خرجت مصر هذا الأسبوع من التصنيف العالمي لجودة التعليم. وهو أمرمحزن ومغز. ولكنه طبيعي في نفس الوقت ويعد نتيجة عادلة لما آلت إليه حالة مدارسنا وجامعاتنا سواء الحكومي منها أو الخاص. فمنذ سنوات خرجت جميع الجامعات الحكومية ومنها جامعة القاهرة العريقة من التصنيف العالمي لأهم 500 جامعة علي مستوي العالم وهذا أيضا أمر طبيعي بعدما أغفلنا الاهتمام بالتعليم بمختلف مراحله وبات شغلنا الشاغل كل عام سواء الحكومة والإعلام أو حتي أولياء الأمور بامتحانات الثانوية العامة ووضع الأنظمة المتعددة للأسئلة والأجوبة وأخيرا ظهرت فتنة "البوكليت" لمواجهة مافيا التسريب ونسينا أو تناسينا ان العملية التعليمية برمتها في مصر باتت تدعو للحزن والأسف والخوف أيضا علي مستقبل مصر وأمنها القومي. نعم هناك خوف كبير علي مستقبل مصر وأمنها القومي إذا ظلت العملية التعليمية علي هذا المستوي المتدني بمختلف أركانها ومكوناتها وفي مقدمتها "المعلم" أو المدرس الذي أراه حجر الزاوية إذا أردنا الإصلاح حيث فقد المعلم هيبته لأسباب عديدة في مقدمتها من وجهة نظري اعتماد السواد الأعظم من الأسر والتلاميذ علي الدروس الخصوصية والذهاب للمدرسين في المنازل أو "السناتر" وبالتالي العزوف عن المدارس وربما هجرها في كثير من الأحيان خاصة في مرحلة الثانوي. علاوة علي تدني المستوي العلمي والمهني لمعظم المدرسين خاصة في مرحلة التعليم الاساسي. من هذا المنطلق أري ان الدولة إذا كانت جادة في عملية إصلاح التعليم فعليها الاهتمام بالمعلم واعداد جيل قادر علي تحمل المسئولية وتوصيل المعلومة والأهم من ذلك العمل علي استعادة التلاميذ والطلاب إلي المدارس ولن يكون ذلك الا بوجود افادة واستفادة حقيقية من الحضور للمدرسة وليس من أجل نسبة الغياب والحضور أو الفصل.. فهل يعقل ان تلجأ الأسرة إلي الدروس الخصوصية لأطفالهم بالمرحلة الابتدائية.. نعم والله وفي السنوات الأولي منها؟! الأسرة أيضا عليها دور مهم في عملية الإصلاح من خلال المتابعة الدقيقة للأبناء والوقوف علي مستوياتهم العلمية والالتزام بالحضور واعداد الواجبات والأهم من ذلك إعادة الاحترام المتبادل بين المعلم وطلابه. مع عدم الاعتماد أو اللجوء للدروس الخصوصية الا في الحالات القصوي ولن يتأتي ذلك الا من خلال تفعيل حقيقي لما يسمي بمجالس الآباء بالمدارس التي أراها تهتم كثيرا بالشكل علي حساب المضمون والدور الحقيقي المنوط بها. الحديث عن قضية التعليم كمشروع قومي يحتاج إلي صفحات ومجلدات ولكن الأهم أن تكون هناك نية وإرادة حقيقية من الدولة والمواطن معا من أجل بدء الإصلاح وعلينا نحن في الإعلام والصحافة الدور الأكبر في انجاح عملية الإنقاذ والإصلاح من خلال تسليط الضوء علي هذه القضية الحيوية باعتبارها قضية أمن قومي ومشروعنا القومي الأهم خلال السنوات المقبلة فلا يصح أو يعقل أن يصل الآخرون إلي القمر وغيره من الكواكب والنجوم ويسبحون في بحور العلم المتعددة في الوقت الذي نحبس فيه أنفسنا مع "البوكليت" و"شاومينج"!!