تميل الرواية المهيمنة لوسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية إلي تصوير الفلسطينيين علي أنهم المعتدون أو المحرضون علي الإرهاب وليس كضحايا لعنف دولة ارهاب. لذا. فعندما يطرح توماس سواريز كتابه بعنوان دولة الإرهاب: كيف أنشأ الإرهاب إسرائيل الحديثة" والصادر العام الماضي فقد يكون مفاجأة للبعض أنه يشير إلي مجموعة واسعة من الإرهاب الصهيوني الذي نفذ في السنوات التي أدت إلي إنشاء إسرائيل عام 1948. من خلال البحث العميق في الأرشيف الوطني للمملكة المتحدة. قام سواريز عازف الكمان الامريكي الذي درس الموسيقي في نيويورك بالوصول الي تفاصيل تاريخ الإرهاب الصهيوني الذي أثر علي المدنيين الفلسطينيين والمسئولين البريطانيين واليهود المناهضين للصهيونية في جميع أنحاء أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. بحسب الكاتب الذي ولد لاب اسباني شارك في الحرب العالمية الثانية واثر علي رؤية ابنه السياسية وام ايطالية الاصل حيث يعتبر الكيان الصهيوني نموذجا جديدا للاستعمار من مخلفات الحرب التي اشعلتها الولاياتالمتحدة. فانه رغم هذه المئات من أعمال العنف لم تكتف الحكومة البريطانية بالامتثال للمطالب الصهيونية وحسب. بل شيدت أيضاً صندوقاً مهماً من الصناديق لتمويل الأسلحة التي أعدت لليهود المقيمين في فلسطين للاستيلاء علي المزيد من الأراضي بالقوة أكثر مما نص عليه قرار التقسيم الصادر عن الأممالمتحدة عام 1947 بل وصل الامر الي مكافاة العديد من المسئولين عن قتل الآلاف من المدنيين بالعمل كرؤساء للوزراء وغيرهم من المناصب الرسمية العليا في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1948. يروي الكاتب الذي أكد انه ورث رفض الاحتلال من والده الذي زاد حنقه تماما في اعقاب هزيمة العرب في حرب 1967 في الفصلبن الأولبن لدولة الإرهاب تاريخ المشروع الصهيوني منذ نشأته في أواخر القرن التاسع عشر إلي تكثيف الإرهاب الصهيوني بعد صدور الكتاب الأبيض لعام 1939 والذي سعي للحد من الهجرة اليهودية إلي فلسطين. يعمل هذان الفصلان. اللذان يغطيان فترة موثقة بشكل جيد من قبل علماء التاريخ. علي وضع سياق للإرهاب الصهيوني في الفترة ما بين 1939 و1957 وهو التركيز الأساسي لسواريز. وبحسب الكاتب فلم يقتصر المشروع الصهيوني علي مساحة مكانية علي جزء من فلسطين فحسب. بل سعي إلي كل فلسطين وخارجه. وهكذا كان الانتداب البريطاني فترة انتقالية تمكنت الوكالة اليهودية خلالها من تحضير السكان الفلسطينيين من خلال العنف وزيادة الهجرة اليهودية بشكل كبير. تقول أطروحة سواريز إن الإرهاب الصهيوني هو الذي أملي في النهاية مسار الأحداث خلال فترة الانتداب البريطاني علي فلسطين وهو إرهاب الدولة الإسرائيلي الذي لا يزال يملي الأحداث اليوم واضاف انه من خلال جهد هائل يعمل علي دراسة مواد أرشيفية بريطانية يمكن إثبات هذا الادعاء بوضوح شديد. تبين من بحث سواريز أن الميليشيات الصهيونية الثلاث الكبري: إرجون وليهي وهاجنة استخدمت عددًا كبيرًا من التكتيكات المختلفة لترويع السكان الفلسطينيين والمسئولين البريطانيين والسكان اليهود في الشرق الأوسط وأوروبا. وينسب إلي الأيديولوجية الصهيونية عددا من التكتيكات المدرجة في كتاب سواريز ويشمل اغتيالات كبار المسئولين البريطانيين. والهجمات علي الشرطة ومكاتب البريد. وتفجيرات الأهداف المدنية مثل الأسواق والفنادق والحرب الكيميائية والهجمات علي اللاجئين اليهود في جميع أنحاء أوروبا لدفعهم للهجرة وعمليات القتل العشوائية للسكان المدنيين الفلسطينيين واليهود في فلسطين. كما يوضح سواريز أن هذه المنظمات الإرهابية الصهيونية الثلاث وهي الهاجنة هي الجناح المسلح للوكالة اليهودية التي نسقت وعملت معا علي شن هجمات كبري. حيث قام قادة الوكالة اليهودية بالاتفاق علي العديد من التفجيرات. كتلك التي طالت فندق الملك داوود في 1946. وقبل تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 تحولت حملة الإرهاب الناجحة في إطار المواجهة غير المتكافئة بين العرب والصهاينة الي حملة التطهير العرقي للفلسطينيين. ويضع الكتاب قاعدة أرشيفية رائعة لدولة الارهاب تخدم علماء آخرين للبناء عليها كتابيا حول موضوع بالغ الأهمية غالباً ما تم نسيانه. ويتحدي الرواية الصهيونية الكبري عن نشأة دولة الاحتلال الإسرائيلي.