لم يكن أكثر المتفائلين من الكتاب والمثقفين يحلم بنصف ذلك النجاح الذي يلاقيه معرض الكتاب منذ انطلاقه لاسيما بعد قرار نقله من مكانه القديم والتاريخي بمدينة نصر إلي مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الجديد بالتجمع . وتنبأ معظمهم بالفشل الذريع استنادا إلي حتمية عزوف الجماهير التي تشكل دائما وقود معرض الكتاب الحقيقي وسبب بهجته ونجاحه فضلا عن كون تلك الجماهير هم الكيان المستهدف من حركة بيع ونشر وصناعة الكتاب بشكل عام . لكن الواقع فاجأ الجميع وهلت بشائر نجاح دورة اليوبيل الذهبي. وتوافد الجمهور وتعانق مع الفعاليات والتقي بالضيوف من المفكرين والكتاب والمبدعين وأقبل علي الشراء بنهم ... وفي السطور القادمة تستطلع الجمهورية آراء عدد من الكتاب المصريين والعرب المشاركين في الفعاليات حول دورة اليوبيل الذهبي. علق الشاعر والإعلامي الكبير جمال الشاعر علي دورة اليوبيل الذهبي وعلي تنظيم المعرض في المكان الجديد بمركز مصر للمعارض الدولية قائلا: لاشك أن المكان هنا أرقي وأفضل ونتائج نقل المعرض حتي الآن إيجابية جدا . وأضاف يبقي أن نهتم أكثر بأنشطة الشباب ودخول تكنولوجيا المعلومات و" الآي تي" والانترنت بقوة لأننا لازلنا نتعامل مع الثقافة من منظور القراءة الورقية » فلابد الآن من دخول مرحلة الكتاب الإليكتروني والقراءة أون لاين ومن ثم يحدث الحراك الثقافي عبر التحاور والتفاعل بين الشباب عبر الفضاء الإليكتروني. فخر واعتزاز فيما أبدي الدكتور خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة إعجابه بالمعرض الجديد وإمكانياته الكبيرة من حيث البنية والفخامة والمرافق والتجهيزات. وأضاف : لقد شعرت بالزهو عندما دخلت المعرض للمرة الأولي وشاهدت إمكانياته المذهلة. ويحق لكل مصري أن يفخر بذلك المعرض الذي يضاهي بل ويجاوز في إمكانياته الكثير من المعارض الدولية والعالمية. وعن بعض الملاحظات التي رددها البعض واعتبرها من سلبيات المعرض والتي تخص التنظيم أكد أبو الليل أن نقل المعرض تجربة مهمة وصعبة ولابد أن الأمور ستستقر بمرور الوقت لافتا إلي أنه لا يمكن بأية حال من الأحوال الوقوف أمام بعض الأمور البسيطة التي من الطبيعي أن تحدث ونغض النظر عن كل تلك الإيجابيات التي تستطع كالشمس وتجعلنا فخورين جميعا بما يتحقق علي الأرض. أما الشاعر المغربي عمر العسري فأكد علي سعادته البالغة بدعوته للحضور والمشاركة بالاحتفال باليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب . مؤكدا علي أن البنية التحتية الثقافية المصرية ازدانت بهذا الحدث الرائع والتنظيم الجميل . معرض فيه تقدير وتنظيم كبير واحتفاء واحتفال بالكتاب ليس فقط علي مستوي الفعاليات ولكن علي مستوي فضاء العرض أيضا والأجنحة وخلافه. الجمهور سر النجاح وقال الشاعر الأردني عبد الله أبو بكر ضيف إحدي الأمسيات أن التنظيم أكثر من رائع لافتا أن المكان الذي نقل إليه المعرض مدهش وجاذب ومنظم بشكل يضاهي معارض العالم . وأضاف : يظل حضور الجماهير هو كلمة السر والنقطة الأكثر إضاءة وسطوعا في معرض اليوبيل الذهبي » فالجمهور المصري الحاضر بقوة الحريص علي التواجد رغم بعد المكان جعل من المعرض حالة ثقافية حميمية ومدهشة . وتابع أبو بكر هذا الجمهور ليس له مثيل في أية عاصمة عربية . وأضاف عبد الله لقد قامت المؤسسات الثقافية الرسمية في مصر بدور كبير في تنظيم فعاليات ونشر أعمال وصنع حلقة وصل بين الكاتب والمبدع وجماهير القراء والمهتمين فضلا عن تميز المعرض بأسعار معقولة وفي المتناول بالنسبة للكتب وهو ما يميز معرض القاهرة عن كثير من المعارض التي يكون فيها سعر الكتاب مرتفعا جدا. الناقد الكبير د. أحمد يوسف الأستاذ في كلية الآداب جامعة الزقازيق يقول: معرض الكتاب حدث ثقافي استثنائي في تاريخ الثقافة المصرية المعاصرة كانت بدايته العام 1969م في المقر الأقدم بالقرب من برج القاهرة. ثم أرض المعارض بمدينة نصر. هذا التحول من مقر إلي مقر له عندنا دلالات من أهمها ازدياد إقبال الزائرين من مصريين وعرب وازدياد الطلب علي الكتاب بوصفه مصدر المعرفة والعلم والتعلم والثقافة. والمقر الجديد الحالي مقر له سمة