون شعرية و صدقية، الشعر لا يُعرف، مها رمنا تعريفه، الإحاطة بماهيته، المحاولات كلها لتعريفه، تشخيصه كانت شروحات تتمسك بظاهره السطحي، وليس جوهره. روح الشعر أعمق من الشعر ذاته، يتخطى الشكل - المضمون - الصورة الشعرية - الفكرة – الذات، لتستولد تركيبة لها اشتراطاتها / لغتها / مدياتها، أما جملتي التي إجتزاتها من نص طويل ( لتذهب إلى الجحيم ابتسامات الشعراء ) من مجموعتي ( بابا كركر / كما التلذذ بالعشق، تمني الموت، اشتهاء الحياة )، النص هو:
– إلى الجحيم لتمضي ابتسامات الشعراء –
الأدوارُ نتناقلها ، المعجزاتُ في الصدمة تتلوى ،
أحلمُ بحلمي ( وأنا فيه طليق ) ، العرسُ يشمتُ ،
ينكل بحلمي ، فيه أنا ( روحُ دميةٍ ) تُوازي سِفْرَ الإكليل ،
تُنادمها رؤيا كرؤيا يوسف ، مخي كُرَةُ ميقاتٍ
تُحقِق الرؤيا ، يُعْبَثُ به ، يدٌ تحمله ، و أخرى
تدسّ الأنا في مصرف تأريخٍ لا تُصْرَفُ وقائعه ، الأنا
رؤيا عشقها بروز تَخَمّرِ الروح في طور التحقق
في نزيف أمسية ما ،
الأصدقاء الأعداء ، التئام جنوح التَمَثُل ،
على النعوش عرس اضمحلال ، ألغموه ، الأنا
دمٌ يُصارع لأجلي ( الدمُ كم مُسْتَفِزٌّ محياه)
الترابُ أنساقٌ للإيماءة ، الجسدُ شاعرٌ مِنْ ركام،
الفجرُ كوليرا ، الجسدُ يلسع رؤى الشعاب،
الصباحاتُ رطبةٌ ، تترقّب ( جوت قهوة)
الإفطارُ ( كسرةُ خبز يابسة ، بصلة ) يغفو في
جيب سترتهم ، العمالُ يتوقعون الآتي ، أيّاً كان،
: المُعْدَمون يحلمون أبداً ) ، المعجزةُ لتجثو)
أين أنتَ ؟! ، الصباحاتُ تهمسُ ، آثمة
قلبٌ لينبضَ في الأسفلت ، كركوك خرائبُ أشباحٍ ،
العمال أرواحٌ مسكونة بأجندة الخبز والبصل ،
عَبَدَةُ المال نقوشٌ وسلاسل وإكسسوارات ،
الفجرُ ناعسٌ ، نعوش الصيحة ، ترتدي الفجر
وزفيره ، أصدائها عرسٌ مغشوش ، النارُ مندلعةٌ ، إرجاءٌ
للروتين ، لا ودّ للنسور ، الطيور لا تُحلِّق ، نخب
العرس ومريديه ، قريني ينتحب ، أينَ زمهريره
حين يستبق الهذيان ، أغلاله أين ؟! ، إطفاء الهيام
أين؟! ، المعجزاتُ تتوارى في إثْرِ حلمي، أجفل
مخي الموزائيك ليستكين ، ليتناسى حيوانات المبادرة ، كم
تنقض
على فيروسات روحكَ و روحي ، تَتَلَمَس إشعاع الإباحة ،
تداعب رجعة الخشوع ، أزمنة الوضوء هي ، كلما أرنو
إلى صُرّة القلعة، تُصَلّي، تترمل كل ليلة، ترتل تَزُجّ
ترتيلها في همسة شاعرٍ يتوقع ( خاصة صو ) أسطورة للأرامل،
على شفا أفخاخ طيورها ، المُعْدَمون هويّاتهم ، بالونات بترول،
سمواتهم هاجسٌ ، سماءُ كركوك على جيدها أراملٌ مِنْ ثلج،
قلعةٌ مِنْ خرائب تُصلي، الأرملةُ حين أسكتُ، تأبى
النسيان، تصرخُ في وجهي:
إلى الجحيم لتمضي ابتسامات الشعراء
إلى/
الجحيم /
لتمضي/
ابتسامات/
الشعراء/...
