أخيرا تحقق الحلم، وخرجت إلي النور اللائحة التنفيذية لقانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية الذي أقره البرلمان وصدر به قرار جمهوري في مايو الماضي، والتي تستهدف تبسيط الإجراءات واختصار الدورة المستندية والقضاء علي البيروقراطية والتسهيل علي المستثمرين في الحصول علي التراخيص اللازمة ومعالجة موضوع منح تراخيص التشغيل التي تعتبر أحد أهم العناصر المؤثرة علي تصنيف مصر في تقارير أداء الأعمال الصادرة عن المؤسسات الدولية، كما أنه سيحدث ثورة في معدلات الاستثمار الصناعي في مصر خلال المرحلة المقبلة، ما سيسهم في وضع مصر في مصاف الدول الأكثر جذبا للاستثمار الصناعي إقليمياً ودوليا. هذا القانون سيغير، حسبما يؤكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، فلسفة منح التراخيص في مصر حيث وضع منظومة متكاملة تتوافق مع النظم الدولية لمنح التراخيص من خلال تفعيل دور هيئة التنمية الصناعية باعتبارها الجهة المعنية بتنظيم الصناعة ووضع قواعد إصدار تراخيص المنشآت الصناعية وكذا تبني أدوات وآليات جديدة لإجراءات منح التراخيص منها وضع مصفوفة بالاشتراطات اللازمة لمنح التراخيص وفقاً لمخاطر النشاط الصناعي واستحداث نظام الترخيص بالأخطار ل 80٪ من الصناعات القائمة وكذا إدخال مكاتب الاعتماد المؤهلة من القطاع الخاص في عملية إجراءات فحص المنشآت الراغبة في الحصول علي الترخيص. وسيتقلص زمن إصدار الترخيص من 600 يوم حالياً إلي أقل من 7 أيام للترخيص بالإخطار، وأقل من 30 يوماً للترخيص المسبق، وتحويل نظام تنفيذ الإجراءات وعمليات الإصدار من نظام يدوي حالياً إلي نظام مميكن، وضع أنظمة للتظلمات بمعايير وأحكام محددة في حين أنه لا توجد حالياً معايير محددة لذلك، فضلاً عن إدخال مكاتب اعتماد فنية في النظام الجديد في حين أن النظام الحالي يقتصر علي الهيئة فقط. كما حدد القانون الجديد جهة واحدة للتعامل بدلا من 11 جهة في القانون القديم، اختصار العمليات الإجرائية الأساسية التي يقوم بها المستثمر (طالب الترخيص) في 3 عمليات بدلا من 7 عمليات في الوضع السابق، وكذا اختصار الإجراءات الداخلية بالهيئة من 154 إجراء إلي 19 إجراء فقط. ولفت قابيل إلي أن اللائحة تضمنت أيضا المبادئ الأساسية التي تبنتها الهيئة العامة للتنمية الصناعية في التعامل مع المستثمرين والتي شملت الالتزام بإتمام الإجراءات ومراعاة التوقيتات المنصوص عليها في القانون واللائحة دون تحميل المنشأة الصناعية أي أعباء إضافية وإتاحة المعلومات الخاصة بممارسة النشاط الصناعي علي الموقع الإلكتروني للهيئة والربط بين القرارات والغرض من إصدارها وإقرار آلية للتظلم من القرارات التي تمس حقوق أو مصالح المنشأة الصناعية. ويتبني ولأول مرة منهج الترخيص بالإخطار، باستحداث نظام للترخيص بالإخطار للصناعات التي لا تمثل درجة كبيرة من المخاطر علي الصحة والبيئة والسلامة والأمن (وهي تمثل 80٪ من الصناعات القائمة في مصر)، وتلتزم هذه الصناعات بإخطار الجهة الإدارية المختصة بنشاطها مرفقاً بالبيانات والمستندات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وفقاً لطبيعة المخاطر التي يمثلها النشاط، لافتاً إلي أن اللائحة أجازت تقديم الإخطار بالتشغيل والمستندات سواء باليد أو إليكترونياً أو البريد المسجل بعلم الوصول أو عن طريق شركات شحن الطرود البريدية وألزمت اللائحة هيئة التنمية الصناعية بتسليم صاحب الشأن في ذات اليوم صورة طبق الأصل من نموذج ممهوراً بخاتمها يُعد بمثابة ترخيص غير