معاناة شديدة يعيشها مرضي التأمين الصحي يومياً خاصة كبار السن الذين ينهكهم الروتين اليومي والإجراءات الإدارية والزحام الشديد من المرضي أمام لجان الأورام والقلب. يمضون ساعات طويلة انتظاراً لدورهم لختم ورقة الموافقة علي العلاج. حتي الأدوية ينتظرها المريض بالأسابيع حتي يتم الموافقة عليها رغم خطورة حالته الصحية. في البداية يقول فكري الطاهر محمد بالمعاش إنه يعاني من مرض السكر ومتواجد في عيادة التأمين الصحي منذ السابعة صباحاً صائماً لإجراء بعض التحاليل والعرض علي الطبيب. لأنني مضطر للحضور إلي الاستشاري كل 6 أشهر للكشف وتحديد الأدوية وصرفها من صيدلية التأمين. وبعد الكشف توجهت إلي المعمل لإجراء التحاليل اللازمة فوجئت بأنه مغلق لأن آخر موعد هو 12.00 ظهراً لأضطر الصيام يوماً آخر والحضور لإجراء التحاليل المطلوبة!! يشير أشرف درويش بالمعاش ومريض بسرطان الرئة إلي أن المأساة الحقيقية هي "بروتوكول الأدوية" لأنه دائم ولا يتغير ولا يتناسب مع حالة المرضي. فكثير من الحالات تستجيب لأدوية معينة ولكن لا يتم الموافقة عليها ويدخل المريض في نفق مظلم ورحلة علاج قد تمتد إلي شهور إذا كان العلاج غير مدرج بالبروتوكول. فيدخل لجنة خاصة وعلي المريض الانتظار حتي يأتي الفرج مع حدة وشدة آلام المرض. وتعاني سمية بسيوني من الاهمال والروتين قائلة: إنها للمرة الثالثة تأتي إلي العيادة لأخذ علاج زوجها المصاب بسرطان في الرئة. وفي كل مرة تسمع الكلمة المعتادة "فوتي علينا بكرة". ويشكو فيصل محمد إبراهيم مريض سكر أنه بعد انتظار لأكثر من ساعتين أمام الصيدلية لاستلام دوائه فوجيء بخصم نصف كمية الأدوية المقررة من الطبيب بحجة نقص بعض الأصناف وأن الكمية التي صرفها لا تكفي الشهر مما قد يضطره إلي شراء باقي الكمية حتي لا تحدث مضاعفات لحالته الصحية. وتضيف هناء عبدالوهاب: أصرف علاجي من التأمين الصحي. وأنتظر بالساعات أمام الصيدلية نظراً للزحام الشديد. وفي كثير من الأحيان يأتي العلاج ناقصاً وأضطر إلي تكملته علي نفقتي الخاصة. ويوضح محمد سعيد بالمعاش أن له زيارة شهرية لتجديد قرار العلاج الكيماوي ويضطر إلي العودة إلي العيادة التي تحوله إلي اللجنة ثم إلي الهيئة مرة أخري لختمه. ويتساءل هل يستطيع المريض تحمل هذا الارهاق. فالعلاج الكيماوي يؤخذ مرتين في الشهر وعلينا الانتظار بالساعات لختم الورقة فقط دون فحص الأوراق؟! ويشكو عبدالمحسن عبدالرحمن من تعقيد الإجراءات بمستشفيات التأمين الصحي بشكل عام والتي تزيد من آلام كبار السن. حيث أعاني من الغضروف ولا أستطيع التحرك والطبيب حذرني من الحركة. وعندما طلبت زيارة منزلية رفضوا وأخبروني بضرورة مجيئي رغم حالتي الصحية. ويؤكد سيد إسماعيل كفيف ومريض سكر أنه يعاني شهرياً في التأمين الصحي فلا يوجد استثناءات للحالات الخاصة. فيضطر في كل مرة الانتظار لساعات رغم حالته وحاجته إلي مرافقة ابنته بصفة مستمرة. فالتأمين الصحي لا يوفر أي خدمة منزلية لمثل حالته. ويعبر عبدالسميع عبدالجواد عن استيائه من شدة الزحام بعيادات التأمين الصحي قائلاً: بمجرد دخول عيادات التأمين الصحي تجد زحاماً شديداً من المرضي وكثير منهم لا يجد كرسياً ليجلس عليه. وكل مريض ينتظر سماع اسمه ودوره للدخول إلي اللجنة التي تقوم بفحص هذا العدد الكبير من المرضي في ساعات قليلة ومن يحالفه الحظ يدخل قبل انتهاء ميعاد اللجنة. وعلي سييء الحظ أن يبدأ من جديد ليأتي في الصباح الباكر. ويتساءل سيد عبدالعال: كيف يمكننا تحمل 7 ساعات يومياً فهي فترة طويلة علي المرضي الذين تعدت أعمارهم الستين عاماً فهم لا يستطيعون تحمل الألم والانتظار والفحص لأخذ العلاج وفي كثير من الأحيان يتأخر الاستشاري أو يعتذر. فنضطر إلي المجيء مرة أخري. فلقد اضطررت إلي المجيء من التأمين الصحي بمنطقة ألماظة إلي عيادة شبرا بسبب اعتذار الاستشاري. ويختتم الحديث سيد عبدالهادي قائلاً: معاشي لا يتعدي ال 1300 جنيه ومريض كلي وبسبب حالتي الصحية لا أستطيع إجراء الغسيل الكلوي ووصف لي الدكتور عقاراً مستورداً ولكن التأمين رفض ورغم سني التي تتجاوز ال 65 عاماً تنقلت بين العيادات أملاً في العثور علي طبيب يعرف خطورة حالتي لأنني لا أستطيع شراء العقار علي نفقتي.