الجملة المختزلة ترتبط بما قبلها، من الجمل والصور الشعرية، كل الخرائب - المعجزات - الرؤى - الأحلام كمتخيَل / كواقعي حقيقي، تقف عاجزة، عبر التعبير عنها شعريا، قبالة امرأة مترملة بسبب الظلم، هي تناجي قلعة خرائبية، هدمتها الحكومة السابقة، فلأستدلال عن كنهها الخرائبي، كانت شامخة منذ 5 آلاف سنة، الحقيقة القاسية، في ضخامة / قدسية ترمل امرأة إنسانيا، وتفرج الشعراء أمام مأساتها، دون فعل تغييري، كي لا تترمل، لذلك تصرخ بالشعراء، تقول الجملة تلك، هي محقة في صراخها، قولها، أؤيدها في ذلك، حتى لا يبتسم الشعراء، وثمة امرأة أرملة في مأساة حقيقية، أي تَخلُوا عن التظاهر، والإدعاء، ليكونوا بشرا يعيشون بين البشر، لهم ما لهؤلاء، عليهم ما على هؤلاء من الحقوق – الواجبات، بعيدا عن التدليس / النفاق / التقنع / الإدعاء / النرجسية / الأنانية المقيتة.
س حسب اعتقادك هذا هل نفهم أن رأيك موازي لهذه النظرة: سقطت الكلمة عرجاء، تصارع أوقات ضراء، أنين الحروف لألاء، بين أشواك أقلام مسها إزراء، كل المعاني توارت عنها الأضواء، أصبحت للهراء و الغباء إغراء، سطور هاجمها الداء، و كأن عين الدواء أخذها إغفاء، ظلام معتكر و أجواء عسراء؟
ج لا أعتقد، ينبغي عدم الخلط بين زمكانية - اشتراطات - مزايا الحالات، الرؤيا متعددة الزوايا، الزاوية الواحدة إجحاف بقصدية لوضع الشيء في موضعه، اقتران حقيقته الجزئية، بحقيقة الشيء الآنية المرحلية الوقتية، المعيار هو، كل شيء وفق درجات أهميته، يأخذ حيّزا في حركة الوقائع، وإنسيابياتها الموضوعية، كل شيء ذو أهمية في أوانه التحديدي المحدّد، في قبالته في ما بعد الأوان، ليُستقرأ إستقراءا بحيادية منطقية التأثر / التأثير / الربح / الخسارة،
سيد العقلاء الإمام علي ( ع ) يقول: - ( العاقل هو الذي يضع الشيء موضعه )، من المنطق الجزم، كل
حالة لها حالة لهاتأويلها الخاص، وإن كانت الحالات مرتبطة ببعضها البعض بشكل مباشر - غير مباشر، العلة في التسطيح / التجهيل / سوء التقدير العقلي، هي التعميم بشراسة الجهل المعرفي - الفقر الروحي - الانكماش الإنساني الجالب للفوضى المقيتة، مغيَب للتوازن المنتج للوسطية، التي هي عماد الحياة، نزاهة أنماط التفكير، شيوع المحبة في فلسفات الوجود للموجود من الكائنات - الأشياء - الموجودات، أي كل حيز له زمكانية اشتراطية، وفق مبدأ التخصيص والتعميم.