محدد المدة. وقد أبقي القانون علي نظام الترخيص المسبق علي الأنشطة الصناعية التي تمثل درجة كبيرة من المخاطر علي الأمن والصحة والسلامة والبيئة (تمثل 20٪ من الصناعات القائمة) حيث بسطت اللائحة التنفيذية إجراءات التقدم بطلب الحصول علي الترخيص وأجازت تقديمه باليد أو إليكترونياً أو بالبريد المسجل أو عن طريق شركات شحن الطرود البريدية مرفقاً بالمستندات المطلوبة، وألزم هيئة التنمية الصناعية في حال استيفاء الطلب لكل المستندات بالبت في الطلب خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ تقديمه، وفي حالة عدم استيفاء المستندات المطلوبة تعلم الهيئة مقدم الطلب بذلك خلال مدة لا تتجاوز 21 يوماً من تاريخ تقديم الطلب حتي يتسني لها معاينة المنشأة والبت في الطلب. وسوف يتم تكليف مكاتب اعتماد مؤهلة من القطاع الخاص لبيان مدي التزام المنشآت الصناعية بالاشتراطات من خلال عدة ضوابط شملت إعفاء المنشآت التي تتقدم بشهادة اعتماد من المعاينة في حالات الترخيص الجديد أو توفيق الأوضاع وإلزام مكاتب الاعتماد بإيداع تقرير الفحص في نفس اليوم حال وجود مخالفات جسيمة وفي موعد أقصاه يوم عمل في غير ذلك من الأحوال. وتم تحديد قواعد المسئولية المهنية التي يجب أن تلتزم بها المكاتب في ممارسة عملها في الالتزام بأحكام القوانين والقرارات المتعلقة بمجال عملها والخدمات التي تؤديها ومنع الممارسات الفاسدة والتدليسية أياً كان نوعها لدي تنفيذ عقود الاعتماد والتأكد من استيفاء كافة العاملين بالمكتب لشروط التأهيل والصلاحية اللازمة لأداء الأعمال المنوطة بهم علي أكمل وجه وبذل العناية الواجبة في الفحص والاستيفاء والاعتماد وتجنب تعارض المصالح والحفاظ علي سرية وخصوصية المعلومات الخاصة بطالبي الاعتماد والالتزام بإخطار الجهة الإدارية المختصة بأسعار ما تقدمه من خدمات للمتعاملين معها. كما تم منح تصاريح تشغيل مؤقتة للمنشآت والمحال الصناعية القائمة والحاصلة علي ترخيص قبل صدور القانون الجديد ولائحته، علي أن تقوم بتقديم طلبات توفيق الأوضاع إلي الهيئة العامة للتنمية الصناعية خلال مدة أقصاها سنتين من تاريخ تقديم الطلب للمنشآت الخاضعة لنظام الترخيص بالإخطار وثلاث سنوات للمنشآت الخاضعة لنظام الترخيص المسبق، وأن تقوم الهيئة العامة للتنمية الصناعية بالبت في طلبات توفيق الأوضاع خلال أسبوع من تاريخ استيفاء كافة البيانات والمستندات. وتم أيضا وضع ضوابط لفحص المنشآت الصناعية سواء من قبل الهيئة أو مكاتب الاعتماد واشترطت وجود تكليف معتمد من الهيئة وأن يتم الفحص أثناء مواعيد العمل الرسمية وقصر صفة مأموري الضبط القضائي علي العاملين بالهيئة ومعاقبة من يقوم عمداً بصفة الضبط القضائي من غير المصرح لهم وكذا من يتسبب في تعطيل عمل أي منشأة صناعية مرخصة بغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز ال 100 ألف جنيه. وحول آليات التيسير علي أصحاب المنشآت ومنع تعسف الإداريين تم تشكيل لجان التظلمات لنظر كافة تظلمات التراخيص ومكاتب الاعتماد المتعلقة بتطبيق أحكام القانون، وذلك لتلافي أي عقبات قد يواجهها طالب الترخيص أو المُخطر ومراجعة القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية المختصة (مثل رفض طلب الترخيص أو إلغاء الرخصة أو وقفها) وتفصيل إجراءات تقديم التظلم ومواعيده، فنصت علي تقديم التظلم علي النموذج المعد وذلك خلال 15 يوما من تاريخ الإخطار أو العلم بالقرار المتظلم منه. وأشار قابيل إلي أن اللائحة تضمنت وضع تسهيلات