أكد الخبراء ان فساد الصغار أو "الفساد الصغير" أخطر من الإرهاب وأكثر ضررا والحرب عليه شاقة وانه يصعب تقديره وحصره وتكلفته أكبر من أي أنواع فساد أخري. اضافوا ان خطورته شديدة علي الاقتصاد وذلك لانتشاره في كافة جوانب الحياة مما يجعل من الصعب حصره والقضاء عليه بداية من الموظفين المرتشين وحتي تهرب المواطنين من سداد ثمن الخدمات مثل تذكرة المترو أو فاتورة الكهرباء. قالوا ان مواجهته تكون بتفعيل الرقابة وتغليظ العقوبات ووضع تشريعات جديدة نعيد فيها عقوبة "التجريس" لخلق رفض شعبي لهذه التصرفات مع ميكنة الخدمات لمواجهة فساد ذمم صغار الموظفين. الخبير الاقتصادي رشاد عبده قال ان الفساد هو العدو الأول للتنمية والازدهار والدولة في الفترة الأخيرة بدأت تنتبه لذلك ولقد شاهدنا وقوع مسئولين كبار من وزراء ومحافظين ورؤساء احياء تحت طائلة القانون في قضايا فساد ولكن يوجد نوعية أخري هو "فساد الصغار" وهذا أصعب في محاربته لأنه غير معلن ومنتشر ومتوغل في حياتنا عامة مثال الموظف الذي يحصل علي رشوة لتمرير أمر مخالف والمقاهي والباعة الجائلين الذين يقومون بسرقة التيار الكهربائي والمياه والأطباء والمدرسين الذين يتهربون من سداد الضرائب وحتي المواطن البسيط الذي يهرب من سداد ثمن تذكرة المترو والأتوبيس والأمثلة لا تنتهي ذلك الفساد الصغير يكلف الدولة مبالغ ضخمة من الصعب تقديرها وإذا تمكنا من محاصرته سيكون له تأثير ايجابي علي الاقتصاد المصري. وفي نفس الوقت هو السبب في الخلل الاجتماعي فمثلا بائع الفاكهة الذي يسرق الكهرباء والمياه يكسب أكثر من زميله الذي لا يسرق وكذلك يتسبب في زيادة الأسعار فالمواطن الذي يتهرب من سداد تذكرة المترو يتسبب في زيادة خسائره مما يجعل الدولة تقوم بزيادة سعر التذكرة لتعويض الخسائر وكذلك المحليات التي تترك اعمدة الانارة تعمل طوال النهار فكل اهدار للمال العام من اشكال الفساد مؤكدا ان علاج مشكلة فساد الصغار يبدأ من تفعيل الدور الرقابي للدولة وكذلك تغليظ عقوبات الفساد والضرب بشدة علي يد كل فاسد فمثلا في سنغافورة تم وضع عقوبة التجريس فإذا تم إلقاء القبض علي متحرش يتم جلده 30 جلدة في ميدان عام بشرط ان يتم الجلد علي عدة اسابيع وليس مرة واحدة أما عندنا فنقرأ في صفحات الحوادث انه تم اغلاق مطعم لتقديمه طعاما فاسدا بدون ذكر اسمه مطالبا الاعلام بخلق حالة من الرفض الشعبي عند المواطنين وتشجيعهم للابلاغ عن الفاسدين دون أي مسئولية قانونية عليهم لأن محاربة الفساد لا تقل خطورة عن الحرب علي الارهاب. وتري الدكتورة كاميليا كامل استاذ ادارة الاعمال بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ان محاربة الفساد والقضاء عليه بشتي أنواعه سواء الفساد الاداري أو الفساد المالي في المؤسسات الحكومية هي الشرط الاساسي لتحقيق التنمية أو النمو في أي قطاع من القطاعات مؤكدة ان القضاء عليه ومكافحته لابد ان يرتبط بمنظومة عمل سليمة تشمل قوانين ولوائح يعمل أعضاء مجلس النواب والمراكز البحثية سواء الخاصة منها أو القومية علي دراستها ومعرفة القوانين السارية وما بها من ثغرات حتي لو تطلب الأمر وضع تشريعات جديدة علاوة علي ان اللوائح الداخلية في الجهات الادارية والهياكل التنظيمية لابد من اعادة مراجعتها والاستراتيجيات هل اهدافها محددة