س من أقوال الإمام "علي" عليه السلام أيضا "الحكمة شجرة تنبت في القلب و تثمر في اللسان"، ما طعم هذه الثمرة في لسان الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق"؟
ج من قوله أيضا، هو سيد العقلاء : - ( أساس الحكمة معرفة النفس )، ما بين قوله حياة / معرفة - حكمة / معرفة بقَدْر الذات، ماهيتها - دورها - مسؤولياتها داخليا عبر تهذيبها بالحق، الحقيقة التي تتجلى في المحبة المطلَقة، لأن الله هو المحبة بالمطلق، هنا أرى القلب، فيما يقصده سيد العقلاء، ليس العضو الملموس ظاهريا، إنما جوهر مكنوناته التحفيزية - الاستيعابية – الإبتكارية، لما هو غير أصيل، إلى ما هو أصيل، تتوافق مع الغريزة الحقيقية المشوبة بالحكمة، التي تضمر صنفي القوتين الحسية المادية - المعنوية الاعتبارية الروحية، التوازن بينهما يميل صوب المعنوية الاعتبارية الروحية، لأنها الوجه المعرفي الإنساني، لمفهوم / معنى / كُنْه مصطلح الحكمة، بمدياتها الشمولية اللازمكانية. الإنسان حين ينطق عبر اللسان، يستند إلى ما ذكرتُه من استيطان الحكمة في جوهره، الذي عبّر عنه سيد العقلاء بالقلب، و إستطالاته التشعبية الاحتوائية. الثمرات نتاج شجرات مغروسة بزمكانية الذات داخليا، خارجيا انعكاساتها على الأخر كوجود من قلب - عقل - روح - حركة - فعل - فهم - إدراك سلبي / إيجابي من فوضى - توازن. أرى أس كل ما ذكرناه، حقيقته - جوهرة بعلمية المنطق، روحية الاستشعار – الاستلهام، هو المحبة، التي هي الشغل الشاغل للمتصوفة عبر الزمكانية السردية، جوهرا – شكلا، مذاق الثمرات هذه، يتجلى فيَّ، كإحساس بآدميتي، التي هي الغاية في وجودي، ومفرداته، ورؤاي لما هو حولي من علائق، تكمن فيها ثنائية الحسية – الاعتبارية، لأتمكن من تحديد ماهية الذات، كشخصنة ذاتية، وما للذوات الأخرى من حقوق مصانة، وجود آدمي يستحق التوقير لقدسية وجوده لذاته، وإن كان فعله يخالف المتعارف عليه من أسس شرعية - قانونية – عُرفية - إنسانية، الواجب عدم التغاضي عنها. الثمرات وُجدَت لينعم بها الكل، هذا سر، يثب خلفه كل المعاني، بجدوى الوجود – الموجود، وإن اختلفت الآراء.
س هل اعترافك هذا يؤكد لنا توافق نظريتك مع معتقد الكاتبة و الشاعرة اللبنانية "مادونا عسكر" حيث أكدت أنه "بالحب وحده نستحق إنسانيّتنا فهو المغذّي للعقل إذ يمنحه الحرية و الانفتاح على العالم و على الآخر، كما يزيده حكمة إذ إنّ عيون الحبّ لا ترى إلّا الجمال في أي شيء. الحب هو الحياة و بدونه العدم"؟
ج إن تأملت جيدا ما قلته، ستتأكدين من مقصدي بشمولية المعنى، العاطفية تحديدية، وإن تمثلت بالحب لوحده، علما أن الحب لذاته شيء، والمحبة لذاتها شيء آخر، الحب كمفهوم / كمعنى عاطفي، نقيض النقيض، أي ممكن أن نحب، ممكن أن نكره، المحبة لها مرجعيتها التي ذكرتها من قبل، العاطفية عندي أعم - أشمل حضورا - دورا - تأثيرا من المعنى التحديدي لها، أعتبرها وأسميها الإنسانية، لأنها حس العقل واستشعاره - تفكير القلب وبصيرته - طغيان الروح و وعيها العنفواني، المحبة عندي غير الحب، العشق عند المتصوفة غير الحب، ثمة حب عاطفي انفعالي رد فعلي، و العكس صحيح أيضا، و ثمة حب عقلي ذرائعي، و ثمة حب روحي مصالحي. الأصناف لها زمكانية تبادلية، يمكن أن أستدل من الماضي / الحاضر لمعطيات ما ذكرتُه، لأتيفن بأن الحب تخصيصي، المحبة تعميمية، شتان ما بين الصنفين، ثمّة إنسان أحب إنسانا، وكرهه بعد حين، العكس صحيح أيضا، تصوفية المحبة لها قوانينها التي لا تعرف الكره، الدليل ما قاله الحلاج، لمن كانوا يرمونه بالحجارة في السوق، الحادثة معروفة. اختلاف الرؤى جوهر، ما ذكرته من الحكمة – الثمرات، وإن كنا نلتقي في جزئيات معينة وفق النظرة الفلسفية – الروحية، لكنه الذات – الآخر، أيضا بسببية / بنسبية.
