الطبقة المتوسطة هي أساس أو عمود الخيمة التي يقوم عليها أي مجتمع. وهي المعيار الذي يمكن ان تقيس عليه مدي غني او فقر او تقدم او تأخر أي شعب. وكلما إتسعت قاعدة الطبقة المتوسطة في اي الدولة كلما كان ذلك دليلا علي تقدم وتحسن مستوي معيشة شعبها. وإذا تقلصت تلك القاعدة فان هذا مؤشر علي اتساع حجم الفجوة بين الاغنياء والفقراء وهو مؤشر خطر علي أي دولة. وتتشكل الطبقة المتوسطة عادة من الافراد الذين يتخطون حد الفقر ويمتلكون من الدخل مايكفي لتوفير معيشة كريمة دون عوز او احتياج ويعيشون دون ترف او إسراف. وهم في مصر يمثلون نسبة كبيرة من العاملين في الجهاز الاداري للدولة والمهنيين من أطباء ومحامين ومدرسين وصحفيين وكتاب. وهناك ارتباط وثيق بين الرقعة التي تمثلها الطبقة المتوسطة وبين السلوك الاجتماعي للشعب. وبالتالي فهي العنوان الابرز والدليل الواضح علي مدي رقي وتقدم هذه الشعب. وكلما زاد حجم هذه الطبقة كلما زداد المجتمع رقيا وارتفع أخلاقياً. وأخطر مافي برامج الاصلاح الاقتصادي هو التأثير السلبي الذي تتحمله الطبقة المتوسطة. فارتفاع أسعار السلع والخدمات الناتج عن قرارات وإجراءات الاصلاح. يؤدي الي تأكل مدخرات وتراجع دخول تلك الطبقة. ويدفع بنسبة كبيرة من أفرادها الي منحدر الفقر وانضمامها الي محدودي الدخل والفقراء. في حين تدفع تلك القرارات والاجراءات بنسبة - ولو محدودة - من المنتفعين والوسطاء والمستغلين او المحظوظين - الذين قد يحققوا ثروات إضافية ويزدادوا غنا. فتزداد بذلك الفجوة بين الاغنياء والفقراء. وقد حاولت الحكومة تدارك هذا الامر قدر المستطاع. ووضعت مظلة متكاملة للحماية الاجتماعية. وكان هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي علي ضرورة التدرج في اتخاذ القرارات الصعبة وزيادة فترة الزمنية لتطبيق برنامج الاصلاح. وخاصة في القرارات المتعلقة برفع الدعم عن بعض السلع والخدمات مثل المواد البترولية والكهرباء وترشيد دعم السلع التموينية. وقد نجحت الحكومة الي حد كبير في تنفيذ برنامج الحماية حتي الان. من خلال زيادة حدود دعم السلع التموينية للمستحقين واستحداث برامج تكافل وكرامة وزيادة عدد المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي. وزيادة اعداد المستفيدين من قرارات العلاج علي نفقة الدولة. وصرف علاوات الغلاء وزيادة المعاشات. لكن كل ماسبق هو مجرد مسكنات لاتصلح في ظل اصلاح اقتصادي واجتماعي شامل. لأن المطلوب في الفترة القادمة هو إصلاح حقيقي لمنظومتي الاجور والمعاشات. لاتضمن فقط عدم تآكل دخول الطبقة المتوسطة في ظل ارتفاع الاسعار. بل تضمن توزيعا عادلا للثروة ولمعدلات النمو التي بدأت ترتفع. ولثمار الاصلاح الذي بدأنا نجنيها. پ پپ