** دخل الطفل الذي لم يتجاوز 3 سنوات غرفة أبيه وظل يلعب حتي أعياه التعب فألقي بجسده علي سرير والده وعبث بيديه تحت الوسادة فوجد مكعباً صغيراً بني اللون في ورقة "سوليفان" ظنه قطعة شيكولاته فابتلعها وظل يصرخ والحمد لله ان أمه سمعته ولم تعرف السبب ولكنها لاحظت انه يرتعش وجحظت عيناه وازرق وجهه فطارت به علي المستشفي وهناك تم انقاذه وتبين ان الشيكولاته ما هي إلا قطعة "حشيش" كادت تودي بحياته لولا ستر ربنا!! هذه القصة ليست من الخيال ولكنها حادثة وقعت في احدي محافظات الصعيد الأسبوع الماضي ونشرتها الصحف.. وبرر الأب وجود "الربع قرش" بأنه كان في فرح وتم توزيعها عليه!! لم تكن من نصف قرن قد انتشرت الأنواع المدمرة من المخدرات كالهيروين والكوكايين.. ولا ظهرت الأنواع الشديدة من الحقن والعقاقير التي تؤدي جرعاتها الزائدة إلي الهبوط الحاد في الدورة الدموية والموت المفاجئ.. ولا تم أيامها اكتشاف تأثير شم "البنزين والغراء والكُلة وحرق النمل" علي المخ مما يؤدي إلي الشلل والوفاة!! زادت حالات تعاطي المواد المخدرة والكحوليات والمسكرات وكل ما يذهب بالعقول.. وذلك رغم كل جهود ملاحقة تجار وموزعي المخدرات.. وحملات محاربة الادمان.. والخطير في الأمر ان ذلك لم يعد مقصوراً علي فئة ولا جنس ولا طبقة.. فالظاهرة طالت الأطفال والكبار.. الرجال والنساء.. الشباب والفتيات.. العمال والفلاحين.. الأغنياء والفقراء.. مما يستدعي ضرورة تكاتف المجتمع بكل أجهزته ومؤسساته الحكومية والأهلية والدينية والإعلامية لمساعدة الأسرة في انقاذ الشباب والأطفال من الوقوع في براثن الادمان وتدميرعقولهم وصحتهم حفاظاً علي أجيال المستقبل وضمانا لثروة مصر البشرية.. وفي نفس الوقت محاربة من يملأون البلاد بالمخدرات ويقومون بغسيل أموالهم ويتسببون في أغلب حوادث المرور وضياع أرواح الآلاف من الأبرياء كل عام.. وتدمير الاقتصاد القومي!! لابد من استمرار ملاحقة تجار الصنف والموزعين.. والتعامل معهم بحزم وحسم.. وتشديد العقوبات مع عدم الاكتفاء بالقبض علي "صغارهم" الذين يكونون في العادة هم كبش الفداء بينما "الحيتان الكبار" من التجار والمروجين "المعلمين" يفلتون من العقاب!! .. ولا يمكن الاكتفاء بحرق عدة أفدنة معروف أماكنها تزرع فيها أشجار الخشخاش أو البانجو.. وانما لابد من البحث بالطائرات خاصة في الصحاري ومناطق "حضن الجبل" البعيدة عن العيون.. والأهم طبعا هو تشديد الرقابة علي الصيدليات وأرصفة الشوارع وأماكن بيع المخدرات وأوكارها.. وعلي المنافذ الحدودية البحرية والبرية والجوية وتزويد الدوائر الجمركية بأجهزة الكشف الحديثة عن المخدرات والكلاب البوليسية وعدم انتظار وجود بلاغات مسبقة للتحرك.. مع إجراء تحاليل دورية لأصحاب المهن والطوائف التي تزداد فيها نسب تعاطي المخدرات.. والنزول إليهم في أماكن تواجدهم وزيادة حملات التوعية بالمصانع والمدارس والجامعات!! استهداف الشباب .. وتدمير الاقتصاد ** تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.. وهي تزايد أعداد المتعاطين حتي انه في يوليو 2017 قدرت النسبة بحوالي 10% من المصريين.. أي ان هناك 10 ملايين ما بين طفل وشاب وفتاة ورجل وامرأة يتناولون المخدرات والمسكرات بأنواعها سواء التقليدية القديمة كالحشيش والأفيون والخمور والمورفين.. أو المستحدثة كالعقاقير الكيميائية "الحقن والبرشام" وتذاكر الهيروين والكوكايين وشم المواد النفاذة والبترولية وغيرها وهي أشد خطورة وفتكا بمن يتعاطاها.. ومنها ما يسبب الادمان من أول "جرعة".. مما ينفي ما يروجه البعض بضرورة تجربة كل شيء وخروج من يفعل ذلك سالماً بلا خسائر!! لا تتوقف مافيا