ونحن في رحاب المولد النبوي الشريف مازلنا نتنفس الرحيق النبوي ونحاول أن نقترب من مقام الحبيب المصطفي- صلي الله عليه وسلم- لعلنا نهتدي. ونقرأ قول الله سبحانه وتعالي مخطابا حبيبه "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعيا إلي الله بإذنه وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً". هذا هو الحبيب يخطابه رب العزة ذو الجلال والإكرام "يا أيها النبي" كل الأنبياء يخاطبهم ربهم عز وجل باسمهم "يا يحيي" أو "يا زكريا".. يا إبراهيم".. يا عيسي".. كل الأنبياء إلا محمد يناديه بصفته حتي عندما يأتي ذكر الحبيب المصطفي باسمه محمد أو أحمد يأتي مرادفا لصفة النبوة والرسالة.. صلي عليك الله يا علم الهدي وسلم تسليما. "إن الله وملائكته يصلون علي النبي" هل هناك علو وشرف ومقام أكثر من هذا..؟ أن يصلي عليه الله جل وعلا ويصلي عليه ملائكته؟ وهل بعد هذا المقام مقام آخر؟ أن يصلي الله سبحانه وتعالي علي الحبيب المصطفي بذاته ومعه سبحانه وتعالي لا شريك له.. ملائكته..؟ لذا جاء الأمر بعده "يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"..!! ان الله يكرم الذين آمنوا بشرف عظيم وهو يأمرهم أن يصلوا علي الحبيب ويسلموا تسليما.. وكفي شرفا أن تصلي علي الحبيب.. كما صلي عليه ربه عز وجل.. صحيح أن صلاتنا دعاء.. وصلاة الله تكريم.. وصلاة الملائكة تختلف.. لكن المهم أن "الصلاة" لغة ومادة ومعني وروحا.. هي صلاة علي النبي كما صلي عليه الله وملائكته.. انه تشريف للذين آمنوا بأن يصلوا عليه لأنهم بذلك ارتفعوا.. لمقام أكبر وهم عبيد الله جلا في علاه. ولم لا.. ألم يصفه الله.. بأنه: شاهد.. ومبشر ونذير وداع إلي الله بإذنه وسراج منير؟ ومن قبل وصفه الله سبحانه وتعالي بالخلق العظيم قائلاً عز وجل: "وإنك لعلي خلق عظيم"..؟ وقال سبحانه وتعالي: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. وقال عز وجل مخاطبا حبيبه أيضا: "وإنك لتهدي إلي صراط مستقيم". هذا هو الحبيب المصطفي: "خلق عظيم".. حيث رباه ربه وهل من رب إلا رب العالمين..؟ هذا هو الحبيب المصطفي "رحمة للعالمين".. وهكذا أرسله الرحمن الرحيم فجعله رحمة للعالمين وليس لنا وحدنا.. فما أعظمه من عطاء إلهي لعبده ورسوله- صلي الله عليه وسلم. هذا هو الحبيب المصطفي "الهادي إلي الصراط المستقيم".. بعطاء الله ورسالته.. فالحبيب المصطفي كان قرآنا يمشي علي الأرض..!! هذا هو الحبيب المصطفي: شاهد علي الخلائق.. مبشر بكل ما هو خير وبركة.. نذير لكل ما هو شر وخسران.. وداع إلي الله بإذنه سبحانه وتعالي.. وهو الحبيب "سراج منير".. وبهدي هذا السراج منحه الله عطاء بأن يبشر المؤمنين بفضل من الله كبير. هذا هو الحبيب الذي أخبرنا الله في كتابه الكريم عن منزلته "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون.. كل آمن بالله.. وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله" ويخاطبه العزيز الكريم قائلا: "قولوا آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل علي إبراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". هذا هو مقام الحبيب المصطفي.. خاتم الأنبياء وأخرهم زمنا.. وأولهم في عطاء ربك من أولي العزم.. "قولوا آمنا بالله وما أنزل علينا".. هذا هو الأمر الأول.. ثم "وما أنزل علي إبراهيم".. حتي قوله سبحانه.. "والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم".. ثم يتفق الجميع منذ آدم حتي محمد علي أننا كل الخلائق وكل المؤمنين "ونحن له مسلمون". هذا هو قول الحبيب في حجة الوداع: "أيها الناس إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم.. ألا فأعبدوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم.. وتحجون بيت ربكم وأطيعوا أولات أمركم.. تدخلوا جنة ربكم".. طريق واضح.. صراط مستقيم يحدده بوضوح شديد.. يصل في النهاية إلي الجنة وهي الهدف. ثم يقول الحبيب "وقد تركت فيكم ما ان تمسكتم به واتبعتموه لن تضلوا بعدي أبدا.. وهو كتاب الله وسنتي" لقد حدد لنا الدستور الذي نعيش به والنظام الذي نطبقه.. الكتاب والسنة.. لذلك سأل الناس: أيها الناس وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ كان الجواب علي لسان الناس في حجة الوداع واضحاً حاسماً: "نشهد انك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة" ونحن معهم يا حبيبي يا رسول الله نشهد بما شهدوا به ونؤكده لذلك رفع الحبيب المصطفي أصبعه إلي السماء قائلا: "اللهم فأشهد.. اللهم اشهد.. اللهم اشهد". بعدها بلحظات نزل جبريل عليه السلام بآيات من القرآن بينات "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.. فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم"..!! أنصت الصحابة لهذه الآية حتي كان أهل الأرض والسماء يسمعون معهم.. حتي سمع الجميع بكاء عمر بن الخطاب.. فسأله الحبيب: ما يبكيك يا عمر؟ قال عمر: أبكاني إنا كنا في زيادة من ديننا.. فأما إذا اكتمل فإنه لم يكتمل شيء قط إلا نقص..!! هل صدق عمر بن الخطاب ونعيش الآن هذه الحالة؟ نعم بدليل ما قاله الرسول الكريم- عليه صلوات الله وسلامه- عندما قال بعد ذلك.. "ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.. وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم.. ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد.. وليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعي من سامع". صدقت يا حبيبي يا رسول الله.. هذا حالنا اليوم.. رجع الكثير منا بعدك ضلالا.. ضللنا يا رسول الله.. يضرب بعضنا رقاب بعض.. ويؤذي بعضنا بعضا.. ونحن نعيش في ضياع بعد أن ابتعدنا عنك وعن حبك.. ابتعدنا عن سنتك يا حبيبي يا رسول الله.. ابتعدنا عن تعاليمك يا حبيبي يا رسول الله. صدقت يا حبيبي يا رسول الله.. رجعنا بعدك ضلالا.. لأننا نسينا سيرتك الطاهرة وسنتك الشريفة وتعاليمك السامية.. يا حبييي يا رسول الله.. نحن لا نقرأ سيرتك.. وإذا قرأناها لا نفهمها.. وإذا فهمناها لا نعمل بها.. سيرتك العطرة يا حبيبي يا رسول الله نسيناها.. ومن لم ينسها تناساها.. أو جهلها ولو عرفناها حق المعرفة وعشناها بحق لوجدنا كل الخير ولعدنا قوة حقيقية في الدنيا.. وقوة حقيقية في كل عمل.. من أجل الخير وفي طريق الجنة..! يا حبيبي يا رسول الله اغثنا.. يا رسول الله نحن في أمس الحاجة إلي نور سيرتك العطرة يضيء لنا الطريق وفي أمس الحاجة إلي أن نعيش سيرتك قولاً وفعلاً.. ومعايشة وسلوكاً.. يا حبيبي يا رسول الله.. ادع لنا ربك لعلنا نهتدي ونعود إلي سيرتك العطرة ونعيش معك وبك فنحن يا حبيبي ضعفاء فادع لنا ربك يقوينا.. فقراء فادع لنا ربك يغنينا.. ظلمنا أنفسنا.. فادع لنا ربك يغفر لنا وينصرنا.. فلا ناصر سواه.. ولا إله غيره.. وأنت.. أنت حبيب الله يا حبيبي يا رسول الله. "ونستكمل في العدد المقبل ان شاء الله" همس الروح ** نهي الحبيب المصطفي عن الظلم.. فدموع المظلوم في عينيه مجرد ماء.. لكنها عند الله صواعق يضرب بها الظالم. ** نصحنا الحبيب المصطفي بصلاة الفجر.. فهي خير من النوم لأن النوم موت والصلاة حياة.. والنوم راحة للبدن والصلاة راحة للروح.. والنوم استجابة لنداء النفس والصلاة استجابة لنداء الله تعالي. ** كل خوف يجلب الهم والقلق إلا الخوف من الله فإنه يجلب لك أعظم ما في الحياة والآخرة "ولمن خاف مقام ربه جنتان".. اللهم أرزقنا الخوف منك والرجاء فيك وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم أجمعين.