اجتماعات مكثفة ومتواصلة تعقدها فلول جماعة الإخوان الإرهابية في كل من قطر وتركيا وتونس في الآونة الأخيرة لوضع ترتيبات تنفيذ مخطط العودة بقوة مرة أخري للسيطرة علي المشهد الليبي في ضوء ما يجري من لقاءات ومؤتمرات داخل وخارج ليبيا منها ما هو برعاية مبعوث الأممالمتحدة غسان سلامة ومنها ما هو برعاية القبائل الليبية. هناك إصرار قطري وتركي علي التدخل في الشأن الليبي لتمكين الجماعة الإرهابية من حكم ليبيا بأي ثمن قطر فتحت أبواب خزائنها المالية لتقديم التمويل اللازم واستضافت فنادقها الاجتماعات السرية لقادة الإخوان وقادة ميليشياتهم في ليبيا وتركيا قدمت الدعم الأمني والسياسي واستضافت أيضاً جزءاً من هذه اللقاءات السرية لوضع مراحل تنفيذ مشروع الهيمنة علي ليبيا وترتيبات التنفيذ وأدواتها وآلياتها والإعلامية والسياسية والدبلوماسية وقنوات الاتصال مع القوي الفاعلة علي الساحة الليبية لاستقطاب أكبر قدر من الدعم الداخلي حتي ولو كان بإبداء المرونة أو بتقديم بعض التنازلات أو الامتيازات لميليشيات مسلحة منافسة أو حتي لأنصار النظام السابق وبعد التمكن يكون لكل حادث حديث كما هي عادة الجماعة الإرهابية في الحنث بوعودها وتعهداتها والتملص من الوفاء بتنفيذ اتفاقاتها وتجاربها في مصر وليبيا نفسها وفي تونس والجزائر وكل دولة كان لها مخطط فيها. بطبيعة الحال لابد أن تغلف الجماعة مخططها في ليبيا بشعارات براقة عن اسم مشروعها وعن محتواه فأطلقت عليه اسم "السلام والمصالحة الوطنية" واقترحت ما أسمته "التكتل الوطني" ليكون ستاراً للحركة من خلاله وأداة للتواصل مع القوي الأخري بإغرائها للانضمام إليه. وبالفعل بدأت الاتصالات مع بعض أنصار النظام السابق عبر طرف ثالث وقدمت لهم كثيراً من الإغراءات حول حصص المشاركة في الحكم وطلبت عقد لقاءات مباشرة في اسطنبول أو في تونس للنقاش وجهاً لوجه لإذابة الجليد بينهما وإزالة المخاوف التي يكنها كل طرف للآخر وتواصلت مع قيادات الميليشيات الإرهابية ومؤيدي أحداث 17 فبراير بغية تشكيل تحالف يضفي شرعية علي تكتلها الإخواني ويكون غطاء سياسياً لها. يقوم بالتنسيق لهذا المشروع الإخواني وتكتله المزعوم القيادي الإخواني علي الصلابي المقيم بين الدوحةواسطنبولوتونس والذي يحظي برعاية شخصية من منظر الجماعة الإرهابي يوسف القرضاوي حامل مفاتيح خزائن التمويل المالي القطري للميليشيات الإرهابية في كل مكان والذي يعتبر الصلابي تلميذه النجيب في "اتحاد علماء المسلمين" الذي أنشأته قطر بناء علي طلب القرضاوي لجمع رجال دين في تنظيم واحد تغدق عليهم مالياً ليكون أحد أدواتها في الترويج لمخططها تحت شعارات إسلامية. المشروع الإخواني الذي شاركت في وضعه قطر وتركيا يضمن لأمير قطر تميم بن حمد والرئيس التركي رجب أردوغان دوراً أساسياً في الحكم في ليبيا إذا ما تم تنفيذه كما تأملان ويعطيهما حق الفيتو علي أية قرارات وسياسات أو مواقف وهو في الحقيقة لا يعدو سوي خارطة طريق قطرية تركية لمستقبل ليبيا إذا ما سارت الأمور وفق ما تتمنيان. تحاول قطر وتركيا وفلول الإخوان من هذا المشروع جني ثمار ما يسمي الملتقي الليبي الجامع قبل أن يعقد وهو فكرة خبيثة من قطر وتركيا وجماعة الإخوان وحركة النهضة التونسية الإخوانية لإعادة تجميع التيارات الإسلامية ومعها بعض أنصار النظام السابق وبعض المعارضين السياسيين الذين عادوا مع عدوان الناتو علي ليبيا حتي يبدو أمام الشعب الليبي ممثلاً لكل الأطياف علي غير الحقيقة ولن يعدو الأمر سوي سيناريو تمثيلية معدة مسبقاً ومعروف نهايتها التي تخلص إلي مجموعة أهداف أولها بسط نفوذها علي مؤسسات الدولة الليبية والهيمنة علي السلطات التشريعية والتنفيذية ووضع شروط اختيارات القيادات العليا رئيس الوزراء والوزراء وغيرهم وبالنسبة للجيش هناك مقترحات حول دوره ومسئوليته وحجمه وعدده وعلاقته بالميليشيات المسلحة وإقصاء قياداته واختيار قيادات جديدة لا تنتمي للنظام السابق. وأخطر ما في المشروع الإخواني ولم يعلن عنه صراحة ويوضع تحت بند السرية ولن يفصح عنه قبل السيطرة الكاملة وتحقيق التمكين الكامل من مفاصل الدولة هو مكانة "المرجعية الدينية" في الحكم ووضعها فوق كل السلطات وإعطاء أعضائها حقوقاً فوق دستورية للتدخل في كل شئون الدولة السيادية والسياسية والتشريعية والاجتماعية والاقتصادية وجاءت الإشارة إليها من بعيد عندما تحدث المشروع عن دور وزارة الأوقاف والمساجد وإقامة إدارات للإرشاد في الوزارات والهيئات لربط الدين بالسياسة وإعطاء رجال الدين "وهم في الحقيقة أعضاء الجماعة" حق التدخل في رسم سياسات الوزارات والمؤسسات العامة وتأييد أو رفض قراراتها. لن نتعجب ولن نصاب بالدهشة إذا عرفنا أن من يقف وراء الملتقي وينفق علي اجتماعاته داخل وخارج ليبيا هو ما يسمي مركز الحوار الإنساني الذي تموله قطر وتستضيف حركة النهضة الإخوانية التونسية أغلب اجتماعاته ولقاءاته المعلنة وغير المعلنة وبذلت مع قطر وتركيا جهوداً حيثية لإضفاء الشرعية عليه وجعل المبعوث الدولي غسان سلامة أحد رعاته. هل ستنجح مساعي قطر وتركيا لإنجاح مشروعهم الإخواني؟ كل المؤشرات والتجارب السابقة للمجئ بالإخوان إلي السلطة منيت بالفشل الذريع حتي في ليبيا نفسها عقب سقوط النظام السابق وفي تونس ومصر وهو ما لا تريد أن تسلم به قطر وتركيا والإخوان أنفسهم.