الوقت المستغرق لإنهاء إجراءات الاستثمار هو المعيار الحقيقي الذي تقاس به صالحية المناخ لاستقبال رءوس الأموال من عدمه. لذا تتسابق الدول دائماً وتتنافس علي اختصار زمن تأسيس المشروعات والخدمات التي يحتاجها المستثمر لدرجة أن بعض الدول أصبحت لا تستغرق سوي ثوان في عمليات الإفراج الجمركي وإصدار تراخيص التشغيل والتأسيس وغيرها من الإجراءات المطلوبة. هذا هو الفارق الحقيقي بين دولة متخلفة وأخري متقدمة اقتصادياً. إذا طبقنا هذا المنظور وتحليل ما يحدث داخل مصر نجد في الواقع أن هناك رغبة أكيدة في تهيئة المناخ العام للاستثمار والسعي بكل جدية لتيسير الإجراءات. وهذا ما حدث مؤخراً بإصدار قانون للتراخيص الصناعية ولائحته التنفيذية التي قدمت مزايا عديدة أبرزها اختصار مدة إصدار التراخيص للمنشآت من 600 يوم إلي سبعة أيام. حيث أدخل القانون ولائحته مفهوماً جديداً لاستخراج الرخصة بالإخطار. لكن السؤال هنا هل القانون وحده يكفي؟ أم إنه كان يجب اتخاذ إجراءات موازية مثل تفعيل الحكومة الإلكترونية وتأكيد التواصل الإلكتروني بين أجهزة ومؤسسات الدولة وضمان سرعة الخدمة وجودتها. نعم القانون دمج أكثر من جهة استثمارية في جهة واحدة. لكن مازال الأمر محصوراً في الورق وعملية التطبيق والتنفيذ علي أرض الواقع غير ملموسة. الدليل علي ذلك أن المنازعات قائمة ولم ينجح القانون في حل المشاكل بعد مرحلة كبيرة من التطبيق. أنا أعتقد أنه مازال هناك إجراءات كان يجب اتخاذها قبل تطبيق قانون التراخيص الصناعية مثل تفعيل الحكومة الإلكترونية والعمل علي ميكنة الخدمات وسرعة الإجراءات. لأن اختصار وقت المستثمر أمر ضروري ويمثل قضية حياة أو موت للتنمية الاقتصادية. ولابد أن يدرك الجميع أن المستثمر لا يأتي إلي الدول إلا إذا توافرت معايير محددة تحقق له الاستقرار والأمان ثم معدلات الربحية وفقاً للمعايير العالمية للعوائد المحققة من استثمار رءوس الأموال وأعتقد أن الأمر في مصر مرهون علي العنصر البشري وثقافة التعامل مع أصحاب المشروعات.