أم لا وعلي ادارات الموارد البشرية ان تكون محفزة وايجابية ليكون هناك قدرة علي الابتكار والابداع والتطوير للقضاء علي السلبيات بخلاف انماط القيادة وبرامج اعداد القادة جيدة هل تصلح لمعالجة الفساد أم تخلق وتزرع الفساد والثقافة التنظيمية من قيم وعادات وتقاليد بدراستها وتحليلها ودراسة البيئة للمنظمات بخلاف القضاء علي الفساد في القيادات فأي خلل في أي جزء من المنظومة سيعطل عجلة التنمية والتقدم وعلي الدولة الاهتمام بالقطاعات والأولويات التي من خلالها تستطيع اشباع الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري لكي يحقق له متطلباته مشيرة إلي أن كل هذه الخطوات هي الضامن لوضع منظومة سليمة بمفهوم اداري سليم يقضي علي الفساد. ويضيف الدكتور عادل عامر رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية ان الفساد يعتبر آفة من آفات العصر تنتشر في المجتمعات الفقيرة والأكثر فقرا وكلما كانت الادارة السياسية جادة في مكافحة الفساد كان تحرك الأجهزة المعنية أكثر ايجابية في مكافحة الفساد وما نص عليه الدستور علما بأنه علي الدولة مكافحة الفساد من خلال آليات مختلفة سواء من الأجهزة المعنية والأمنية وغيرها وجعله من هذه الاجهزة هيئات مستقلة بذاتها بعيدة عن السلطة التنفيذية لتصبح أكثر ايجابية في القضاء علي الفساد موضحا ان حجم الفساد الصغير في مصر طبقا للتقارير الرسمية 2.7 مليار جنيه وهو الفساد المعلن أما غير المعلن فيصل لاضعاف اضعافه فالفساد في المجتمع ينتج من كثرة العمالة البشرية التي تتدخل في انهاء الخدمات والمصالح الخاصة بالجماهير مما يكثر في المعوقات حتي يجبر صاحب الخدمة بدفع الرشاوي ليحصل علي الخدمة فكلما قلت الايدي البشرية في التعامل مع طالب الخدمة قل الفساد بخلاف ان الشفافية إذا تواجدت في الأجهزة المعنية تعتبر احد الاسباب التي تكشف الفساد بأنواعه. ويؤكد عامر ان الفساد في المحليات يعتبر أكبر أنواع الفساد في المجتمع سواء كان الفساد ماليا أو اداريا بسبب عدم الانتهاء من تقديم الخدمات مميكنة في الادارة المحلية والتي مازالت تعتمد علي العنصر البشري الذي يتسبب في الفساد المالي المباشر كما يجب ألا يبقي الموظف في مكانه الحكومي وخاصة في بعض الادارات المالية والمشتريات أكثر من مدة 3 سنوات حتي لا يكون لديه معاملات خاصة مع عاملي ومترددي المصلحة هو ما نص عليه الدستور. وتؤكد ايفلين متي عضو مجلس النواب ان هناك شفافية بالفعل حاليا في القضاء علي الفساد وهو ما قامت به الرقابة الادارية من دور فعال لاثبات الرشوة والقضاء علي كافة أوجه الفساد سواء في المؤسسات الحكومية أو الشركات القابضة وغيرها وتعقب المفسدين أيا كانت المناصب التي يشغلونها وهذا أكبر دليل علي محاربة الفساد وهو ما يؤكد اننا نسير علي الطريق الصحيح علاوة علي ان الوعي عند المواطن المصري واصراره علي كشف الفساد بتكاتفه مع الرقابة الادارية والاجهزة المعنية بذلك مضيفة ان الفساد لابد ان يثبت بالمستندات وبالقول والفعل ولن يتم إلا بتقارير واضحة وتتسم بالشفافية والمصدقية وعرضها علي الرأي العام بخلاف تكاتف جميع اجهزة الدولة مع الأجهزة الرقابية لكشف أوجه الفساد والقصور فقضايا الفساد متعددة في مختلف الادارات والمؤسسات الحكومية سواء في الصحة والتعليم وغيرهما.