رغم أن العام الدراسي الحالي لم يبدأ نصفه الثاني إلا أن أولياء الأمور بدأوا منذ ما يقرب من شهر أو أكثر البحث عن مدارس خاصة يرونها أفضل لتحقيق حلمهم بإلحاق أبنائهم بها. بدأ أولياء الأمور البحث عن واسطة لقبول أوراق أبنائهم بمدرسة هنا أو هناك وبدأ أصحاب بعض المدارس "يتبغددون" في انتقاء من يرضون به تلميذاً أو ولي أمر بمدارسهم رغم المصروفات الباهظة التي لا تتناسب مع أي منطق.. فمن يصدق أن مصروفات طفل في KG1 في إحدي المدارس تصل إلي 120 ألف جنيه ومع ذلك فإن الاقبال عليها فاق التصور. ومن يصدق أن مدرسة لغات لا تفرق كثيراً عن أي مدرسة حكومية رسمية لغات ولا تستعين بمدرس واحد أجنبي ويضع صاحبها شروطاً قاسية علي أولياء الأمور أن يجيدوا اللغة الإنجليزية إجادة تامة وأن يسددوا ما لا يقل عن 2000 جنيه لمجرد التقدم لاختيارات القبول بتلك المدرسة.. ورغم ذلك فإن أولياء الأمور يتهافتون علي التقدم لها لعل وعسي ينجح ابنهم أو ابنتهم في تخطي الاختبار الموضوع والفوز بمقعد داخل المدرسة وكأنهم فازوا بمقعد في مجلس النواب!! وزارة التربية والتعليم من جانبها تسعي جاهدة لإقناع أولياء الأمور بأن المنظومة الجديدة للتعليم في مصر لن تفرق بين مدرسة ب "بلاش" وأخري بآلاف مؤلفة ومع ذلك فلا حياة لمن تنادي وقوائم الانتظار بالمدارس ال "هاي" تضم أضعاف عدد التلاميذ الذين يحق لهم دخول المدرسة. أكد أحمد عيد مدرس دراسات اجتماعية أننا نعاني من اهتمام والتفات المصريين حول ما هو جديد حتي وإن كان لا يستفيد منه فأصبحت المدارس الدولية أو اللغات هاجس لديهم ويقوم كل ولي أمر بالتباهي في إدخال ابنه أو ابنته لهذه المدرسة التي لا يعلم عنها سوي المصروفات التي تتعدي أحياناً 50 ألف جنيه وأكثر. اتفق معه عبدالله محمد معلم جغرافيا ان المدارس التي تقارن ببعضها عن طريق شكل الباص الدمرسي وموقع المدرسة وشكلها لتكون مدرسة الأحلام دون النظر إلي المستوي التعليمي الذي لم يعد مرجواً بالشكل اللائق. أعرب تامر محمد معلم علوم عن اندهاشه من اقبال العديد من أولياء الأمور علي المدارس الدولية ويتذكر مشهداً من فيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" وأنه لا مكان للمعلم الحقيقي داخل جدران هذه المدارس لأن كل معلميها من الخارج أو معظمهم ولن يستطيع المعلم توبيخ أو عقاب الطالب لأنه بكل بساطة "مسنود" أما بمركز ولي أمره أو بأمواله.. والعلم إن تم قياسه بالأموال أصبح جهلاً. قال سيد عبدالعزيز وطارق محمد وأحمد سيد أولياء أمور إننا نلجأ إلي هذه المدارس بسبب الاهمال المنتشر في المدارس الحكومية ورغم محاولات الوزارة للمساواة بيت نوعيات التعليم المختلفة واللغات لكننا لا نلمس ذلك علي أرض الواقع ونريد تعليماً متميزاً وكثافات قليلة بالفصول حتي يستوعب التلميذ ما يقدم إليه كما أننا نجري هنا وهناك من أجل الالتحاق بها والتعلم هل يتم قبول الأبناء أم لا؟. اتفقت معهم سهير علي ونرمين محمد ومني سعيد أولياء أمور أننا نفضل التعليم الخاص بسبب الكثافات القليلة في الفصول كما أن هناك مفاضلة أولي الأمر بين الخاص عربي ولغات ودولي حسب إمكانيات كل شخص. ولكن الأمر الآن يتحول إلي تباهي الكثير بذلك وأيضاً الأهالي أصحاب التعليم المتوسط يريدون إلحاق أبنائهم في هذه المدارس كما أن المدارس الحكومية بها العديد من المشاكل وللتعرف التواصل مع الإدارة المدرسية. أشارت نهاد محمد مدرس إلي أنه لا يقلل من تلك المدارس بل يتعجل من سعادة أولياء الأمور في تعليم أولادهم الإنجليزية والفرنسية والألمانية. والعمل علي تدمير الهوية العربية وكأن هذا الأمر يظهرهم بالشكل الاجتماعي المميز علي عكس المجتمع الأجنبي فهل يدمرون ثقافاتهم مثلنا بل اجتاحت أمريكا العالم بلغتها الإنجليزية وجعلتها لغة أساسية لكل بلدان العالم أما نحن فإن مشينا علي نفس الدرب سنمحو كل ما يتعلق باللغة العربية. أضاف علاء العسكري معلم أنه يجب أن يهتم ولي الأمر بالمستوي التعليمي وليس الاجتماعي لأنه بكل بساطة إن ارتقت الأمة تعليمياً ارتقت أخلاقها ومستواها الفكري وهكذا سيلد المستوي الاجتماعي ولكن دون ذلك نستطيع أن نقول إن التعليم الآن أصبح عملية منظرة وتجارة وليس عملية تعليمية وأنه يجب أن تخضع هذه المدارس إلي الرقابة المصرية لرؤية نوعية المناهج والتأكيد علي المفاهيم القومية والعادات الاجتماعية والتراث الأصيل. من جانبه قال د.رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام إن المنظومة الجديدة لتطوير التعليم التي بدأ تنفيذها هذا العام تستهدف تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع المصري في الحصول علي تعليم جيد. أضاف أنه لن يكون هناك فارق ملحوظ بين التعليم في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة بجميع أنواعها خاصة أن المناهج المطورة في المنظومة سوف تتيح تعليم اللغات من الصفوف الأولي وأن طلاب المدارس الخاصة يدرسون أكثر مما يدرس طلاب المدارس الحكومية في مجال اللغات وبذلك فإن الأمر متروك لولي الأمر وحده ليحدد أي أنواع التعليم التي يختارها لابنه أو ابنته وأن القادر علي مواجهة نفقات التعليم الخاص يستطيع إلحاق ابنه بأي مدرسة يرغب فيها إلا أن غير القادر لابد أن يطمئن تماماً أنه سيحصل علي نفس النوعية من التعليم بنفس الجودة في المدارس الحكومية.