س كيف تصنّف حب الوطن؟
ج الوطن فوق الحب، شتان ما بين المعنيين، لاختلاف السببية – النسبية، الوطن ليس بقعة خرائطية، لا يخضع لعلائق التصنيف المتعددة ، هو احتواء زمكاني سرمدي، الحب بالنسبة إليه تحصيل حاصل، بحكم مصيرية الوشائج التي تتحكم بنا، لكوننا إرادات، نستعلم فيض حقيقتنا، من ظل يظلل سرمديتنا، اختارنا واخترناه، كتوأمين متلاصقين، لهما قلب واحد، رئة واحدة، روح واحدة.
س "المدينة الأرملة كركوك"، لماذا هذا النعت لكركوك و أي إحساس يلخّصه؟
ج ويعبر عنه هذا النص أيضا
منطق ( إنطباع مدينة)
تسبح في الفضاء بَعْدَ الدخان الأول،
زانيةٌ مستثناة، زناها عارِ الطباع،
بالبترول حَبَلَتْ ( دون زواج)،
حريق البترول تأوهها
تنجب حوارات الحريق، زيتُ الفناء قابِلَتُها،
الولادةُ ( أفواهٌ فاغرة – يأجوج ومأجوج) ،
ترضع فحم الدخان، رضيع البؤس،
يحترق الاحتراق ذاته
حُسْن البترول لعنةُ اختباء تُكْرَه على تمارينها،
للنأي عن دائرة الأنبياء، والرقص مع الأبالسة،
(شجرة الله)
خَلْق الجمرة لتمثّل الاخضرار البياض المدقع لباساً،
نحيبُ خرائب مؤّجَلَة لمدينة،
الغرباءُ في مضجعها زينةٌ أبداً
أبنائها تتنكر لهم – أقنعة بلاستيكية-
( سليلو وقود سائلة وصلبة، وقود عساكر )
البترول شعارٌ ملعون لا يُمحى، نارٌ أزلية لا تفي
الرقية لتحترق في الأزل الآتِ
القردةُ ماكرة، كباب كركوك وجبةٌ فضلى لها مكرها
تحاكي قردة الآدميين كهياكل الفحم والدخان
و جمرة اللعنة،
الجمرةُ انطفاء مجاني لدهشة الآدميين
الجمرةُ تذكيرٌ، اللحم كم لذيذ،
كركوك قبلة العسكر - العشاق - الخرائب - الأمم - الشعوب - القتل - النحر - البترول - البغايا - الأرامل – اليتامى - المغامرين - قطاع الطرق – المقامات – الوجع – الأسى - الشعر، مومس / عذراء، متزوجة دون عقد / أرملة، عاشقة / معشوقة، غاية / وسيلة، بترولها أجنة عتمة، ناسها غرباء / لقطاء، الغرباء بشهوات استثنائية، هي خرائب / نحن الظلال، هي الضياء - العتمة / نحن العشاق.
