في عصر السماوات المفتوحة وانتشار القنوات الفضائية بكثرة وتعدد نوعياتها ما بين منوع واخباري وظهور اخري تجارية انتشر الكثير من الاعلانات التي خرجت عن الهدف والمضمون للاعلان . فالاعلان عرفته الجمعية البريطانية: بانه وسيلة للتعرف بسلعة أو خدمة لهدف البيع أو الشراء. وايضا عرفه كروفورد بانه فن إغراء الأفراد علي السلوك بطريقة معينة. وعرفت جمعية التسويق الأمريكية الإعلان: بانه وسيلة غير شخصية لتقديم الأفكار والسلع والخدمات بواسطة جهة معلومة ومقابل أجر مدفوع. وعرفه أوكستفيلد: هو عبارة عن عملية اتصال تهدف إلي التأثير من البائع علي المشتري علي أساس غير شخصي حيث يفصح المعلن عن شخصيته. ويتم الاتصال من خلال الوسائل العامة. هذا هو الاعلان.. ولكن في مصر اصبح احدي وسائل الاسفاف والتسطيح وغرس اللامبالاة في وجدان المتلقي وهناك امثلة كثيرة نراها ونشاهدها في شوارعنا وعلي الشاشات.. خاصة الشوشيال ميديا الذي اصبح اعلامنا البديل . الجمهورية تفتح ملف الاعلان الذي خرج عن المألوف والعرف بكل ما يحمل من الاسفاف والتسطيح والتشويه للذوق العام . يقول صاحب احدي وكالات الاعلان الكبري وخبير اعلاني وصاحب اعلان شهير يبث هذه الايام علي الشاشات للاسف الشديد هناك حالة من غياب الوعي الثقافي والتسطيح الذي اصبح يمتزج بكل ما هو اساس للهدم في مجتمعنا . فاذا كانت قنواتنا تسوق لرنات التليفون بمافيا محمد رمضان وغيرها من نماذج الفن الهابط الذي صار سمة لحياتنا الاعلامية مع غياب ثقافي وتعليمي فليس بغريب ان نجد عبر هذه الشاشات او علي قارعة الطرقات اعلانات تحمل صفة التفاهة والانحدار السلوكي في الشكل والمضمون بل ان الكثير من الاعلانات تحث علي اللامبالاة فهناك عشرات الدراسات وأوراق العمل والأبحاث. ومئات المقالات والتحقيقات الصحفية. التي ناقشت آثار ظاهرة القنوات الهابطة في الفضاء العربي.. وهذا كان سببا في هبوط سعر الاعلان وغياب المضمون فيه فالتكلفة تكون بسيطة مثل اعلان القهوة المنتشر هذه الايام علي الشاشات. أضاف الاعلام السلبي بيئة خصبة لاعلان هايف وتافه . وهناك ما يشبه الإجماع بأن النتيجة في الجانب الأخلاقي ستصبح سلبية وخطيرة. فنتائج انتشار الثقافة الهابطة والإعلام والاعلان السلبي يساهم في خلخلة فكر المجتمعات وقيمها ونسيجها المترابط. وإعاقة حركة نهوضها وتقدمها وتنميتها البشرية وتحويل الشباب إلي مستهلكين شديدي الولاء للجوانب السلبية التي تبث عبر اعلام واعلان هابط يقوم به من اجل تسويق أخلاقيات الشوارع المظلمة. والطبقات السفلي وقتل الوعي وغرس قيم لا تبني مجتمعا صالحا وهذا كان نتاج لاعلام بير السلم وليس الاعلام التنموي الذي يجذب اعلانا يحقق الهدف المنشود منه كصناعة وتسويق لمنتج بعيدا عن إثارة الغرائز الجنسية. وتشجيع الرذيلة. والترويج لشرب الخمور. وتناول المسكرات. وتعاطي المخدرات. ولا يكون ذلك بإعلانات مباشرة. ولكن بالتضمين والإدراج والإيحاء. في سياق المحتوي الإعلاني. الذي يجعل من هذه الانحرافات شيئاً شهياً مغرياً. يحفز الإنسان علي الاقبال علي المنتج المعلن عنه . أما دكتور حسن عماد مكاوي عميد اعلام القاهرة الاسبق فيقول: الشئ بالشئ يذكر عندما غابت الثقافة ضل الاعلام طريقه وبات الاعلان اسفافا ابتعد عن المضمون وصار في طريق التضليل وهذا ما صرنا نراه عبر الشاشات واعلانات الشوارع والشوشيال ميديا . وللاسف يحاول البعض التقليل من خطورة الثقافة الهابطة والإعلام السلبي في الفضاء العربي مشيراً إلي شبكة الانترنت والجوانب الإباحية فيها. وهذا نوع من التضليل فالإعلام السلبي في الفضاء العربي هو سبب "وجود" الانحراف الأخلاقي والسلوكي والفكري؟ لأن الإعلام السلبي الذي ارتبط به الاعلان وصار احد اهم روافد تمويله هو الذي نشرالانحرافات الأخلاقية علي أوسع نطاق بعد أن كانت محدودة وأوصل الانحرافات الأخلاقية إلي كل بيت حتي يشاهدها الكبار والصغار ويزين للمشاهدين تقبل الانحراف والاعتياد عليه ويقدمه في صورة شهية ومغرية ويثيرالدوافع والمحفزات لممارسة الانحراف . أضاف: علينا تخيل وسط هذا الكم من الانحدار ما هو شكل الاعلان؟ . ولهذا لابد من مدونة سلوك اخلاقي وقانون ينظم العملية الاعلامية والاعلانية ومحاسبة عسيرة لمن يسعي لهدم المجتمع من خلال اعلام واعلان هابطين هنا تكمن قوة ومسئولية الأنظمة والقوانين هذا بالاضافة الي ما للأسرة والمدرسة والمجتمع من دور مهم في بناء الوعي لدي أفراد المجتمع. وبخاصة الأطفال والشباب. لصقل مهارات التلقي. والتعامل الناجح مع وسائل الإعلام. وتكوين رؤية تربوية ناضجة. للتمييز بين السلبي والإيجابي. والمفيد والضار. ثم ترسيخ مفهوم الرقابة الذاتية. وتعزير الثقة بالذات. بينما يقول المخرج محمد العمري وكيل المجلس الاعلي للاعلام ورئيس شركة ووكالة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات السابق هناك مستجدات في السوق الاعلامي والاعلاني غابت عنه المعايير والاسس المهنية وغابت عنه الرقابة الداخلية سواء للجهة صاحبة الاعلان والوكالة وشاشة العرض وهذا ايضا حدث بالنسبة لاعلانات الشوارع . فالاعلانات تشهد فوضي واعتداء مزدوجا علي المواطن والمشاهد لما تسببه من تاثير سلبي علي المشاهد . وما اراه هو افلاس في التفكير ينتج عنه تسطيح للمتلقي وغياب المضمون . وحاليا نجد اعلانا من المفترض انه يروج لسلعة او منتج ولكن هو ابعد ما يكون عن هذا المنتج . والامثلة كثيرة . وللاسف الأنشطة الاعلانية في مصر تحتاج الي ثقافة فلم تعد صناعة بل ظاهرة هدفها تستطيح العقل . ولهذا نضع علي اجندة عمل المجلس الدراسات الخاصة بكيفية الحد من هذا الغث الذي يسمي اعلانا والعودة به الي الهدف الاساسي له من خلال مدونة سلوك مع الجهات المختصة والقائمة علي العمل الاعلامي والاعلاني . في حين يؤكد احمد سليم امين عام المجلس الاعلي للاعلام ان وظيفة الترفيه والتسلية من الوظائف الأساسية لوسائل الإعلام. لأن الإنسان بحاجة إلي التغيير. والتنفيس. والاسترخاء. والاستمتاع. والابتهاج. والتخلص من الملل والعزلة. لقد نجحت وسائل الإعلام والتلفزيون بشكل خاص. في إشباع هذه الحاجات الإنسانية للترفيه والتسلية. وازداد الطلب عليها من المشاهدين. نتيجة لذلك ازدهر الاتجاه التجاري في صناعة التليفزيون والقنوات الفضائية. وارتبط ذلك بالمعلنين الباحثين عن أكبر نسبة مشاهدة وتوزيع. وكذلك المعلنين الباحثين عن المضمون الإعلامي الذي يدعم القيم الاستهلاكية مع كثرة القنوات الفضائية التجارية. واشتداد المنافسة فيما بينها لتحقيق الأرباح. من خلال الإعلانات والرعايات والخدمات التفاعلية وغيرها. فقد أدي ذلك إلي أن تقوم بعض القنوات الفضائية التجارية بالتنافس والتزاحم لتقديم المادة المثيرة المغرية. الخارجة عن المألوف. مهما تكن هابطة وسلبية هذا الوضع التنافسي المحموم بين ملاك بعض القنوات الفضائية التجارية أدي إلي اختراق قيم المجتمعات. والتضحية بأخلاقيات الإعلام. وانتهاك معاييره المهنية. وسوء استخدام حرية البث. والتجاهل التام للمسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام . والاعلان رسالة من الممكن ان تؤدي الي نموذج صالح او نموذج سيئ واصبحنا نري للاسف السيئ في الوصول الي الهدف من الاعلان من خلال انتاج كم كبير من الاعلانات خارجة عن المألوف وعن القيم والعادات والتقاليد وعن الاعراف الاخلاقية . أضاف: بل ان بعض هذه الاعلانات تدعو الي التسطيح واللامبالاة وعدم اعمال العقل وهنا لابد من وقفة سنسعي اليها جاهدين تتضافر فيها كل الجهود من القائمين علي العملية الاعلامية والاعلانية ووكالات الاعلان والمجلس الاعلي للاعلام وحماية المستهلك فالاعلان صناعة وسلعة تصل لكل بيت ومن يخرج عن هدفه يصير وسيلة من وسائل الهدم وهذا ما اراه حاليا علي الساحة والحل أن يتحمل الجميع المسئولية من فضائيات وشركات اتصالات وووكالات اعلان ومعلنين ومؤسسات المجتمع المدني وحماية المستهلك والقائمين علي العملية الاعلامية والاعلانية والثقافية لبث الوعي ومسئولية شركات الأقمار الصناعية ..