هبة عبد السلام أبطال لبوا نداء الواجب وكانوا طوال حياتهم نموذجا للقيم والمبادئ الأصلية وقدوة يحتذي بها لكل من حولهم في الإيمان والوفاء والفداء والتضحية. وبالرغم من قوة الابتلاء إلا أن زوجاتهن ظهرن في مختلف وسائل الإعلام ليحكين بقوة وصلابة ذكرياتهن مع ازواجهن الشهداء والمواقف التي لا تنسي من حياتهن.. بل إن احداهن وهي "منار سليم" زوجة البطل الشهيد العقيد أركان حرب أحمد منسي أبكت برثائها لزوجها الحاضرين خلال فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة عندما قالت : زوجي البطل ينتمي للمؤسسة العسكرية وهو مواطن مصري أصيل. يقدم المساعدة للجميع دون انتظار مقابل. كان يبحث عن حق الله في ماله وصحته ونفسه فقد كان شديد الغيرة علي مصر وأرضها لم يكن يخشي في الحق إلا الله سبحانه وتعالي. بعد استشهاده صلي عليه في المساجد والكنائس. وكان في اتصال شبه يومي مع ابنه ليتحمل المسئولية من بعده. وكان في كل صلاة يدعو لأبنائه أن يتربوا علي حب مصر وجيش مصر. وكان يتمني كل يوم الشهادة وهو يؤدي واجبه تجاه وطنه مثلما استشهد والده قبلا . وكان يتقدم الصفوف لمواجهة العمليات الإرهابية. فأحمد باق إلي يوم الدين وروحه موجودة في ملايين الأبطال. وفي تصريحات أخري تقول: "زوجي البطل قدم حياته فداء للوطن لكي نعيش نحن في أمان". وهذه الكلمات التي تجسد صمود زوجات الشهداء تذكرنا بكلمات الزميلة سامية زين العابدين الصحفية نائب رئيس تحرير المساء عندما استشهد زوجها العميد عادل رجائي قالت بكل صمود: "أنا جوزي بطل وراجل عظيم استشهد عشان اسم مصر يفضل مرفوعا للعالي". وأضافت: "أنا مش هسّمع صوتي للمصريين. أنا هسّمع صوتي لأعداء مصر. وقبل ما احكي واتكلم عن استشهاده قدام عنيا بقول لشعب مصر أنا جوزي بطل وراجل عظيم. دافع عن بلده. دافع عن كل المصريين". وزوجة أخري تردد جملة كان يرددها زوجها البطل الشهيد دائما ويقول: "أقسم بالله ملكش يا إرهابي عيش في البلد دي طول ما إحنا المصريين فيها. فالجهاد هو طريقي الوحيد". وبالرغم من شدة المحنة إلا أنهم فخورون بأزواجهن الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن. مؤكدات أن كل شيء يهون في سبيل حماية الأوطان. وبالرغم من الألم الذي نشعر به جراء الفراق. إلا أن شرف الشهادة لا يساويه شرف..ومثل هؤلاء النساء لابد أن نقف لهم تبجلا واحتراما ونعرف ما هو دور المجتمع تجاههن وما الذي يمكننا أن نقدمه من أجل مساندتهن في محنتهن.. فهذه الحفاوة وذاك التكريم وتلك الرعاية هي التي تدعم الروح المعنوية للمقاتلين الشرفاء الذين يواجهون الارهابيين في شجاعة وقوة إيمان. رسالة المجتمع لأسر الشهداء تقول منال لطفي رئيس منظمة مصريات ضد الإرهاب إن دور المجتمع وكافة مؤسساته الخاصة والعامة تجاه أسر شهداء الجيش والشرطة لابد ان يكون علي مستوي الحدث.. والحدث هنا جلل وكبير فهذا الشهيد قد أعطانا أغلي ما يملك من أجل أمننا وهو حياته. ولم يلتفت الي شي غير واجبه تجاه وطن وشعب.. لذا وجب علينا أن نرعي أسرته وزوجته وأبناءه الي أن يصلوا لبر الأمان .. والرعاية هنا لا أقصد بها الرعاية المادية فقطپفالدولة لا ينبغي أن تقصر في حق أسرة الشهيد وإنما تتكفل بهم وتوفر لهم الرعاية الكاملة طوال حياتهم .. ولكنني أقصد الجانب المعنوي فلابد لنا كمنظمات مجتمع مدني أن نتواصل معهم طوال الوقت من خلال برامج وجلسات لكي تعلم أسرة الشهيد أن مصر حكومة وشعبا معهم فيجب أن ندعمهم في محنتهم ونكون معهم في الأوقات التي يحتاجونها وفي المناسبات المختلفة كأمسيات رمضان والأعياد ودخول المدارس.. هذه الأوقات هي التي يحتاجنا فيها أولاد الشهداء..