العراق ثاني أكبر منتج للنفط بعد السعودية يصدر 4 ملايين و300 ألف برميل يوميًا قيمتها بسعر 75 دولارا للبرميل نحو 325 مليون دولار في اليوم الواحد أي نحو عشرة مليارات دولار شهريًا أو 120 مليار دولار سنويًا تمثل 99% من اجمالي الدخل السنوي وهذا الدخل يزيد ويتضاعف بزيادة أسعار النفط التي تصل أحيانًا إلي 150 دولارا للبرميل ومع ذلك يئن شعبه من الحاجة ويخرج في مظاهرات حاشدة ويعتصم في الميادين علي سوء أحواله المعيشية وتدهور مرافقه وخدماته كالمياه والكهرباء وانتشار الفساد واستحواذ الطبقة السياسية المذهبية علي النسبة الأكبر من الدخل. دخل العراق من النفط بعد سقوط نظام البعث بعد الغزو الأمريكي عام 2003 كان كفيلا وبعد فترة قصيرة ان يحول العراق إلي جنة ويعيش شعبه في رغد العيش. دخل العراق من تصدير النفط منذ سقوط صدام من 15 عاما يقدر بعدة تريليونات من الدولارات أين ذهبت ولماذا آل الوضع فيه إلي هذا الوضع المزري في كل شيئ يعاني من كل المشكلات التي يعاني منها أفقر دول العالم التي لا تمتلك اية ثروات وتعيش علي المنح والمساعدات؟ أمريكا إذا دخلت قرية افقرتها ونهبتها واستولت علي كل ثرواتها إذا دفعت سنتا واحدا لدولة لأي سبب وتحت أي بند تحصل مقابلة علي 10 سينتات مقابلة وهذه سياستها واستراتيجيتها غير المعلنة في كل الإدارات وليست ابتكار إدارة ترامب والفارق الوحيد ان الرئيس الأمريكي الحالي اخرجها من السرية إلي العلنية وفيم قابل اسقاط نظام البعث وارسال مئات الآلاف من الجنود والطائرات واستخدام الصواريخ والأساطيل وكافة أنواع الأسلحة حصلت الولاياتالمتحدة علي ثمن غزوها العراق من دخل النفط وفي اتفاقيات سرية منذ الحاكم الأمريكي للعراق بول براينر وكما تؤكد التقارير الصحفية الغربية تحصل واشنطن سنويا علي جزء من هذا الثمن ويمثل النصيب الأكبر من دخل العراق من النفط. ما يتبقي من هذا الدخل يذهب جزء منه إلي ميزانية الدفاع والشرطة وجزء آخر إلي الموازنة العامة للدولة لتمويل المشروعات والخدمات والمرتبات أما الجزء الأكبر يذهب إلي إيران عن طريق رجالها داخل المؤسسات العراقية وجزء منه يمول احتياجات المليشيات الشيعية المنتشرة في العراق من الأسلحة وأدواتها الإعلامية. أما السرطان الذي يبتلع النصيب الأكبر من داخل النفط ومن مخصصات الوزارات والمشروعات هو سرطان الفساد الذي يستشري في كل ركن من أركان المؤسسات الحكومية ورغم المحاولات الحكومية لمطاردة الفساد والفاسدين الا انها لم تستطع وقف تمدده وانتشاره حتي بعد انشاء مؤسسة لمكافحته تحت اسم هيئة النزاهة والشفافية واوردت بعض التقارير الأمريكية ارقاما مرعبة عن ثروات بعض الساسة وقادة الأحزاب والمليشيات والكتل السياسية حصلوا عليها من الرواتب الخيالية والمكافآت الهائلة والرشاوي والعمولات والتزوير وتقدر بمئات المليارات من الدولارات. كل هذه البنود التي تلتهم النصيب الأكبر من دخل النفط لا تترك للمواطن العراقي الا النذر اليسير الذي لا يكفيه للتغلب علي المتطلبات الأساسية لحياته المعيشية ويعاني الأمرين في توفير احتياجات أسرته فضلا عن التدهور الكبير في الخدمات والمرافق العامة وهو ما دفع الشعب العراقي إلي تنظيم مظاهرات واحتجاجات واعتصامات في الميادين العامة في قلب بغداد والمدن الكبري لعدة أيام ولعدة مرات لم يفضها الا بعد وعود باجراء اصلاحات سياسية وزيادة المرتبات وتحسين الخدمات والسيطرة علي الأسعار وملاحقة ومحاكمة رءوس الفساد في كل مرة تفشل الحكومات في الوفاء بوعودها فيعود المحتجون إلي التظاهر مرة أخري وآخرها الاحتجاجات الدامية في البصرة ومدن الجنوب وهي ذات أغلبية شيعية ولم يشفع لها هذه الأغلبية في الحصول علي حقوقها الاقتصادية نظرا لأن الجهات التي تحصل علي الأنصبة الأكبر وهي أمريكا وايران والقيادات السياسية والدينية والمليشيات المسلحة والفاسدين وكلهم لا يهمهم الا مصلحتهم ومصالحهم أولا وأخيرا ولا يهمهم تلبية احتياجات الشعب أو تحسين خدماته. لن يتوقف هدر ثروة العراق واهمال أي تطوير أو إصلاح اقتصادي واجتماعي طالما هناك سيطرة كاملة لإيرانوأمريكا والقيادات الفاسدة وانتشار المليشيات واستغلال التلويح بالتهديات الإرهابية لداعش حتي تظل هذه التنظيمات المسلحة لها اليد الطولي في القرار العراقي ويظل الشعب العراقي يئن من مشاكله الطاحنة والمذهبية والطائفية المقيتة.