إن إلقاء نظرة سريعة علي شرارات التغيير المبكرة في أوروبا والتي بدأت وتنتشر بسرعة غاية في الغرابة يعطي سبباً ربما سيطلق عليه فيما بعد في حالة التطور المتسارع للأحداث القشة التي قصمت ظهر البعير. وعلي الرغم من أن أوروبا لا تزال الوجهة الرئيسية للمستثمرين العرب اليوم بل وتعتبر الملاذ الآمن للاستثمارات العربية في ظل معدلات التغيير الجيوسياسي التي ترتفع يوماً بعد يوم. فإن عدداً من الظواهر الحديثة تشير إلي أن هذه العلاقة قد تبدأ في التراجع. من خلال الفرص الجديدة والمربحة التي تطرح نفسها في الأسواق الناشئة والنامية حول العالم. وقد يجد المستثمرون العرب أنفسهم قد حققوا استثمارات أكبر بكثير خارج القارة القديمة في العقود القادمة. بصورة عامة فإني أعتقد أن الأمور قد تأخذ منحنيات أقل ما يمكن أن توصف به أنها حادة الزوايا ولكن إذا التزمنا جانب الهدوء المترقب في تحليل الأوضاع الحالية والمستقبلية في أوروبا فمن المؤكد أننا سنلاحظ أن المستثمرين من منطقة الخليج سيجدون أنفسهم في منعطف هام. وقد تم توجيه الاستثمارات الخارجية من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي علي مر التاريخ نحو أمريكا الشمالية وأوروبا مدعومة بعائدات نفطية كبيرة. ومع ذلك. فإن النشاط الاقتصادي المتنامي في أجزاء أخري من العالم يقوم بتحويل الصفائح التكتونية للتمويل العالمي. ووفقاً لرؤية الكثير من بيوت الخبرة والمهتمين بالشأن الاقتصادي العالمي فإن المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي ليسوا في مأمن من الظواهر الجديدة التي تطرأ علي خرائط الاستثمار العالمي. لأن صعود العديد من الاقتصادات النامية بسرعة هو في حد ذاته يعبر عن تقديم فرص استثمارية جديدة وأكثر جاذبية لحنكة الاستثمار العربية المتطورة ولكن بالتوازي مع وجوب التطور في ديناميكية العلاقات العربية الأفروآسيوية. في عام 2015 حققت عمليات الاستحواذ الفندقية في أوروبا رقماً قياسياً. حيث اشتري المستثمرون علي مستوي العالم فنادق بقيمة 26 مليار دولار بزيادة هائلة بنسبة 66 في المائة عن عام 2014. وفقاً لشركة HV.S كان المشترون من دول مجلس التعاون الخليجي مسئولين عن خمس هذه المشتريات. نقطة ومن أول السطر هذا غيض من فيض في مسألة الاستثمارات العربية الضخمة في أوروبا. وهذا ينقلنا إلي أحداث الساعة في فرنسا واحتمالات تطورها علي المستوي البلجيكي والإيطالي نظراً لاكتظاظ المجتمعي بعرب غرب شمال أفريقيا علي وجه الخصوص وتنامي الاستثمارات العربية فرنسياً وإنجليزياً. فهل تتزايد احتمالات تغير الجغرافيا الاستثمارية العربية في أوروبا؟ وهل نفكر نحن المصريين بمستوي ذكاء اقتصادي يكفي بأن نعمل بسرعة البرق علي تخليق فرص إضافية للاستثمارات العربية علي الأراضي المصرية. وخاصة في ظل منظومة التطوير الاقتصادي التي يقودها رأس القيادة المصرية وتهتم بها معظم الكتل العالمية المؤثرة؟ وهل نحن بصدد فرصة كونية يمكن أن تمهد لنا طريقاً جديداً يختصر المسافة بين وضع الخروج من الأزمات المصنعة بحرفية خارجياً وداخلياً وبين مستقبل آمن ومستقر؟ وهل تمثل الأحداث المتغيرة بسرعة في فرنسا حالياً وفي أوروبا ككل مستقبلاً. كما يتوقع أهل الاختصاص فرصة كونية نادرة الحدوث لمصر كي تحدث الاستفاقة الحضارية ويعيد التاريخ نفسه لإطلاق نوع جديد من الحضارة الإنسانية كما بدأها المصريون الأوائل قبل أكثر من ثلاثين ألف سنة؟ وهل يجب علينا أن نركز في الكيفية التي يمكن من خلالها العمل علي تحقيق الحلم المصري الغائب بالريادة؟. أيها السادة أرجو أن تكون هذه الأسئلة مثار اهتمام للاجابة عليها أو علي الأقل للتفكير فيما يجب علينا القيام به من الانتقال شعبياً. وأكرر شعبياً. من الحالة الاستاتيكية التنظيرية والنقدية السلبية إلي الحالة الديناميكية الإيجابية العلمية والعملية التفاعلية كي يمكن أن نستفيد من حالة التطوير الاقتصادي المتنامي بانتظام ملحوظ في هذه الفترة التاريخية الحرجة حيث تسير مصر بعد توفيق الله ثم بحكمة ربانية أعالي البحار للحفاظ علي السفينة من الغرق بل والحفاظ علي استمرار سيرها في الطريق الصحيح إلي بر الأمان الذي ينتظره بل يحتاجه الجميع حتي من ينتقدون ومن يعترضون إن الأحداث التي تتناقلها وسائل الإعلام حالياً في أوروبا الفرنسية يتوازي حدوثها مع افتتاح أحد أكبر الأحداث في المجال العسكري بحضور عدد كبير من الدول وكبريات الشركات والذي يتم بالتوالي بعد حدثين عالميين علي الأراضي المصرية وهما مؤتمر الشباب العالمي ومؤتمر الأممالمتحدة للتنوع البيولوجي. أعتقد أننا علي المستوي المؤسسي للدولة ننتج العديد من النقاط التي تضاف إلي رصيد مصر في طريقها لإصلاح أوضاعها الاقتصادية من وجهة النظر التي يقيس بها العالم بعض معدلات النمو الاقتصادي الناتج عن التطور المتغير في التفكير والتخطيط والأداء ولعلنا هنا بصدد الأهمية القصوي لضرورة إحداث تغيير نوعي حقيقي في الأداء الإعلامي الاقتصادي ومدي فعالية التنوير الشعبي والكيفية التي يتم بها إعلامهم بجهود الدولة وما ينتج عنها من إنجازات يراها العالم ولا ندرك معناها نحن المصريين. إنها مجرد رسالة مصرية من مواطن مصري يبادر بالتفكير فيما يجب علينا أن نقوم به نحن المصريين تجاه إنجاح مسيرتنا الحضارية إلي تقلد مكانتنا الطبيعية وفقاً لمواردنا وعاداتنا وتاريخنا وموقعنا وحضارتنا وضروراتنا وأهدافنا التي تصل بنا إلي مصر العالمية.