پولابد أن يتم تفعيل ذلك علي أرض الواقع من خلال تشجيع الدولة للمؤسسات الداعمة لأسر الشهداء خاصة أننا أحيانا نواجه صعوبات أمنية في التواصل مع أسر الشهداء أو عناوينهم أو في إقناعهم في التعامل معنا. صندوق دعم الشهداء تقول المهندسة ابتسام أبو رحاب عضو المجلس القومي للمرأة وعضو مجلس النواب: طالبنا بإنشاء صندوق لدعم أسرة الشهيد ووالديه وزوجته وأولاده ليس فقط دعما ماديا وإنما أيضا لحل مشكلاتها كتوفير مسكن أو وظيفة لزوجة الشهيد إن لم تكن تعمل خاصة أن متطلبات الحياة أصبحت كثيرة وقد لا يكفي معاش الشهيد أولاده وأسرته مما يستدعي عمل الزوجة لتحسين مستوي الدخل.. كما أنه لابد أن تكون هناك استثناءات لأبناء الشهيد في مختلف المجالات كأن مثلا تقدم لهم منح تعليمية في الكليات التي يلتحقون بها ومن يرغب فيهم في دخول الكليات العسكرية يتم تبسيط وتسهيل إجراءات الالتحاق بها له وأيضا تكون هناك نسبة مئوية تضاف لمجموعه في الثانوية العامة كما يحدث مع نسبة النشاط الرياضي ال 4% التي تضاف إلي المجموع لتعلم أسرة الشهيد وخاصة زوجته أن مجتمعها لم ينسي شهيدها وأنه سيظل تخلد ذكراه مع مرور الأيام والأعوام . دور الفن تقول الفنانة فردوس عبد الحميد إن ما مرت به أسر الشهداء من فاجعة الله وحده يعلم مدي شدتها وقوة أثرها علي نفوسهم خاصة زوجة الشهيد التي كان رحمه الله بالنسبة لها هو سندها وظهرها وأبو أولادها وكلهم أطفال يحتاجون الي رعاية ونفقات .. فأصبحت فجأة المسئولية عليها مضاعفة فهي الآن بالنسبة لهم الأم والأب وعليها ان تتحمل ويلات نشأتهم نشأة صحيحة وقوية.. ورغم شعورهن بالوحدة والحرمان من أعز الناس إليهن إلا أننا نجدهن في قمة الصمود والفخر بتضحية أزواجهن من أجل حماية تراب هذا الوطن بل ويرين أنهن مكتفيات بلقب الشهيد كوسام سيلتصق بها ولقب أولادها. بل ولقب العائلة لأجيال وعقود قادمة فهو لم يكرمهم فقط في حياته ولكن أكرمهم وأكرم عائلته بأكملها باستشهاده .. وتضيف: وعلي الفن دور كبير في تسجيل هذه التضحيات في أعمال درامية تجسد الواقع وعلي الحكومة أن تعيد دعمها وتتحمل انتاج هذه الأعمال التي يتم فيها توثيق الدور الذي قام به كل من الشهيد وأسرته من أجل هذا الوطن خاصة أننا في السنوات الأخيرة وتحديدا بعد ثورة 25 يناير تخلت الحكومة عن دعم وانتاج الأعمال الدرامية وتركتها للإنتاج الخاص الذي يبحث فقط عن الربح ولا يهمه توثيق مثل هذه الحقائق.. وإن كانت هناك بادرة أمل فيپالأيام الأخيرة من خلال مؤتمر الشباب الذي يرعاه الرئيس السيسي بشرم الشيخ حيث تم الاشارة الي أهمية الثقافة والفن ودورهما في توثيق وتسجيل ما يحدث علي أرض الواقع لتتعلمه وتستفيد منه الأجيال القادمة. وفي النهاية توجه الفنانة فردوس كلمة لزوجات الشهداء وكل أسرته وتقول "أنتن تاج علي الرؤوس ومصدر فخر للجميعپ.. فنحن نستمتع بحياتنا في منازلنا في الوقت الذي يضحي أولادكم وازواجكمپ فيه بأرواحهم من أجلنا¢.. أم وأب .. في آن واحد تقول رانيا محمود استاذ علم النفس: تتولي المرأة بعد استشهاد الزوج وظيفتين: الأمومة.. والأبوة.. ويتوقف مدي نجاح المرأة في تربية الطفل علي قيامها بالوظيفتين والجمع بينهما بدقة وتوازن. حيث تتولي قيادة الأسرة والأبناء والتوجيه الانضباطي والفكري والاجتماعي والاقتصادي للأسرة. وتحدد لهم نوعية التعامل واتخاذ المواقف. ولكن في الوقت ذاته تغدق عليهم الحنان والمحبة. وتحلي نفسها بسعة الصدر والحلم في مسيرتها. وتنمي شخصياتهم وتنشئ فيهم سلوكيات وعادات خاصة وتوفر لهم مقامات الحياة الاجتماعية السليمة في المحيط العائلي .. وتلقي كل هذه المسئوليات علي عاتقها حتي أنها قد تشعر بعدم توافر الوقت لتحزن علي شريك حياتها الذي مات غدرا علي يد الارهابيين الغاشمين.. والمرأة بطبعها حزنها عميق فقد تراها متكيفة ومتقبلة للواقع الأليم ومؤمنة بقضاء الله وقدره وتعلم أن ما أصابها لم يكن ليخطئها وما أخطأها لم يكن ليصيبها. وتبدأ بالتكيف مع الحياة الجديدة ولكن جرحها مازال عميقا والوقت وحده غير كاف لمعالجته ومما يزيد المعاناة النفسية أسئلة الأطفال حول غياب والدهم. أو حول البحث عن معني الوفاة أو العزاء. ومن المناسب عدم تجاهل أسئلتهم أو تأجيل الإجابة عليها وتضيف: لذلك من المهم أن يدرك المحيطون بالأرملة حاجاتها. وأن يحافظوا علي وقفة داعمة لها. وأن تشعر أن المحيطين بها يتعاطفون معها ويشعرون بمشاعرها ويشاركونها الألم والحزن.پ