المخدرات في العالم عند ابتكار أساليب ونوعيات جديدة غير مألوفة من المخدرات وتهريبها وطرحها في الأسواق أولاً لحصد مليارات الدولارات من الأرباح فهي أهم تجارة دولية.. وثانياً لتغييب وعي الناس وسهولة السيطرة علي الدول بعد "تخدير شعوبها"!! المصيبة الأكبر أن "عصابات الكيف" تحولت إلي استهداف الأطفال فقد كشفت الدكتورة ايناس عبدالحليم وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب عن وجود حلويات جيلاتينية في الأسواق أثبتت التحاليل انها مصنوعة من مواد مخدرة تمثل خطورة علي صحة الأطفال وطالبت بمنع تداولها فوراً خاصة انها لذيذة الطعم يقبل عليها الصغار!! .. وكانت لجنة الصحة بالبرلمان قد بدأت مناقشات منذ عدة أيام حول الادمان وتعاطي المخدرات وتأثير ذلك سلبياً علي المجتمع.. وأخطر ما قالته الدكتورة ايناس ان بعض الفئات المعنية بالرقابة علي تداول المواد المخدرة في الصيدليات وفي الشوارع هم من المتعاطين للمخدرات!! لا يقتصر الأمر علي الانتباه للعصابات الدولية التي تغرق الشرق الأوسط بالمخدرات.. فهناك بالتأكيد العديد من دول المنطقة وخارجها "بمخابراتها" تقوم بتجنيد عملاء لها يهربون المخدرات أو يمدون التجار بها.. لضرب استقرار مصر ونشر الادمان بين الشباب والأطفال والبنات لتدمير اقتصاد ومستقبل البلاد!! ويأتي في إطار هذه المحاولات ما حدث يوم الأحد الماضي عندما قضت محكمة جنايات جنوبسيناء بحبس إسرائيلي 3 سنوات وتغريمه 50 ألف جنيه عثر معه علي كمية من البانجو.. كما حكمت نفس المحكمة برئاسة المستشار معوض محمد محمود بحبس تاجر مخدرات لمدة 7 سنوات.. وفي نفس اليوم تم القبض علي 17 تاجرا وموزعا في مراكز القليوبية المختلفة يقومون ببيع مواد مخدرة مختلفة "حشيش- هيروين- برشام- حقن"!! للأسف النسب العالمية للقبض علي هؤلاء المجرمين تؤكد ان ما يتم ضبطهم لا يزيد عن 20 أو 25% علي أحسن تقدير أي كلما نجحت الشرطة في مصادرة كيلو مخدرات فانه يتسرب إلي السوق 3 كيلو. .. والأهم من كل ذلك انهم بدأوا يستخدمون الأطفال في توزيع "الصنف" ظنا ان الشرطة لن تلاحقهم ولكن منذ أيام تم القبض علي حدث لم يتجاوز 16 عاما يتاجر في المواد المخدرة بالجيزة.. فهل هناك علي المجتمع أخطر من ذلك؟! طرق المحترفين .. لاصطياد المدمنين !! ** تتعدد طرق المحترفين لاصطياد الزبائن.. فهم يستغلون الأطفال وتلاميذ المدارس وطلبة الجامعات.. أو يلقون شباكهم علي سائقي الشاحنات والميكروباصات والتكاتك.. ولا مانع من "نصب فخاخ" ليسقط فيها أولاد الذوات والهاربون من التفكك الأسري.. أو من لا يرضون بوضعهم الاجتماعي.. وبالطبع وهناك العاطلون أو من تعرضوا لأزمات اقتصادية أو حتي عاطفية من الجنسين.. فتلك هي التربة الخصبة لنشر المخدرات خاصة في ظل وجود أنواع جديدة من العقاقير توحي بفقد الاحساس والشعور بالانبساط بعد التخدير الذي يذهب العقل ولا يجعل صاحبه يفكر فيمن حوله أو في حالته النفسية!! تبدأ الحكاية مع المراهقين بتزيين الأمر لهم انها تجربة تثبت انهم "رجال" وللأسف هناك أشياء في المجتمع تساعد علي ذلك مثل السماح بنوعية إعلانات شعارها "استرجل" وبعد أول نفس من سيجارة أو شمة من تذكرة أو رشفة من زجاجة بيرة أو خمر أو تناول "برشامة" أو "شكة إبرة" تأتي رجل الطفل أو الشاب أو الفتاة ولا يمكنهم الفكاك فما حدث يجعله "يتوه عن العالم" ولا يعود إلي طبيعته مرة أخري!! ** إذا كنا ندعو للضرب بيد من حديد علي تجار ومهربي وموزعي تلك السموم.. فلابد من تغيير نظرة المجتمع للمدمنين واحتضانهم ومعاملتهم علي أنهم مرضي والأخذ بأيديهم ومعاونتهم علي الشفاء.. وتلك قصة أخري إذا كان في العمر بقية!!