ما بين الاهتمام بالتعليم وتجديد الخطاب الديني لتصحيح مفاهيم مغلوطة لدي كثيرين مازالت تربط تنظيم النسل بكلمة "حرام" بالاضافة إلي وضع خطط واضحة المعالم تصب في تنمية الموارد البشرية جاءت أغلب الحلول المطروحة علي ألسنة أساتذة الاجتماع فيما يخص أزمة الزيادة السكانية.. خارج الصندوق كانت هناك أفكار ترتبط بما يعرف ب "الحوافز السلبية" بحرمان "الطفل الثالث" من دعم الدولة ومن الحقوق التي يحصل عليها الاول والثاني فيما ذهب البعض إلي تجارب دول أخري لم تجد أمام تهديد "الانفجار السكاني" سوي اتخاذ اجراءات قاسية وصلت إلي حد "تعقيم الرجال" الذين يجاوزون القانون بانجاب "طفل ثالث". "الجمهورية" ناقشت خبراء الاجتماع في حلول عملية لاحتواء مشكلة الزيادة السكانية التي تلتهم عائد التنمية وتعوق جهود الدولة في طريقها نحو "مصر الجديدة". حلول جذرية في البداية أوضحت الدكتورة هدي زكريا استاذ علم الاجتماع السياسي ان الزيادة السكانية في المنطقة العربية وأفريقيا وآسيا اثرت علي الخطط التنموية لها سلباً.. لافتة إلي ان هناك دراسة اجريت علي هذه الزيادة في "علوم السكان" اثبتت انها تتضاعف باستمرار في وقت تنبهت دولة كالصين أو الهند لذلك مبكراً ووضعت حلول جذرية لهذه المشكلة عندما وجدت انها قد تهدد البلاد وتضعف اقتصادها.. واضافت: مشكلتنا مع الزيادة السكانية ان التكدس يتركز في 8% من مساحة مصر وضعاً في الاعتبار كذلك ان اغلب من يبحث عن الانجاب بكثرة من الفئات الفقيرة والشرائح الدنيا في المجتمع لأنهم يستخدمون الابناء كايدي عاملة وليس كمستهلكين.. وبالتالي فمعظم هؤلاء الابناء لم ينالوا حظهم من التعليم.. وأشارت إلي ان ثقافة الأسر في هذه الفئات الاجتماعية الفقيرة هي الانجاب بكثرة لتخوفهم من الموت المحقق لأكبر عدد من ابنائهم بسبب المرض والفقر إذا استمر الحال علي هذا المنوال لن نجني سوي مزيد من الفقراء والمرضي والأميين والمرشحين لأن يكونوا أداة تخريب وتدمير للبلاد ولذا لابد من وضع سياسات لتنظيم النسل بوسائل ليس للنساء فقط بل للرجال ايضا كما فعلت "انديرا غاندي" وأعلنت عن "تعقيم" الرجال كعقوبة للذين لا يلتزمون بالخطة المجتمعية ينجب أي منهم طفلين مع الاهتمام بنشر الوعي والتعليم في القري لأن الجهل وحده كفيل بان يجهض أي خطط للتنمية. لا.. للطفل الثالث وتشدد "زكريا" علي ضرورة تغلغل الدولة بمعني الكلمة داخل البيت المصري والوصول إلي عمق الحياة اليومية للحصول علي النتيجة المرغوبة إذ ان نظرة الفقراء ورؤيتهم مضادة تماماً للرؤية الرسمية للتنمية لنظرة صناع القرار لذا فلابد من التوفيق بين الرؤيتين بحرمان الطفل "الثالث" من كافة المميزات والحقوق التي يحصل عليها الأول والثاني. يتفق معها الدكتور سعيد صادق استاذ الاجتماع السياسي مؤكدا ان علماء الاجتماع أول من حذروا من هذه المشكلة ومنذ الثلاثينيات هم أول من دقوا ناقوس الخطر لأن المساحة المستغلة كانت 6% وقتها اضافة إلي قلة الموارد المائية إلي ان جاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأنشأ المجلس القومي للسكان للحد من هذه الأزمة ثم منع السادات الزواج المبكر للفتيات. مفاهيم دينية مغلوطة وأشار إلي ان الفتاوي المغلوطة لبعض رجال الدين تلعب دوراً سلبياً وتشجع علي زيادة النسل مما يؤثر علي التنمية والأوضاع الاقتصادية خاصة بالريف لذا لابد من مواجهة ذلك الخطاب الديني بآخر مستنير لا يغفل البعد التنموي والصالح العام للمجتمع ككل مع تحديد عقوبة من قبل الجهات المسئولة بالدولة لكل من ينجب أكثر من طفلين ابتداء من يوم صدور قرار بهذا الشأن وليس بأثر رجعي. ويتابع لابد ان يكون كذلك للمدارس دور في الحث علي النظام وتحمل المسئولية مع توضيح مميزات انجاب طفل أو اثنين علي الأكثر وما تقدمه الدولة من خدمات أفضل ليكون لدينا جيل واع مثقف يشارك بايجابية في التنمية ولا يقع في ذات الأخطاء التي تحمل مردودا سلبيا علي كل محاولات النهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع. ملف التعليم ويري الدكتور نبيل السملوطي العميد الاسبق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر واستاذ علم الاجتماع ان قضية الزيادة السكانية قد تكون نعمة إذا ما احسنا استثمارها لأن الطاقة البشرية أهم من الموارد الزراعية والمائية وغيرها وقد تكون نقمة كما في مصر لأن التعليم سييء للغاية وتدهور حاله منذ أكثر من 40 عاماً مضت اضافة إلي عدم الاهتمام بالتدريب المهني والفني ما اخذ كثيراً لسوق العمل في العديد من القطاعات فتري خريجي الجامعات والمدارس غير مؤهلين مما فاقم بدوره من نسبة البطالة الأمر الذي ادي إلي وجود العديد من العاطلين الذين يحمل اغلبهم "شهادات عليا"!! ويتابع: بالرغم من التوعية المستمرة علي مدار السنوات الماضية عن طريق حملات تنظيم الأسرة إلا أن الزيادة السكانية في تزايد لأن اغلب المواطنين يعتقدون حتي الآن ان تنظيم النسل حرام شرعاً علماً بأن الإسلام حث علي التنظيم والتخطيط وأكد الرسول صلي الله عليه وسلم ان المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ولم يقصد هنا القوة الجسدية بل العقل والفكر والافادة للمجتمع. لذا يجب التأكيد علي ان تنظيم النسل فريضة والانجاب بقدر وفقاً لامكانيات الأب الذي لابد ان يوفر لابنائه الحياة الكريمة وهنا يأتي دور الخطاب الديني لتوضيح المفاهيم المغلوطة وان يضيق الفجوة بين الدين والعلم في إطار فهم حقيقي ومستنير ومن جهة أخري لابد من تنمية مواردنا البشرية واستغلالها بشكل حقيقي لخدمة خطط التنمية بدلا من ان تظل عائقا أمامها ولدينا نماذج عديدة في هذا الإطار علي رأسها الصينوالهند.