الإحصائيات تقول إن 60% من الاقتصاد المصري غير رسمي بمعني أنه غير مسجل لدي المؤسسات ولا تتلقي عنه الدولة أي ضرائب أو جمارك أو رسوم وبالتالي لا تملك عليه رقابة سواء صحية أو صناعية أو حتي قانونية فمعظم هذا الاقتصاد يعمل تحت "بير السلم" وينتج سلعاً يستخدمها المصريون وفي بعض الأحيان لا يوجد لها بديل في الأسواق لذلك أطلق عليه الخبراء "الاقتصاد الأسود" والبعض يشير إلي أن حجم هذا الاقتصاد يزيد علي 70 مليار جنيه. الأهم أن خروج هذا الاقتصاد من أفق الرؤية لا يجعل التخطيط القومي يملك شفافية في رسم الخطط القصيرة أو المتوسطة أو حتي البعيدة علي سبيل المثال يكفي أننا لا نعرف حجم البطالة بشكل دقيق فهذا النوع من الاقتصاد لا يسجل العاملون فيه سواء في التأمينات أو مكاتب العمل. 1.5 مليون توك توك و2 مليون مهني تندرج تحت هذا النوع من الاقتصاد.. لكنهم لا يعملون تحت بير السلم بل يزاحمون المارة في شوارع مصر وميادينها يرتكبون الجرائم يومياً بلا أي رادع بينما استولت المقاهي علي الأرصفة ونهر الشوارع بل والجزر الوسطي أيضاً دون أي رادع تنشر التلوث والتحرش والبطالة والمخدرات. هذه الأنشطة لا تعرف لها تسعيرة محددة.. فالتوك توك يرفع الأجرة يومياً وبمزاجه وقد وصلت في بعض الأماكن لعشرة جنيهات في مشوار لا يستغرق خمس دقائق يقوده صبية وبلطجية لا يملكون بطاقة هوية ولا رخصة والمركبة تسير بلا أرقام ويندرج مع "عربات الصندوق" التي تنقل المواطنين في المناطق العشوائية كالبضائع ولا يقل المشوار فيها عن ثلاثة جنيهات. الغريب أن قوانين المحليات تطال هذه الأنشطة وغيرها لكنها للأسف قوانين عفا عليها الزمن وتجاوز عمرها النصف قرن فأكبر مخالفة لا تزيد علي 100 جنيه يدفعها صاحب التوك توك أو المهني وفوقها "المعلوم" ويعيد العمل في دقائق فأقل عربة "صندوق" تكسب في اليوم 300 جنيه والسائق الطفل لا يقل دخله عن 150 جنيهاً يومياً من التوك توك أما المهني فأرباحه بالآلاف خاصة إذا امتدت لانشطة خطرة غير قانونية. حق الدولة وحق المواطن ضائع في مثل هذه المهن وغيرها فأصحابها يستفيدون من الطرق والبنزين المدعم والمياه والكهرباء والشوارع النظيفة ولا يدفعون مقابل ذلك حتي تستطيع الدولة أن ترده لباقي المواطنين في صورة خدمات تعليمية وصحية وبنية تحتية. باختصار يجب ألا يتحمل المواطن محدود الدخل عبء الضرائب فقط ليثري علي حسابه الآخرون وهم لا يقدمون شيئاً.. المعادلة مقلوبة ونحتاج من يتعامل معها بعدالة اجتماعية.