س قال عنها الفنان التشكيلي العراقي "عبد الأمير المالكي" "قلب الأمة الطيب و الحاضن"، العراق، فهل من تضارب بين التعريفين و كركوك شبل من أشبالها؟
ج قول فيه الكثير من المجاملانية، يجنح صوب الفانتازيا، يطفح بانفعال العاطفية المجرَدة الخاوية من العقلنة، التي تسمي الأشياء بأسمائها، وفق معطيات المنطق الخاص بها، المنطق العام الذي يأبى المهادنة، لا يتصالح مع الزيف باعتباره حقيقة، على الآخرين التصديق بها. لكوني من أبناء كركوك، وعشاقها الأصلاء، لا يغمرني قول العزيز المالكي بالطمأنينة، هي مفقودة أصلا في غياب الخطاب الإنساني، و بروز الخطاب التحزبي المتعدد، الذي يحاول إلباس الحقيقة لبوس التبعية، لانتماءات تنأى عن الأصالة، والتأصيل المرتكز على ماهية الحالة ومفرداتها. كركوك معلَقة بين السماء / الأرض، مدينة من ضياء – عتمة، حنو – قسوة، حيوانية – أنسنة، حقيقة - زيف، مدينة فانتازية مرئية / لامرئية، حاضرة / غائبة، أهلها خارج الزمكانية، وإن كان نبضهم في تمازج مع أدخنة البترول / احتراق الغاز وجعا وأسى، تستطيل - تنكمش - تندفع - ترتد، البترول نعمة / نقمة، أصحابها غرباء، الغرباء ملوك / أمراء / سلاطين / عساكر / قطاع طرق / عشاق / دراويش / منبوذون / قديسون. كركوك تحلّق في الأرض - تسبح في السماء، عاهرة / طاهرة، عشاقها كثر، الغاية هي الشهوة، الشهوة طاغية، هي لا - نعم، شدو من أقمار سود / شموس ظمأى / نجمات تهوي بغتة، سموات قاحلة، أرض مستقرها رصاصات طائشة / دم مهراق يترعرع لأفئدة لا بصر لها / لأرواح صماء بكماء، تجدل المأساة، تصمت، الصمت حكمة / جبن، كركوك حبلى بالتناقضات، هي الأزل بمعنى الحاضر - ماضي بمعنى الغد، أي غد؟ هذا لا أعرف...
س عندما يفقد المكان ذاكرته، كيف للزمان أن يعرّف بخطوات الإنسان؟
ج الزمكانية الجزئية - الكلية في لحظات السرد الأحادي، وفي تداعيات الزوايا المتعددة للذاكرة الجمعية، ثمة ثنائيات / ثلاثيات / رباعيات، تجنح للتحرر من سطوة قولبة الرؤى، التي قد تكون للبعض كل الحقيقة، لكن الضبابية الموغلة في المجهول الغير مُعَرَف، تغري ثنائية الزمكانية، كترابط جدلي، بأن التأويل والحركة خارجهما ضر ب من الخيال، ولكن الجوهر في تراتبية الثابت – المتحرك، يدحض هذه الانكماشية في مديات الإرادة، كثابت - كمتحرك، للوثوب على ما بعد البعد، لأن القَبْل، وما قَبْل القَبْل، يغوي اليأس وكأنه حقيقة ثابتة، الاستسلام له حكمة ظاهرية داخليا / خارجيا. الأهم في هذا برأيي، الإنسان كإرادة - فعل عقلي - حدس قلبي - استشعار روحي بآليات الوعي و اللاوعي، وأسلحة الذاكرة باعتبارها أضابير الحقيقة، فلإنسان، للأشياء، للموجودات، بمفهوم / معنى زمكانيين الذين للإنسان، المقدرة على تسميتهما - عنونتهما - تأويلهما - استقراؤهما - منحهما وجودا، كموجودين، وإن كانت الصياغة متقطعة، لكنها موضوعية و حقيقية.
س من هنا هل نفهم مناصرتك أو انعدامها للرأي القائل: كلما تأسفت لنا الأيام و هي مغادرة كلما ازددنا ضياعا بين أطرافها الراحلة؟
ج الأيام أيامٌ، نحنُ نحنُ بالأصالة، هي تراتبية تسلسلية في حركتها، لأن قانونها مُحَدََد المسار والوجهة، تمضي و تمضي حتى من دوننا، الإنسان منح الأيام اسمها، حدَّدها وفق رؤياه، إن كان حقا ضياع الإنسان بين ثنايا الأيام، لكان بمقدورنا القول، لا حياة في الحياة، الأمر كله كوابيس / تخيلات / أوهام، لكن المنطق بصدقيته، يقول غير هذا ، الضياع هنا جزئي مجازي، تعبير عن غياب التوازنية في علائق الذات، والزمانية المتسلسلة، بالتوازي مع المكانية الثابتة / التوقيت المتصل بالأيام، التوقيت متغير بين بقعة وأخرى، مما يجعل الأيام متفاوتة في الذهنية، رغم إستمراريتها الكلية لذاتها، قد تضيع الأيام، لأن الأمس غير موجود بالنسبة إلى اليوم، الغد لم يأتِ بعد، أعتقد بأن الإنسان كخلق، إرادة ، بالتالي وشائجه مع ما ذكرت، خاضعة لسر في السر، هو في المجهول، رغم محدوديته، لكونه ابتداء - انتهاء، لكن الإنسان لذاته، وفق الموت / الميلاد، مستوى أسمى، مما دونه من زمكانية، وماتتصل بهما من جدليات متعددة.
