ظاهرة جديدة تفشت واستفحلت داخل المجتمع المصري مؤخراً، والتي أعتبرها بحق من المصائب الكبرى التي تحيق بمجتمعنا والتي تعد من أسوأ إفرازات المرحلة؛ وهي انتشار الأفلام الهابطة وتقديمها مناظر فجة وأغاني «المهرجانات» ذات الكلمات السوقية المتدنية، ناهيك عن الإيحاءات الخادشة للحياء والتي تعرضها برامج التوك شو والساخرة منها، والمستفز في الأمر أن تجد تعالي صيحات الضحكات والإعجاب! أضف إلى هذا الإعلانات الترويجية في وسائل الإعلام المتلفزة.. والتي تهدم جميعها منظومة القيم وتنتهك القواعد الأخلاقية. وقد جاء قرار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بوقف عرض فيلم «حلاوة روح»؛ ليثلج صدور كثير من المصريين، وليعيد تصحيح الأوضاع، في ظل حالة سخط شديد من رواد وصناع السينما بأنه قمع للحريات!! ولا أدري عن أي حريات يتحدثون، وهي التي يستخدمونها خطأ وتسيء لمصر وأبنائها! وهنا تجدر الإشارة إلى بعض النقاط: أولاً: أن السينما مؤخراً بدأت تنتهج عرض دراما إثارة الغرائز العلنية أو الضمنية، العشوائيات، والكباريهات، والبلطجية، وصالات القمار، وكأن مصر بلد الفجور والغواني والبلطجة، واستغل منتجوها أنها صناعة، واستغلوا فئة المراهقين لتحقيق أموال طائلة.. ولتذهب القيم والفضيلة إلى الجحيم! ثانياً: البرامج الساخرة والتوك شو التي تسمح بانفلات الألفاظ الخادشة للحياء وكأنها شيء عادي، خاصة الشباب والمراهقين الذين يرددون ترديداً ببغاوياً تلك الألفاظ. وإذا كان المفروض أن أدير مؤشر التليفزيون وأغض الطرف عن تلك البرامج التي لا تروق لي، فإنني أجد مردودها في الشارع وفي العمل، ويتم تردديها وكأنها مفردات عادية. ثالثاً: كمّ الإعلانات التي بدأت تدبّ في القنوات الفضائية، وخاصة التي تعلن عن الملابس الداخلية أو المنشطات الجنسية، والتي يلجأ فيها أصحاب الوكالات الإعلانية إلى أفكار خارجة؛ لأنها تلفت أنظار المشاهد، ويظنون أنها ستحقق أكبر نسبة مشاهدة، والحقيقة أن انتشار الإعلانات بهذه الطريقة يأتي بنتيجة سلبية على السلعة الاستهلاكية أو المنتج، بل ويؤدي إلى نفور وإزعاج المستهلكين منها. وإذا كان قرار رئيس الوزراء بداية لتصحيح الأوضاع، فإنني أطالبه بإعادة النظر في عدد من القنوات الفضائية الخارجة عن النص التي تروّج للإسفاف. لا ينبغي أن تكون الحداثة بمغرياتها الخاطئة سبباً في انحطاط مجتمعنا.. بل أن يتصدى المجتمع وبكل مؤسساته لمواجهة ظاهرة الإسفاف؛ لأنها بالفعل تمثل خطراً محدقاً وتدمر قيمنا ومبادئنا، الأمر الذي يثير الغرائز ويزيد من حالات التحرش وجرائم الاغتصاب. علينا أن نغرس القيم النبيلة التي تنعكس على أنفسنا ووطننا.. يقول الشاعر عبدالخالق شويل: من لم يشب على القيم *** لن تستقيم له قدم فهي المبادئ إن هوت *** فلا جناح على بهم وهي المبادئ دونها *** خبط بعشواء الظلم لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة