مع استمرار برامج الفضائيات في عرض صور وفيديوهات من الإنترنت بدون تنقيتها من الألفاظ أو الإشارات الخادشة للحياء, أصبح الضرر مباشرا علي كل أفراد الأسرة في ظل غياب ميثاق الشرف الإعلامي. وما يعنيه من أن تلك الظاهرة سوف تتزايد مع انتشار عدوي التقليد التي تتبعها كثير من البرامج وما تمثله من تهديد صريح لقيم المجتمع يحتاج سريعا لوقفة جادة قبل فوات الأوان ثم نسأل: علي من تقع المسئولية؟ يقول د.عبدالعزيز سيد عبدالعزيز رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بقنا جامعة جنوبالوادي: إن المسئولية الإجتماعية لوسائل الإعلام أساسها تقديم الحقائق للرأي العام في إطار من الحرية مع الالتزام بالحفاظ علي أخلاقيات المجتمع وهو ما لا تحرص عليه معظم برامج التوك شو في الفضائيات بعد ارتفاعها بسقف المسموح عرضه إلي حد لا نهائي لجذب مزيد من المشاهدين عن طريق عرض فيديوهات وصور من الإنترنت بدون تنقية مما يخالف التقاليد ويدخلها في إطار كونها ضد الأخلاق والقانون تأكيدا منها علي أنها لا يهمها احترام خصوصية الأسرة مما يحمل تلك الفضائيات المسئولية في غياب الجهات الرسمية التي من أهم واجباتها التصدي لكل ما لا يليق علي الشاشة بما لديها من قواعد لتنظيم البث الفضائي ثم المسئولية الأخري التي أعتبرها فردية وتخص كل مشاهد أتاح له القانون طريق القضاء وطلب إيقاف أي برنامج يقدم تجاوزات ضد الأخلاق أو القناة نفسها أو أن يقرر عدم مشاهدتها علي الإطلاق! ويؤكد د.محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر: أن المشاهد عندما يتابع في أحد البرامج ويجد ما لم يتوقعه تصيبه صدمة بسبب اقتحام غير أخلاقي لنفسه يمكن وصفه بالتحرش الإعلامي, والمشكلة الحقيقية تتمثل في الاعتقاد السائد بين غالبية الإعلاميين من معدي ومقدمي البرامج بأن الخروج علي المعتاد يحقق التميز بمفاجأة المشاهد بمضمون ضد التقاليد تحت شعار الحرية وهو المعني الخاطئ الذي ينتج عنه تلوث الوعي العام, وتدريجيا تبدأ مشاعر رفضه في التحول إلي القبول وبالتالي يصبح الخطر واقعا ويزيد تأثيره عند الطفل لأنه سوف يقلدها بسرعة بسبب يقينه الداخلي في أن الشاشة من مصادر التربية ولذلك إذا تلقي منها ما يخالف التقاليد يقبله بلا عقل نقدي ويحتفظ به في نفسه فيكون أثره أقوي بنتائج سلبية مؤكدة عليه. أما د.سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس فتقول: لاشك في أننا نعيش أزمة أخلاقية بكل ما تعنيه الكلمة, ففي الوقت الذي تحرص فيه دول العالم علي التحضر واتباع التقاليد التي ترتقي بها تخرج كثير من الفضائيات علي المشاهدين بصور وفيديوهات من الإنترنت تحمل كلمات وإشارات خارجة تؤدي إلي هدم الثوابت القيمية في المجتمع يليه ترويض المشاهد وتوجيهه لما يجب أن يشاهده بلا إرادة ترفض أو تقبل تمهيدا لإسقاط المجتمع في مستنقع القبح تحت شعار الحرية غير الملتزمة أو الفوضي بالمعني الحقيقي لها وبعدها تسقط الدولة, وأتعجب من عدم وجود أحد يواجه هذه التجاوزات ويوقفها علي الفور بلا تردد خوفا علي الأخلاق التي تمثل أهم أعمدة أي مجتمع. وقبل النهاية.. يبقي قول أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا