بعد أكثر من خمسين عاما من انشاء هيئة التأمين الصحي عام 1964 في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والتي جمعت المصريين لأول مرة تحت مظلة تأمينية صحية في وقت كان عدد السكان في مصر لا يتجاوز 18 مليون مصري واستمرت الخدمة تقدم بشكل جيد وآدمي حتي بداية السبعينيات حين بدأت المنظومة في الانهيار لأسباب كثيرة.. ومع الاتجاه للخصخصة فقد التأمين الصحي قوة دفعة وقفز العلاج لأرقام فلكية ولم تفلح قرارات العلاج علي نفقة الدولة والتي تكلفها المليارات سنويا في تخفيف آلام غير القادرين بعد أن تسلل إليها الروتين والفساد معا! وكان لابد من قانون جديد للتأمين الصحي يقدم الخدمة الآدمية والمناسبة لكل فئات الشعب بلا تفرقة وصدرت تعليمات الرئيس السيسي بأن تشمل مظلة الأمان الاجتماعي قانون التأمين الصحي يقدم خدمة جيدة ومراقبة لأكثر من 92 مليون مصري وقد استغرق اعداده أكثر من عامين وبالأمس فقط وافق مجلس النواب عليه ليبدأ تنفيذه مع بداية عام 2018 علي ست مراحل وحتي عام 2032 أعظم ما أهداه القانون الجديد للمصريين هو اغلاق باب خصخصة المستشفيات الحكومية والجامعية للأبد معتمدا علي ثلاث هيئات لها حق الضبطية القضائية رافعا شعار "الجودة أولا" باستحداث هيئة للاعتماد والرقابة الصحية ذات موازنة مستقلة تقدم تقييمها لرئيس الجمهورية كل شهرين. ورغم كل هذه المزايا التي يقدمها القانون الجديد إلا ان نسب الاشتراك لا تتجاوز 7% للأسرة كلها ومن حق المؤمن عليه اختيار جهة العلاج من الجهات المتعاقدة مع الهيئة وقد وفر القانون الجديد مصادر تمويل ثابتة تضمن استمرار الخدمة وجودتها للجميع بما فيهم الابناء حتي الحصول علي عمل والفتيات حتي الزواج وهو يعفي غير القادرين ومرضي الأمراض المزمنة والأورام من تكاليف العلاج ولا يتجاوز ما يدفعه الأرامل وأصحاب المعاشات عن 2% من الأجر. والمظلة التأمينية الجديدة لم تترك ولأول مرة العاملين في القطاع الخاص بلا غطاء فقد ألزم القانون ولأول مرة أصحاب الاعمال علي سداد 4% شهريا من أجر العامل للتأمين واصابات العمل. المصريون في الشارع ولأول مرة نطقت وجوههم بالتفاؤل والأمل في الخلاص من منظومة صحية شديدة السوء وغير عادلة.. بينما طمأن مديرو المستشفيات الجميع بأن المنظومة القديمة التي تعتمد علي قرارات العلاج مستمرة وكذلك تقديم خدمات الطواريء. وفي نفس الوقت ستبدأ المستشفيات كلها في تحديث البنية التحتية وتدريب اطقم تقديم الخدمة استعدادا لوصول قطار التطبيق لكل محافظة. بينما دعا الاقتصاديون إلي زيادة مصادر التمويل وخاصة المصادر الجماعية والتي لا تعتمد علي الضرائب لضمان استمرار الخدمة وجودتها. نواب الشعب والمؤسسات المدنية رحبوا بالقانون مؤكدين انه لأول مرة سيعرف المصريون الحصول علي خدمة جيدة مقابل ما ينفقونه علي العلاج ويقدر ب 120 مليار جنيه 72% منها يخرج من جيوبهم وتذهب 65% من هذه الميزانية للقطاع الربحي الذي لا يقدم بالضرورة خدمة جديدة وملائمة.