لم تكن السيدة أحلام، ربة المنزل التي تحاول تربية أبنائها على حسن الخلق والبعد عن الرذيلة، تتصور أن يأتي عليها اليوم لتشاهد هذا الطوفان الغارق من الإعلانات الخادشة للحياء العام والتي دفعت خالد إحسان، محام، إلى التأكيد على أنه سيتقدم في القريب العاجل ببلاغ للنائب العام ضد هذه الإعلانات الفاضحة.. وسيطالب بوقفها فوراً وإلزام أصحاب هذه الشركات بدفع تعويضات كبيرة للدولة بسبب ما لحق به هو وجميع من شاهدوا هذه الإعلانات "الفاجرة". ففي جلسة عائلية أمام إحدى القنوات الفضائية لمتابعة أوضاع البلد التي لم تعد تسر عدواً أو حبيبا جاء الفاصل الإعلاني ليتضمن ترويجاً لمنتج جديد من الملابس الداخلية للرجال، وقد احتوت على جرعة لا يمكن احتمالها من الإيماءات الجنسية الفاضحة والعبارات التي لا تقال حتى خلف الأبواب المغلقة. وعلى الفور اتخذت الأم قرارها بتحويل المؤشر إلى قناة أخرى لعلها تكون أكثر وقاراً، لكنها ما هي إلا دقائق إلا وفوجئت بإعلان آخر لصنف آخر من الملابس الداخلية يتضمن عبارات أكثر خرقا للخجل والأخلاق، وعند هذا الحد قررت إغلاق التلفاز إلى أجل غير مسمى حتى يعود الأدب إلى هذا الجهاز الإعلامي الذي يلعب دوراً خطيراً في تنشئة الأبناء والتأثير في منظومة سلوكياتهم. فوضى داخلية أما سامح محمود فيتساءل عن المتسبب في استشراء حالة الفوضى العارمة التي باتت سمة مميزة للإعلانات التجارية في الفضائيات، مشيراً إلى أن أحد هذه الإعلانات لم تكتف باستعراض هذه الملابس بصورة فاضحة وحركات بذيئة بل تعدتها لتحتوي على ألفاظ جارحة وإيحاءات فاضحة من عينة: "دايس لكل الأوضاع" و"دايس لكل المقاسات" وغيرها من العبارات الخادشة للذوق والحياء العام. شركة مشهورة أخرى لم تقف مكتوفة الأيدي بل قررت خوض سباق الملابس الجنسية، عفواً الداخلية، عبر تقديم استعراض مخجل للملابس الداخلية الرجالي، ويأتي الحديث بصوت لا يخلو من الإثارة على لسان فتاة تتحدث عن تجاربها مع عدد من الرجال الذين تشير إلى أنهم "تناوبوا" الضحك عليها وخداعها. وخلال سرد هذه التجارب "المريرة" تتغير صورة الملابس المثيرة لتناسب أوصاف الشخص الذي تتحدث عنه بداية من الراجل البلدي الفضفاض وانتهاءً بالراجل اللي قال لها إنه بدون "ماضي"، ثم تبين لها أنه "ماضي" على ورقتين عرفي قبلها. وفي حسرة شديدة يتباكى الحاج حسين المصري، موظف بالمعاش، على حالة التردي الأخلاقي التي يشاهدها على شاشة أهم وسيلة إعلامية تخترق كل بيت في مصر، ويطرح سؤالاً منطقياً قائلاً: "هل باتت كل الأمور مباحة في مصر إلى هذه الدرجة، وهل من الصالح العام تدمير أخلاق أبنائنا إلى هذا الحد عبر إزالة الحواجز النفسية والإجتماعية بين الحلال والحرام والأخلاق والرذيلة؟". بلاغ للنائب العام من المعروف أن أزمة كبيرة كانت قد نشبت بين مخرج إعلانات شهير وعدد من القنوات الفضائية الخاصة التي تتعامل معها وكالته، بسبب تحفظ بعض هذه القنوات على مضمون هذه الإعلانات وإساءتها لمشاعر المشاهدين خصوصاً وأنها تذاع وقت ذروة المشاهدة وخلال البرامج الأكثر مشاهدة التي ينتظرها ملايين المصريين لمعرفة ومتابعة ماذا يحدث في البلد. وفي البداية رفضت كثير من القنوات إذاعة هذه الإعلانات لكثرة ما تحتويه من جرعات جنسية مبالغ فيها وتضمنها ألفاظ وعبارات خادشة للحياء العام، ولا تليق بمثل مجتمعاتنا الشرقية المحافظة والتي لها طبيعة أخلاقية خاصة، وكذلك تحسباً لما يمكن أن يسببهإ إذاعة مثل هذه الإعلانات من هجوم كبير ونقد لاذع لأصحاب هذه القنوات. إلا أن الوكالة الإعلانية وصاحبها صمما على موقفهم وأصرا على نشر الإعلان كما هو، وهدد برفع كل الإعلانات التي تتولاها وكالته للشركات الكبري وتقوم هذه الفضائيات بإذاعتها. وجاء تهديد صاحب الوكالة الاعلانية ليضطر بعض الفضائيات إلي إعادة التفكير مرة أخري، خاصة أن رجل الإعلان يصر علي إذاعة الإعلان كما هو دون أي تغيير أو حذف لأي كلمات يمكن أن تكون مخلة، وبالفعل دخلت وكالة نور مع الفضائيات الخاصة في مفاوضات مكثفة للوصول إلي حل لهذه الأزمة انتهى بانتصار المخرج ونجاحه في فرض هذه الإعلانات الفاضحة التي أثارت عاصفة من الاستياء داخل كل منزل.