مصر هي أم الدنيا.. تلك هي الحقيقة التي أكدها كل المؤرخين ولكن أهل مصر آخر من يعلم!! من يحاول الاقتراب من حضارة هذا الوطن وتاريخه.. من يحاول أن يتعرف علي انتصارات هذا الوطن من عهد أحمس إلي انتصار 6 أكتوبر.. ويتعرف أيضاً علي انكساراته سيجد نفسه أمام وطن ليس له مثيل ولكن أهل مصر آخر من يعلم.. وآخر من يعرف قيمة هذا الوطن الكبير!! قصص البطولات التي قرأناها عن أبطال 6 أكتوبر 1973 خلال الأيام الماضية تقول لك من هم المصريون الحقيقيون وما هي مصر.. ولكن كثيراً منا لا يريدون أن يعرفوا حقيقة هذا البلد الرائع تاريخياً وجغرافياً وحضارة.. وإنسان.. هذا الإنسان الذي كان ومازال هو أساس وأهل كل حضارة علي تراب هذا الوطن. برفقة الفنان الكبير والصديق الرائع سعيد فرماوي وأستاذنا المفكر الكبير أحمد الجمال كانت جولتنا من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها إلي مسجد أخيها الحسين بن علي سبطا رسول الله صلي الله عليه وسلم جولة روحية.. نتنفس فيها من رحيق وعبير آل البيت رضوان الله عليهم.. ونحن نتساءل في كل خطوة: هل يعرف المصريون حقيقة هذا الوطن؟ هل يعرف المصريون أن لمصر لغة خاصة وفكراً خاصاً ورؤية خاصة لكل حدث ولكل شيء!! أستاذنا المفكر أحمد الجمال موسوعة ثقافية تسير علي قدمين.. لا يترك شيئاً للصدفة.. بل يبحث ويدقق ليعطي المعلومة الصادقة.. وهو لا يختلف عن ثلاثتنا في عشق مصر وحب تراب هذا الوطن لذلك يكون لحديثنا كل مرة شجن خاص وروح من عبق التاريخ والجغرافيا والحضارة والإنسانية التي يتميز بها تراب مصر. يحكي عن إيزيس وأوزوريس وحورس.. كما يحكي عن مريم العذراء ورحلتها إلي مصر مع وليدها المسيح عليه السلام ومعهما يوسف النجار.. وهو يحكي عن أبناء يعقوب ورحلتهم إلي مصر بعد أن سبقهم إليها يوسف عليه السلام.. ورابع البركات موسي عليه السلام وآل عمران.. والهروب ثم العودة بعد أن كلمه الله في جانب الطور الأيمن ثم الهروب الأخير. وكانت البركات الخامسة علي أرض مصر هي آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم خاصة بعد أن أوصي بقبط مصر عليه الصلاة والسلام. من السيدة زينب التي عاشت في مصر وأحبها المصريون.. وأطلقوا عليها اسم "الطاهرة" وهو اللقب الذي أطلقه المصريون بلغات مختلفه علي إيزيس ثم علي مريم العذراء.. ثم الطاهرة أم هاشم. وفي رحاب أم هاشم تعيش جواً روحانياً رائعاً.. وبجوارها علي زين العابدين ابن سيدنا الحسين.. وأيضاً السيدة سكينة والسيدة صفية والسيدة عائشة حتي تصل إلي السيدة نفيسة.. وأقصد بها نفيسة العلوم رضي الله عنهم أجمعين ثم السيدة عائشة ثم تصل إلي الحسين حيث مقام رأس سيد الشهداء.. وبجواره أم الغلام وفاطمة بنت الحسن رضي الله عنهم أجمعين وعلي بعد أمتار مقام جعفر الصادق أول أئمة الجعفرية!! روائح أهل البيت تعطر المكان.. إنها مصر الطاهرة الصامدة الآمنة بهم وبأمر من الله جاءوا إلي مصر ليصدق فيها قوله سبحانه وتعالي: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين". وليصدق فيها قول الحبيب المصطفي "استوصوا بقبط مصر خيراً".. ونحن أهل مصر كلنا قبط مصر مسيحيين ومسلمين!! مصر من أقصي الشمال في المنزلة حيث نزل الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو