في لقاء تليفزيوني سألتني المذيعة: كيف تري القرار الأمريكي بتخفيض المساعدات الأمريكية لمصر في الوقت الذي تضاعف فيه من مساعداتها الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل؟! قلت لها: بالتأكيد.. القرار يعبر عن مواقف وسياسات مؤسسات صناعة القرار في أمريكا وانحيازها الأعمي لإسرائيل وتأثير اللوبي الصهيوني عليها فعلاقة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالرئيس الأمريكي ترامب متميزة.. لكنها أمريكا التي تريد أن تظل مصر تدور في فلكها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.. وهذا لن يحدث في ظل السياسة الخارجية المصرية الجديدة المنفتحة علي كل دول العالم. والواقع أن أمريكا لا تغدق علي إسرائيل وتدعمها اقتصادياً وعسكرياً من أموالها وكفاح وإنتاج شعبها.. لكنها تفعل ذلك - وفق تقارير سياسية وعسكرية - من الأموال الطائلة التي تحصل عليها من الأشقاء العرب بطرق وأساليب مختلفة.. فالعرب في واقع الأمر هم الذين بدعمون إسرائيل وثرواتهم الطائلة التي تقدم لأمريكا علي أطباق من ذهب هي التي تصنع قوة وغطرسة وإرهاب الدولة العبرية. هذا واقع يؤكده العديد من المراقبين السياسيين فمنذ حرب أكتوبر التي أعادت الكرامة وردت الاعتبار للعرب جميعا وليس لمصر وحدها ونحن كعرب نسجل فشلاً تلو الآخر في توظيف أموالنا وثرواتنا ومواقفنا وحجم ومكانة دولنا لتحقيق مصالحنا وإجبار خصومنا علي احترامنا. في حرب أكتوبر استخدم الاشقاء العرب بقيادة الملك فيصل البترول كسلاح داعم لمصر وحقق هذا الوعي السياسي والاقتصادي دعماً حقيقياً للموقف المصري.. ومنذ ذلك الحين ونحن لا نعي كيف نستخدم أموالنا وثرواتنا الطبيعية لإجبار الآخرين علي احترام قراراتنا وعدم التدخل في شئوننا الداخلية.. بل نتسابق لتقديم كل ما في جيوبنا لمن يبتزنا ويحاول دائماً فرض وصيته علينا. ہ ہ ہ ہ هذا علي المستوي الرسمي حيث استطاع الرئيس الأمريكي ترامب أن يحصد مئات المليارات من بعض الدول العربية خلال أيام دون جهد أو عناء.. أخذ من الفرقاء واهماً كل طرف بأنه السند والداعم له.. ثم أدار ظهره للجميع وأخذ يتلاعب بالمواقف الأمريكية ويمارس الضغوط من أجل إمارة صغيرة اتهمها هو نفسه بعبارات صريحة بدعم الإرهاب ورعاية جماعات التطرف والعنف. علي المستوي الشعبي المسلمون عموماً علي وجه الخصوص يقدمون يوميا دعماً سخياً لإسرائيل لمساعدتها علي إرهاب كافة الدول العربية وإهانتها.. هذه حقيقة مؤكدة لم تعد تقبل الجدل والخلاف ولم تعد تستند إلي أوهام أو ادعاءات.. بل تؤكدها بيانات وإحصاءات واعترافات وتصريحات وتقارير سياسية واقتصادية واضحة. منذ أيام قرأت تقريراً عن الأموال العربية التي تتسرب إلي إسرائيل من خلال الشركات الصهيونية التي تغلغلت في البلاد العربية وتحمل جنسيات دول أمريكية وأوروبية.. وما يحمله التقرير من حقائق ويكشف عنه من معلومات مؤلمة ومؤسفة ومفزعة ويؤكد أننا الممول الرئيسي لإسرائيل اقتصادياً وعسكرياً. ہ ہ ہ ہ منذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي وخبراء السياسة والاقتصاد والأمن في بلادنا العربية يطالبون بردع اقتصادي قوي لإسرائيل والقوي المساندة لعدوانها وإرهابها مادمنا عاجزين عن اتخاذ مواقف سياسية أو عسكرية قادرة علي تحجيمها.. لكن للأسف تذهب هذه المطالبات أدراج الرياح.. بل فتحت كثير من الدول العربية وفي مقدمتها "إمارة قطر العظمي" التي تتقمص دور البطولة والوطنية - خطوط تعاون اقتصادي مع الكيان الصهيوني والآن تقف إسرائيل في ظهر قطر لتحريضها علي شق الصف العربي والقضاء علي ما تبقي من وحدة عربية. التقارير تؤكد أن العرب يمدون إسرائيل بكل ما تحتاجه من طاقة ومعظم ما يستهلكه العدو الصهيوني من طاقة يحصل عليه من الدول العربية الشقيقة!! أسواق الدول العربية مليئة بالمنتجات الإسرائيلية التي يستوردها العرب عن طريق وسطاء وهم يعلمون أيضاً أن هذه المنتجات إسرائيلية مائة في المائة والملايين التي يدفعونها ثمنا لها تدخل خزينة الدول العبرية. ہ ہ ہ ہ علي مواقع التواصل الاجتماعي قوائم تحمل اسماء الشركات والمطاعم والمتاجر العالمية التي يمتلكها صهاينة في أمريكا وأوروبا وانتشرت فروعها في كافة الدول العربية والتي تعلن دائما عن جمع تبرعات وتقديم مساعدات سخية لحرق "الأوغاد العرب"!! هناك شركة شهيرة لإنتاج القهوة يمتلكها صهيوني متطرف عرف بتقديم أكبر دعم فردي لإسرائيل وهو لا يتوقف عن تقديم مساعدات لدعم إسرائيل في مواجهة الإرهابيين العرب.. ورغم ذلك لايزال العرب يقبلون علي منتجات شركته ليظبطوا مراجهم ويساعدوه علي تقديم المزيد من الدعم لإسرائيل!! هناك شركة سجائر شهيرة يدمن العرب منتجاتها تقديم مساعدات علنية لدولة إسرائيل تقدر بالملايين شهيراً.. ورغمه ذلك يتضاعف إقبال المدخنون العرب علي الوباء القاتل الذي تنتجه هذه الشركة ليحرقوا أموالهم ويدمروا صحتهم ويساعدوا إسرائيل!! هناك العديد من المطاعم الشهيرة ذات الأصول الأمريكية والأوروبية التي تنتشر في بلادنا العربية ولاتزال تزدحم بالمرفهين والكادحين العرب في كل مكان ليقدموا مساعدات اقتصادية علنية لإسرائيل لا تنفيها الشركات التي تمتلك هذه المطاعم. هناك مشروبات تنتجها شركات أمريكية وأوروبية شهيرة عرفت بدعم إسرائيل ويمتلك معظم أسهمها صهاينة متطرفون. ہ ہ ہ ہ لا ينبغي أن نستهين بالمقاطعة الاقتصادية لمنتجات الدول التي تجاهر بعدائنا وتناصر العدوان علينا وتؤيد وتساند من يهدر حقوقنا. الشركات الوطنية الخالصة هي الأولي بما تبقي في جيوبنا بعد أن أنفقنا معظم ما نمتلكه علي شراء منتجات دول عدوانية تمارس أبشع صور الإرهاب السياسي والعسكري والاقتصادي ضد العرب والمسلمين.