عديدة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر شملت وضع اشتراطات خاصة تلائم طبيعتها ومضاعفة الحد الأقصي للمهل الممنوحة لتوفيق أوضاع هذه المشروعات في نظام الترخيص بالإخطار وإعفائها من نصف رسوم الترخيص، ورسوم التنازل عن الترخيص، ورسوم تعديل النشاط، ورسوم المتابعة السنوية للجان التظلمات واستثناء هذه المشروعات من بعض الاشتراطات غير الجوهرية، وذلك عند وجود مبررات معقولة وللأسباب التي تقدرها الهيئة. ومن جانبه أشار المهندس أحمد عبد الرازق رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية إلي الإجراءات التي اتخذتها الهيئة استعدادا لتنفيذ قانون تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية رقم 15 لسنة 2017 والتي شملت العمل علي أربعة محاور متوازية: تطوير الإجراءات، وإعادة الهيكلة، والتدريب، والميكنة، لافتا إلي أنه في إطار تطوير الإجراءات قد تم تحديث وتطوير قائمة الأنشطة الصناعية طبقا ل ISI»4 وقائمة المنتجات طبقا لHS 2017، وإعداد مصفوفة المخاطر وتحديد الصناعات عالية المخاطر، وتصميم منظومة كاملة ميسرة لإجراءات الحصول علي التراخيص، إلي جانب إعداد قائمة محدثة بالاشتراطات الفنية وقوائم لفحص المنشآت وطرق التأكد من سلامة المستندات، وكذا إعداد دليل ونظام لمكاتب الاعتماد، وإعداد منظومة لتوافق خدمات السجل الصناعي مع القانون الجديد. كما أكد المهندس عماد رأفت نائب رئيس الهيئة والمسئول علي تطوير منظومة التراخيص إلي قيام هيئة التنمية الصناعية بإعادة هيكلة نظام العمل بفروعها من خلال تفعيل دور اللامركزية عبر تقديم الخدمات من كافة فروع الهيئة، وتحديث وهيكلة اختصاصات الإدارات الفنية وإدارات التراخيص والسجل في ضوء القانون الجديد، لافتا إلي حرص الهيئة أيضا علي تفعيل منظومة التدريب من خلال تطوير منظومة خدمة العملاء، وتشغيل خط ساخن لخدمة المستثمرين، وتدريب العاملين بالهيئة وفروعها علي إجراءات التراخيص الصناعية في ضوء قانون تيسير الإجراءات. وفيما يتعلق بميكنة الخدمات المقدمة عبر الهيئة، أشار نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية إلي أنه تم طرح مناقصة عالمية وجاري تقييم العروض الفنية تمهيدا لميكنة منظومة الخدمات، كما تم البدء في التنسيق مع مصلحة الجمارك المصرية للربط الإليكتروني بين الهيئة والمصلحة. وقال المهندس محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية إن قانون التراخيص الصناعية الجديد يمثل نقلة كبيرة لمنظومة منح التراخيص الصناعية، مشيرا إلي أن القانون يمثل خطوة هامة علي الطريق الصحيح نحو بيئة صناعية تنافسية تدعم كافة الصناعات الوطنية خاصة الصغيرة والمتوسطة.. وأشار إلي أن القانون يعد حلما تحقق لمنظومة الصناعات الوطنية، لافتا إلي أن القانون يسهم في تفعيل كافة المبادرات التمويلية الداعمة للصناعة المصرية.. كما أن مكاتب الاعتماد التي أقرها القانون تسهم بقدر كبير في القضاء علي البيروقراطية والفساد، مشيدا بالجهود الدؤوبة التي بذلتها مختلف الجهات المعنية في خروج القانون للنور وبدء مرحلة جديدة في تاريخ الصناعة الوطنية.. وقال محمد فريد خميس رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين إن القانون الجديد يمثل خطوة هامة ومرحلة جديدة في طريق تيسير مناخ الأعمال والقضاء علي معوقات الاستثمار الصناعي، مشيرا إلي أن كل من شارك في إطلاق القانون الجديد يتمتعون بمستوي عالٍ من الوطنية والانتماء والرغبة في بلوغ الاقتصاد المصري لمعدلات نمو غير مسبوقة.