س ماذا يولّد الإحساس بالموت و اشتهاء الحياة؟
ج الإحساس بالموت حتمي، لابد منه، لأننا وُلدْنا لنموت، هذه الثنائية أس الوجود، ما موجود عالق بينهما، لأن كل ابتداء له انتهاء، حقيقة منطقية - موضوعية. كإنسان تشغلني هذه الثنائية دوما، لأنهما غموضان جميلان، تؤمان متناظران يختصران المسافات بين نقطة و نقطة. أن نلهث صوب الموت كناية لاشتهاء الحياة، أن تحس بشيء، معرفة بذات الشيء وما بعده، إحساس ليس بانفعال عاطفيي، بل مرتبط بكلي، الحياة واشتهاؤها موازية للموت، الإحساس به و العمل على ابتداع توازنية، ليكون ما بعدها، إشراقا من كريستالات الروح، نفحة من أعين القلب، نصوعا من ترنيمات الروح. رجوعا إلى جذر السؤال الملِح و هو : - الإنسان امتياز إلهي لعلة خلقه، ذو إرادة، حر،ما يفعله من جميل / قبيح شأن آخر، يُؤخذ عليه، لكن العلة، هي القدسية، في أزل نشأته / خلقه بين ابتداء ( الحياة )،وانتهاء ( الموت ).
س نحن حياة للممات كدرس بلا طلاب و طالبات، نحن أصوات لسرد الروايات خلت من آذان متعظات، نحن كلمات نحبت صفحات معدمة من أي كتابات، فلسنا حرية في السجون، و لسنا هواء في التراب مدفون، و لا نحن دموعا لغسل الجفون، فمن نكون؟
ج كنا لنكون في الكينونة، تكون، الكينونة كانت، ستكون، لأنها كانت، نحن قبل أن نكون، كنا لنكون، لكوننا سنكون، نحن أدمع فاترة - دماء تنهمر - نبضات تشهق - سرمدية تعتق نفسها، لتظل الظلال، ظلال الظلال شبيهة أصلها، نحن أرواح تترى تنزلق - تهوي - تحلّق - تنوح، نحن عقول كما النار - الرمادات تندلع / تخبو، نحن النقاط بين الخطوط، نحن نحيى لنموت - نموت لنحيى، نحن نقيض النقيض، نحن الغاية - الوسيلة، نحن العتمة - الضياء، نحن سرابات التمني - إرهاصات الكوابيس، نحن قابيل - هابيل، نحن الملائكة - الأباليس، نحن البَيْن في الفردوس - الجحيم، نحن المحلقين في الأرض - السابحين في السماء، نحن البحور - الأصداف / المحارات / اللؤلؤ، نحن معادن رخيصة - غالية، نحن القاتل - المقتول، نحن الأحرار - العبيد، نحن المحبة - البغضاء، نحن الجرح - المدية، نحن المسرات - المآسي، نحن الأزل - العدم، نحن ما بين الأول - الأخير، نحن الصفر بين الأصفار، نخن العدد بين الإعداد، نحن الرقم في تسلسل الأرقام، نحن كل شيء - لا شيء، نحن النقيض في النقيض، نحن الحقيقة في الحقيقة، نحن نحن لأننا نحن.
و سنبقى نحن
شكرا لك الكاتب و الشاعر "قاسم آق بايراق" على خصوبة حرفك و ثراء عطائك و علو عباراتك، دمت في رقي و إلى لقاء آخر إن شاء الله.
شكرا لك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.