يعتقد كثير من العرب والمسلمين - بشكل خاطئ- أن التحيز الامريكيي المستمر للكيان الصهيوني المسمي "إسرائيل¢ مرجعه سياسي وأن تلك الدولة العنصرية صنعت بفعل فاعل من أجل أن تكون شرطي المنطقة لحماية المصالح الامريكيةپ في الشرق الاوسط . هذا الاعتقاد مارسه وروج له كثر من النخبويين الذين تولوا زمام القيادة في العالم العربي والاسلامي خلال المائة عام الاخيرة لكي ينأوا بأنفسهم خارج دائرة الصراع الديني الذي مهد لولادة الدولة الصهيونية ومواجهة دعواتها التي بدأت كفكرة شيطانية إلي ان توغلت وصنعت بأفكارها المزعومة دولة عنصرية تستهدف وجودهم وتاريخهم ووجود عالمهم العربي والاسلامي . الوجه الآخر لما أقدم عليه ترامب باعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر السفارة الامريكية إليها بعد أكثر من أربعة قرون من ميلاد الفكرة الصهيونية هو تطور طبيعي يترجم ثوابت ايمانية وعقائدية تتجاوز الحسابات السياسية للرئيس الامريكي وظل حلما يراود الكثيرين من الرؤساء الامريكيين المؤمنين بفكرة المسيحية الصهيونية حتي لو كلفهم ذلك حياة ملايين البشر في ضغطة واحدة علي الزر النووي . وبالتالي فمهما قدم العالم العربي والاسلامي من تنازلات وتضحيات من أجل إرضاء الولاياتالمتحدةالامريكية ومهما أبدي القادة والملوك من استعداد للتوافق معها والسير في ركابها وعقد صفقات بالمليارات لن يغير شيئا من الموقف الامريكي تجاه إسرائيل . في منتصف العام 1600 ميلادية أي ما قبل عقد المؤتمر الصهيوني الاول بدعوة من تيودور هرتزل بأكثر من مائتي عام تقريبا دعت الحركة البروتستانتية في اوروبا اليهود الي مغادرة اوروبا والعودة الي فلسطين لاقامة "مملكة الله" تمهيدا لعودة المسيح التي ستحسم مصير الصراع بين الايمان والكفر وقيادة العالم لمدة 1000 سنة تقوم بعدها الساعة. في ظل تلك الادبيات الدينية أصبح الايمان بمساعدة اليهود علي اقامة دولتهم في فلسطين نوعا من العبادة التي تعبر عن المشاركة الانسانية في تحقيق الارادة الالهية والامل في الخلاص المسيحي. ثم حدث تطور مهم في مسيرة الحركة الصهيونية المسيحية التي انطلقت من الادبيات الدينية للكنيسة البروتستانتية في بريطانيا وهولندا وألمانيا بأن انتقلت في ظرف ما إلي الولاياتالمتحدةالامريكية مع المهاجرين الانجلوساكسون فحملت شعلة الحركة حتي أن ثمة اعتقادا دينيا يجري تعميمة بشتي الوسائل وترسيخه في الضمير الامريكي مفاده أن الله يعاقب من يسيء إلي اسرائيل ويحسن إلي من يساعدها وأنه ببركة دعم الولاياتالمتحدة لإسرائيل تتنزل البركات من الله إلي الشعب الامريكي خيرا ورخاءا وسلاما وأمنا . الحركة الصهيونية المسيحية يؤمن بافكارها عشرات الملايين من الامريكيين المستعدين لتقديم شتي أنواع الدعم لاسرائيل منهم رؤساء امريكيون بينهم ريجان وكارتر وبوش الابن وآخرهم ترامب الذي تلا القسم كرئيس للولايات المتحدةالامريكية أمام أحد القساوسة الانجيليين المؤمنين والداعمين للصهيونية المسيحية التي تؤمن كنيسته بفكرة العودة الثانية للمسيح شرط قيام دولة صهيون وتجمع يهود العالم علي أرض فلسطين . تؤمن الحركة الصهيونية أنه بدون تدبير إلهي تتعرض الدولة اليهودية لهجوم من غير المؤمنين " المسلمين والملحدين " مما يتسبب في مجزرة كبيرة بوادي هرمجيدون بين الضفة والجليل الاعلي تستخدم فيها أسلحة نووية وكيميائية يموت فيها الملايين من أجل الخلاص . تلك الحركة حققت نجاحا مهما في ابريل 1990 عندما دفعت باتجاه استصدار القرار الاول من الكونجرس الامريكي الذي ينص علي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل تلاه قرار آخر عام 1995 لنقل مقر السفارة الامريكية من تل أبييب إلي القدس وهو القرار- الذي أنهي ترامب رجل الاعمال الشعبوي تجميده - وكان يؤجله الرؤساء الامريكيون السابقون علي مدار اثنين وعشرين عاما تحسبا للظروف الافضل للمساهمة في تحقيق المشيئة الالهية بتكوين مملكة الله علي كامل الارض المقدسة وفي قلبها جبل الزيتون ثم هدم المسجد الاقصي لإقامة الهيكل المزعوم ومعركة هرمجيدون وعودة المسيح ليحكم الارض الف سنه تقوم بعدها الساعة .