الزمن الذي نعيشه وهو التنافسية بين مصر وغيرها من البلاد العربية وغير العربية. ثم بين مصر وغيرها من بلاد العالم المتقدم الذي تعد الثقافة أحد أهم دعائم تقدمه ونفوذه وقوته الناعمة مصر بهذا المقر تعلن أنها علي قدر المنافسة والتنافسية وأنها تعيش تاريخها وتصنعه وأنها أبدًا لا تخرج من التاريخ كيف وهي أرض التاريخ وفجر الضمير. يضيف: لفت نظري ما رأيته علي واجهات صالات العروض صورتان دالتان علي اليمين واليسار إحداهما لثروت عكاشة والثانية لسهير القلماوي. الأول مؤسس صرح الثقافة المصرية بكل أفرعها ومؤسساتها الباقية حتي الآن. والثانية أول طالبة تخرجت في جامعة القاهرة وأول تلامذة طه حسين ورئيسة الهيئة العامة للكتاب وواضعة لاللبنة الأولي لهذا المعرض. هاتان الصورتان دالتان علي أن ذاكرة الوفاء والعطاء المصرية لم تجف ولم تنضب تجولت في أنحاء كثيرة من أجنحة الكتب بوصفي زائرا تاريخيا وبوصفي مؤلفا للعديد من الكتب المنشورة في مصر والبلاد العربية لذلك كنت حريصا كل الحرص علي التعرف علي الجديد من الكتب فلفت نظري كتب جديدة في نقد التحولات الاجتماعية التي مرت بها مصر علي امتداد خمسين عاما وكتب أخري في الشأن الثقافي المصري وصلاته المتعددة بالعولمة والثقافات الشرقية تحديدا وتوقفت عند الإنتاج الروائي الكبير واهتمام دور النشر بهذا الانتاج لكني لاحظت أنه علي الرغم من وفرة هذا الإنتاج لا تجد اسما بارزا متخطيا أقرانه كما كنا في زمن ليس بعيدا نحتار في اختيار لمن نقرأ. أما الناقد د. عزوز علي إسماعيل أشار إلي أن إقامة المعرض في ذكري وصول القاهرة إلي ألف عام فأعجب بالفكرة وأشار علي الدكتورة سهير القلماوي رئيسة هيئة الكتاب والنشر أنذاك بعمل معرض للكتاب ولاقت الفكرة إعجاب الكثيرين وكان للمثقف الكبير الأستاذ إسلام شلبي الدور البارز للترويج للمعرض وإعلام الدول الغربية به فقد كان متحدثا لبقا باللغة الانجليزية وله الفضل في أن يأتي إليه 27 دولة غربية وبحضور 400 دار نشر لذلك علينا أن نتذكر تلك الأسماء الكبيرة التي تركت لنا هذا التراث الفعل معرض هذا العام معرض متميز جدا وقد بذل القائمون عليه جهدا كبيرا لإنجاح هذه الدورة الاستثنائية ولكن ما يحزنني غياب مشاركة أوسع لسور الأزبكية والذي كان يتهافت عليه الكبير والصغير نظرا لسعر الكتب الزهيد به. الشاعر والمترجم أسامة جاد يقول: عندما أعلن عن نقل معرض الكتاب في دورته الجديدة "اليوبيل الذهبي" إلي أرض المعارض الجديدة في التجمع الخامس تولدت لدي مخاوف حقيقية تتعلق ببعد المكان عن الموقع السابق للمعرض وظل هاجس بعد المكان يشغلني لفترة علي الرغم من محاولات طمأنتي بخصوص مواصلات المعرض والاستعدادات الجبارة التي بذلتها قطاعات كثيرة في الدولة مثلت عدة وزارات في مقدمتها الثقافة والنقل والمواصلات ومن بعدها مبادرة القوات المسلحة لتوفير باصات نقل مجانية من أمام محطة مترو أرض المعارض القديمة غير أن تلك الهواجس لم تحسمها سوي زيارتي الأولي للمنطقة يوم مؤتمر الإعلان عن المعرض بحضور وزيرة الثقافة يومها عرفت بشكل واقعي أن تلك المخاوف لم تعد كونها مجرد هواجس ناجمة عن التغيير الذي حدث والإنسان عدو ما يجهل. ومنذ انطلاق المعرض فعليا يوم الأربعاء الماضي أسعدني كثيرا عدم وجود أي صعوبات تذكر في تجربتي الشخصية بخصوص هذه المسألة بل وظهر المعرض في موقعه الجديد بصورة أكثر تنظيما واحترافية إلي حد بعيد. يضيف جاد: نعم حدث نوع من الزحام علي بوابات الدخول يوم السبت ولكنه الزحام الناجم عن وجود أعداد كبيرة للغاية من زوار المعرض في يوم الاجازة الأسبوعية وهو الأمر الذي لم يختلف كثيرا عنه في دورات المعرض السابقة غير انه زحام مؤقت أمام بوابات الدخول لم يستغرق بالنسبة لي أكثر من دقائق قليلة أمام أجهزة الفحص الإلكترونية سرعان ما ينفرج ولكن ما إن تدخل من البوابات حتي تفاجئك التجهيزات عالية المستوي وحسن التنظيم وتوزيع قاعات العرض وقاعات الندوات التي جاءت منظمة وبعيدة عن بعضها بعضا بما يسمح للمشاركين بسماع محاوراتهم بعد أن كنا لا نكاد تسمع أحدا من ضجيج الصالة أو من أصوات المناقشات في قاعات أخري كما كان الأمر في المعارض السابقة.