في ظل انفلات الإعلام المرئي, لم يعد غريبا ما تشهده معظم برامج االتوك شوب علي الفضائيات من توجيه شتائم وألفاظ خادشة للحياء مع سبق الإصرار والترصد من مقدميها أو ضيوفهم في ظاهرة تهدد أخلاق الأسرة وتدعو للتساؤل عن الأسباب التي جعلت شعارها (قليل) من الحوار (كثير) من الخروج علي آدابه ؟! يقول د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن انتشار ظاهرة التعبير باستخدام الشتائم والألفاظ الخارجة عن الأخلاق في كثير من برامج التوك شو تمثل ترجمة صريحة لهبوط لغة أداء الإعلام المرئي وقد رصدت مع زملائي عند رئاستي للجنة تقييم الأداء الإعلامي للإنتخابات الماضية تجاوزات لا أخلاقية مما دفعني للمطالبة بضرورة حماية الذوق العام وأخلاق المجتمع وذلك بأن يتم اتخاذ قرارات سريعة من المسئولين لإيقاف سيل التجاوزات التي تشهدها الفضائيات في غياب من يوافقون علي تراخيصها أو يقدمون لها إشارة البث غير مهتمين بمضمونها الضار بالمجتمع بسبب برامج يكون ناتجها الفوضي ولذلك يجب أن تقر الجهة التشريعية قوانين لمعاقبة كل من لا يحترم المشاهد وينقل لغة الشوارع إلي الشاشة. ويؤكد خالد أبو بكر عضو الإتحاد الدولي للمحامين: أن كل من يصدر عنه لفظ خادش للحياء يكون قد ارتكب جنحة السب العلني وعقوبتها الحبس لمدة ثلاث سنوات أو الغرامة أو الإثنتين معا تبعا لتقدير القاضي ويضيف: إن الرادع القانوني للشتائم والألفاظ الخادشة للحياء في برامج الفضائيات أعتبره الأفضل والأكثر فاعلية من التقارير الإعلامية الي تصدر عن لجان متابعة الأداء الإعلامي لأنها قد تتأثر بالتقدير الشخصي وليس بجريمة في حالة توفر أركانها فإن العقوبة يجب أن تكون وجوبية علي من يرتكبها. ويقول د.ممتاز عبدالوهاب رئيس قسم الطب النفسي بقصرالعيني: إن عدم التصدي لظاهرة انتشار الشتائم والألفاظ الخادشة للحياء علي الفضائيات يجعل منها وضعا صادما للذوق العام لأنها تخرج من شخصيات عامة لها كثير من المحبة في قلوب المشاهدين سواء كانوا من مقدمي البرامج أو ضيوفهم ومع مرور الوقت يصبح تداولها بين أفراد الأسرة أمرا حتميا لأنها لغة الحوار بين من يمثلون صفوة المجتمع وبالتالي يقلدونهم تلقائيا فيما يشبه الاعتداء المباشر علي السلوك النفسي المهذب للمشاهدين بالأسلوب العدواني الذي ساد في الفترة الأخيرة ممن تجاوزا أخلاقيا لغرس الخوف في نفوس المعارضين لأفكارهم تحت شعار الديمقراطية التي تعني احترام صاحب الرأي الآخر وليس الإعتداء عليه لفظيا بالشتائم والألفاظ الخادشة للحياء وما يعنيه من عدم تقديرهم لمسئولية الكلمة التي من الممكن أن تبني المجتمع أدبيا وفكريا أو تهدمه أخلاقيا. بينما يري د.رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان أن التجاوزات علي اختلاف أشكالها صارت واقعا حقيقيا يجب علي الناس مواجهته بعد أن تحول المجتمع إلي ساحة للصراعات السياسية والفئوية التي أصبح الفرد فيها يقدم مصلحته الخاصة علي العامة بالعمل علي تعزيز قوة ما ينتمي إليه وليس الوطن كله ومن هنا تغير أسلوب الحوار في البرامج علي الفضائيات وتحولت كل مناقشة إلي معركة يتم خلالها استخدام جميع الأسلحة حتي ولو كانت مرفوضة مجتمعيا مثل الشتائم والألفاظ الخادشة للحياء والتي تحقق أثرها السلبي علي المشاهدين سريعا وبصفة خاصة الأبناء الذين يحدث لهم ما يسمي بانتقال الأثر السريع إليهم بمعني الإستسلام لا إراديا لعملية تنشئة اجتماعية بديلة من أساسياتها التجاوزات وعدم احترام الآخر بعيدا تماما عن التربية الأسرية المباشرة من الأب والأم وبالتالي تنتشر تلك السلوكيات المرفوضة وتدمر المجتمع خاصة في ظل غياب القدوة والتوجيه المجتمعي والخطاب الديني الأخلاقي المعتدل.