التميمي الذي قال عنه الحبيب المصطفي "جيش فيه القعقاع لا يهزم أبداً" إلي أسوان وصعيد مصر حيث يكثر آل البيت وأبناء عبدالله بن الزبير وعبدالله بن جعفر.. وما أكثر آل البيت في صعيد مصر!! مصر آل البيت هي نفسها لمن لا يعرف هي مصر الرحلة المقدسة للعذراء مريم عليها السلام حيث هربت إلي مصر الأمن والأمان وعاشت فترة باركت فيها أرضنا الطاهرة ومعها المسيح عليه السلام ويوسف النجار يرافقهما.. مصر الرحلة المقدسة.. التي بدأت في مدخلها في سيناء حتي دير المحرق جنوباً هي مصر التي استقبلت يوسف عليه السلام.. ثم أبوه يعقوب عليه السلام وإخوه يوسف.. إنها مصر الطاهرة المؤمنة الصادقة الآمنة التي عاش فيها موسي عليه السلام.. ويقال إن قصره مازال تحت الأرض في محافظة الشرقية.. بالقرب من صان الحجر التي سحبوا منها آثارها ولا أدري لماذا؟ مصر التي زارها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج منها أمنا هاجر ليكون لنا فيها نسباً وصهراً.. فأمنا هاجر هي أم إسماعيل عليه السلام الجد الأكبر لحبيبنا المصطفي عليه السلام وشقيق إدريس عليه السلام والد يعقوب أبو الأنبياء عليهم وعلي نبينا الصلاة والسلام. مصر التي جاءها إدريس الذي رفعه الله مكاناً عليا.. مصر التي حباها الله بكل هذه النعم والعطايا الروحية والدينية فعرفت التوحيد قبل الجميع ونبت أهم وأعظم حضارة في التاريخ لأنها حضارة تمتزج بين الروح والمادة.. حضارة إنسانية هدفها وأساسها هو الإنسان!! مصر التي لا يعرفها حتي بعض أهل مصر أنفسهم هي كنانة الله في أرضه.. هي موطن خير أجناد الأرض.. هي التاريخ والجغرافيا والحضارة.. هي الإنسان الذي خلقه الله ليكون خليفة في الأرض!! مصر هي الأزهر.. هي الكنيسة الأرثوذكسية.. هي الناس والأرض والطين.. هي تاريخ الحضارة الإنسانية منذ نشأتها حتي الآن.. الحضارة بمعناها الإنساني والتنموي والبنائي والحربي وبكل معني عرفه التاريخ والإنسان صانع الحضارة والتاريخ.. مصر هي الطين والزراعة.. والتجارة والصناعة.. والموقع الجغرافي الذي منحه لها الله.. وكل نعم الله سبحانه وتعالي لمصر والمصريين والتي لا نعرفها إلا بعد فوات الأوان. مصر هي حب آل بيت رسول الله.. وحب رسول الله وأزواجه وأصحابه.. وحب المسيح عليه السلام والحواريين.. وحب موسي وهارون.. وحب يوسف ويعقوب وأبنائه وأباهم إبراهيم وإسماعيل. مصر هي حضارة الفراعنة في كل مكان من منفا وطيبة إلي صالحجر وصان الحجر.. من الشمال إلي الجنوب ومن الشرق إلي الغرب.. مصر هي الفراعنة والأقباط والمسلمون مروراً بدول وحضارات وحكايات طويلة تعبر عن مصرنا الإنسان المصري الأصيل.. ولكن الإنسان نفسه برغم أصالته وحضارته العظيمة لا يعرف مصر وما فيها وما أنعم الله به عليها. لم تكن حرب أكتوبر هي آخر الحروب ولن تكون لأن مصر الحضارة مستهدفة.. ونحن الآن نحارب الإرهاب وليس مجرد الإرهاب باسم الدين بل كل أنواع الإرهاب لفكر وحضارة وتاريخ هذا الوطن العظيم.. ومنه إرهاب الجهل الذي يحاول طمس حضارة هذا الوطن والذي يجب أن يكون لدينا خطة حقيقية طموح لكي تعرف الأجيال القادمة والحالية كل شيء عن مصر وتعرف حقيقة هذا الوطن الرائع وما يملكه من مقومات يندر أن توجد في أي وطن آخر.. إنها مصر أيها السادة!!