** أمام حالة الصراع الشديد التي فرضتها القنوات الفضائية للفوز بأكبر عدد من الإعلانات ودون تحديد وقت ومدة زمنية محددة للإعلانات داخل الفواصل في الدراما الرمضانية وبلا رحمة أو احترام لحق المشاهد في متابعة الدراما بشكل محترم وقع المشاهدون في متاهة بعد أن تحول الأمر وأصبحت الدراما مجرد فواصل داخل الماراثون الإعلاني وإن كان البعض يري أن هذه القنوات تحاول أن تعوض المبالغ الضخمة المدفوعة في شراء هذه الأعمال والتي تكلفت ميزانية إنتاجها ملايين الجنيهات بل وتحاول هذه القنوات أن تحقق أرباحا وحتي لا تقع في خسارة نتيجة عدم تغطية تكاليف هذه الأعمال وبالتالي تحول الأمر إلي تجارة وفقدت الدراما قيمتها وأهميتها بل وكثير من متابعيها في الوقت الذي تحول البعض للمتابعة عن طريق اليوتيوب بعد أن وجدوا أنه الخلاص والمهرب من طوفان الإعلانات الذي سيطر علي الدراما أما الجمهور العادي الذي لا يجيد التعامل مع الإنترنت فانصرف عن متابعة الدراما بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين بكم غير عادي من الإعلانات ولا وقت للدراما خاصة وأن الزمن المخصص للحلقة الواحدة قد تضاءل حتي أن بعض الحلقات في المسلسلات وصلت مدتها إلي 26 دقيقة فقط بعد أن كانت في السابق 45 دقيقة وبالتالي أصبحنا نتابع 26 دقيقة دراما وسط كم رهيب من الإعلانات لتتحول دراما رمضان إلي إعلانات رمضان.. وطبعا مع تكرار الإعلانات في اليوم أكثر من 50 مرة بكل القنوات وهو ما يبعث حالة من الملل خاصة وأن معظمها تركز في إعلانات جميع التبرعات لمستشفيات رصدت الملايين لتنفقه علي الإعلانات من أجل أن تجمع تبرعات علي اعتبار أن شهر رمضان هو شهر الخيرات والأعمال الصالحة والصيام والزكاة وبالتالي كان تكثيف هذه المستشفيات لإعلاناتها وبصراحة أمام هذا الكم الصاخب من الإعلانات لم يعجبني سوي إعلان وحيد هو إعلان قلبي ومفتاحه والذي عبر بهدوء من خلال الأغنية الشهيرة للراحل فريد الأطرش عن معاناة كثير من مرضي القلب. ** وإذا عدنا للدراما فنجد أن هناك بعض الأعمال قد فرضت نفسها واستطاعت أن تجذب المشاهد إما لمستواها الفني أو لموضوعها أو للنجوم المشاركين فيها ومن أبرز المسلسلات التي حققت نجاحا جماهيريا ومتابعة بالإضافة إلي أنها ناقشت موضوع الساعة وهو حرب الشرطة والجيش مع الإرهابيين هو مسلسل "كلبش" الجزء الثاني والذي استطاع الفنان أمير كرارة أن يعيش الشخصية بشكل كبير والملفت في هذا المسلسل هو أداء الفنان هيثم أحمد زكي والذي أعاد اكتشاف نفسه من جديد وهناك مسلسل "عوالم خفية" للنجم الكبير عادل إمام الذي استطاع أن يقدم إطلالات جديدة ومختلفة علي جمهوره بموضوع جاد وهو محاربة الفساد وكشف الفاسدين وقد استطاع المسلسل أن يعيد للصحافة المصرية هيبتها ومكانتها باعتبارها سلطة شعبية مهمتها الرقابة وكشف الفساد والفاسدين ومحاربة كل الخارجين عن القانون فهي مرآة المجتمع وضميره وذلك من خلال شخصية هلال كامل الصحفي الذي لا يخشي من الفاسدين تدعمه في ذلك أجهزة الدولة الأمنية التي تقف ضد كل من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن مهما كان موقعه وكان أداء عادل إمام مختلفا مع التكنيك الإخراجي الرائع للمخرج رامي إمام منتج المسلسل.. أما بالنسبة لمسلسل محمد رمضان "نسر الصعيد" فالموضوع جيد ولكن هناك أخطاء فنية كثيرة وقع فيها مخرج العمل ياسر سامي في أول أعماله الإخراجية وهو ما جعلها تؤثر بشكل كبير علي مستوي المسلسل ورغم ذلك إلا أن جماهيرية محمد رمضان فرضت نفسها علي نسبة متابعة المسلسل وبرغم أن الموضوع فيه صراع بين قوي الشر والشرطة إلا أن المط والتطويل في الأحداث هو ما أثر علي المسلسل.. ومن المسلسلات اللافتة أيضا مسلسل "رحيم" بطولة ياسر جلال و"طايع" بطولة عمرو يوسف. ** المخرج سامح الشوادي استطاع بإمكانيات بسيطة وميزانية فقيرة أن يقدم عملا فنيا جيدا وبتكنيك إخراجي رائع يستحق عليه الإشادة ولكن للأسف العمل الذي قدمه الشوادي تعرض للظلم خاصة وأنه يعرض علي شاشة التليفزيون المصري وبدون دعاية وهو ما جعله يتوه وسط زحام مسلسلات وأعمال رمضان ولكن هذا لا يمنع أن المسلسل برغم إمكانياته البسيطة إلا أن الشوادي قدم عملا رائعا ولم لا فهو مخرج الجوائز خاصة وأنه حصل علي أكثر من جائزة في مهرجان الإذاعة والتليفزيون ومشهود له بالكفاءة والتميز. ناصر عبدالنبي [email protected]