ليس الأعمى من لا يرى...وإنما الأعمى هو الذي لا يشعر بالحق الذي يراه ولا يتدبر الموعظة التي أمامه ...فكم من بصير يرى بعينيه ولكن قلبه لا يرى شيئا ، وكم من أعمى البصر ولكن قلبه يرى الحق !! كل أصحاب العقول و كل ذوي الأبصار يرون الحق فيتبعونه ، ويعرفون أهله فينضمون إليهم ، أما الذين طمس الله علي قلوبهم فهم يسيرون بلا وعي أو إدراك " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ "( الحج :64) نعم " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور" ( الحج : 46) " نعمة البصر ...من أعظم النعم ، فلنحمد الله عليها في سجودنا اليوم وكل يوم ..... جاء الصحابي الجليل عبد الله ابن أم مكتوم الى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عبدالله أعمى فاقد البصر فقال يارسول الله لقد نزلت آية أحزنت قلبي ؟ فقال ما هي يا عبد الله قال : " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " يا رسول الله لقد رضيت بالعمى في الدنيا والدنيا فانية ولكن لا أطيق العمى يوم القيامة حيث لا فناء فنزل قوله تعالى " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " وعندئذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم يا عبدالله يا ابن أم مكتوم انك ستكون اول من ينظر الى ذات الله يوم القيامة يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاية .. وقوله:" أفلم يسيروا في الأرض" أي بأبدانهم وبفكرهم أيضاً ، وذلك للاعتبار أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال، " فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها" أي فيعتبرون بها " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" أي ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر أ.ه إذاً .. ما لفرق بين البصر والبصيرة ؟ إذا كان القلب هو مصدر الإبصار فما هي مهمة العينين والعقل الذي إذا اختل أصيب الإنسان بالغيبوبة وربما الوفاة الدماغية ؟ يقول مجاهد : لكل عين أربع أعين .. يعني لكل إنسان أربع أعين .. عينان في رأسه لدنياه .. وعينان في قلبه لآخرته .. فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئا وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا..!! الذين طمس الله علي قلوبهم يعرفون الحق ويحابون الباطل ، يعلمون الحقيقة ويخفونها لمصالح شخصية ونزوات وقتية ونزعات دنيوية ، فيشهدون الزور ويعملون السوء ويقترفون الإثم ، مما يؤدي إلي انتشار الفساد وتخريب البلاد وظلم العباد ، وفي الحقيقة أعمي البصيرة لا يلومن إلا نفسه بعد ذلك " وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير "( الملك : 10-11) لذلك البصر مختلف كلياً عن البصيرة التي هي أساسها القلب ولو كان الرجل أعمى وصلحت بصيرته لما ضره ذلك شيئا !! والذين يرون الحق في الدنيا ويتبعونه سيرون الحق في الآخرة والحق اسم الله كيف ؟ : قول النبي : إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ ؟ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ :" لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ "( يونس ) . العمي ليس عمي الأبصار وإنما هو عمي القلوب ، ولقد زرت اليمن ( بلد الايمان والحكمة ) في منتصف التسعينات وهي حبيبة الي قلبي وأهلها كذلك خاصة اهل ريمة وخاصة عزلة بني عبد العزيز ، رأيتهم يلقبون رجل كفيف بالبصير ، نعم النظر الحقيقي الرائع ، الاجمل والافضل لأصحاب البصيرة يوم القيامة قال تعالى :" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة "( القيامة ) اللهم ارزقنا النظر إلي وجهك الكريم ، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.