في كثير من الأحيان نستطيع معرفة مشاعر الآخرين وانفعالاتهم دون أن يتكلموا عنها أو يظهروها لنا. فالمعرفة هي بداية الاحساس بالذات وفن الوصول للمعرفة هو فن الحصول علي البصيرة. من المعني اللغوي يتضح أن مدلول البصيرة يدور حول العلم بالشيء. والمعرفة الواضحة والحجة. والرؤية الصادقة. إذ ليس كل مبصر بصيراً فكم من فاقد لعين البصر لكن الله تعالي من عليه بنور البصيرة. فيري ما لا يراه المبصر بعين رأسه. وعمي البصيرة أشد وانكي من عمي البصر. قال تعالي:" أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور".. فكثير ممن لهم قلوب لايعقلون ولا يفهمون ولا يعتبرون. وكثير ممن لهم آذان لا يسمعون إلا كما تسمع البهائم التي لا تدرك إلا جرس الأصوات. ولا تسمع سماع تعقل. وكثير ممن لهم عيون لا يرون إلا شخوص الاشياء. وقد عميت قلوبهم التي في صدورهم فلا بصيرة لهم. فالبصيرة صفة قلبية. يري بها الشخص المعارف علي حقيقتها. أو هي نور في القلب يري به ما لا تراه العين. أو هي:"إدراك القلب للأمور إدراكاً صحيحاً سواء كانت هذه الأمور شرعية أم حالية أم مستقبلية" وهذايجعلنا نتذكر علم تميز به العرب منذ قديم الزمان وهي الفراسة والتي تعني أن يعرف الانسان بحنكة وذكاء ما يخفي عنه ويستطيع التكهن ببواطن الأمور. خاصة تلك التي تخص سمات الناس. وقد وهبه الله هذه الميزة للعديد من الناس حتي يسهل عليهم أمور دنياهم فلا يقعون في شرور غيرهم من الناس الذين لا يتبعون شرع الله. والفراسة لا تعني أن يعقد الناس أو يظنوا بغيرهم ظناً يرون أنه هو الحقيقة بعينها فيقول الرسول الكريم "اشققت عليه قلبه" أي الأناس لا يمكن أن يعرف ما يحمل اخيه الانسان في داخله من أفكار واسرار إلا أنه يستطيع التنبؤ بسلوكيات الناس من باب الخبرة وهبة الله لبعض عباده الصالحين بأن يكون لديهم فراسة.