"الوعد" the promise واحد من الأفلام التاريخية الهامة التي يشاهدها الجمهور المصري الآن عن مذابح الأتراك ضد الأرمن في الحرب العالمية الأولي إخراج الايرلندي تيري جورج الذي يهتم بالقضايا السياسية في أفلامه. وكتب السيناريو أيضاً وساعدته الأمريكية روبن سويكورد. واجتمع في الفيلم فريق عمل ينتمي للعديد من دول العالم. البطل هو الممثل الكوبي الأمريكي أوسكار اسحق والبطلة الكندية شارلوت لي بون. ومعهم البريطاني الشهير كريستيان بال والهولندي من أصول عربية مروان كينزاري مما يؤكد عالمية التعاطف مع الأرمن. وقفت عارضة الأزياء الأرمنية كيم كارديشيان في مؤتمر صحفي تناشد العالم بأن يشاهدوا فيلم "الوعد" الذي يعيد فتح الصفحة السوداء من تاريخ تركيا في القرن العشرين. عندما انضمت الدولة العثمانية لألمانيا في الحرب العالمية الأولي عام 1914. واكتشفت أن الأرمن الأتراك يؤيدون فرنسا والحلفاء. فقرر الباب العالي في اسطنبول التخلص من الأرمن في ابادة جماعية وتهجير قصري عام 1915 عقابا لهم علي موقفهم في الحرب. وكما هي عادة هذه النوعية من الأفلام تدور أحداثها علي خلفية قصة حب تنشأ بين الطبيب الشاب ميكائيل "أوسكار اسحق" ومعلمة الرقص الجميلة أنا "شارلوت لي بون" صديقة الصحفي الأمريكي كريس "كريستيان بال" ولكن الطبيب يعترف لها بأنه في علاقة خطوبة مع فتاة أرمنية حصل من أهلها علي "المهر" كما هي العادة في تلك المناطق واستعان به لدراسة الطب في القسطنتينية. لكن قيام الحرب العالمية الأولي وغضب الأتراك علي الأرمن أطاح بكل شئ وحطم الخطوبة وقصة الحب أيضا. لأن الحرب والكراهية لا يعترفان بالعواطف. الفيلم انتاج اسباني أمريكي وحصل علي 5 جوائز في مهرجان سينما الحقيقة. وكشف عن الفكر التكفيري الذي ساد الدولة العثمانية وكان أحد أسباب انهيارها عندما لم تعد تستوعب ثقافة الأقليات التي تختلف عن دين الأغلبية. وتطورت الأمور إلي حد إقصاء الطوائف والرغبة في التخلص منها سواء بالترحيل عن البلاد أو بالقتل وهو ما حدث مع الأرمن. والغريب أن ما فعله الأتراك مع الأرمن في الحرب العالمية الأولي تكرر بشكل آخر في المانيا بين هتلر واليهود في الحرب العالمية الثانية. لذلك كان من الطبيعي أن يتحالف الأتراك مع الألمان في الحرب الأولي والثانية أيضا وتكون الهزيمة في انتظارهما في الحربين. وتركيا الحالية المتحالفة مع الإخوان وداعش تنتظرها الهزيمة المروعة أيضا. العرض العالمي الأول للفيلم كان في مهرجان "تورنتو" في سبتمبر الماضي ومن يومها وهو يتعرض لحرب شعواء من تركيا ومحاولات لمنع عرضه في العديد من دول العالم. وفي تركيا المفترض أن يتم عرضه في مايو الحالي ولكن الفيلم تنتظره المشاكل التي تؤدي إلي منع عرضه هناك. وقد سبق لتركيا ان فعلت ذلك مع الأفلام التي تكشف حقيقة ما حدث للأرمن عام 1915. مثل فيلم "أرارات" للمخرج الكندي من أصل أرمني أتوم ايجوريان. ولم تكتف تركيا بذلك فقط بل أنتجت فيلم "الملازم العثماني" الذي يروج بأن ضحايا الأرمن في المذابح هم ضحايا للحرب العالمية وليس للتطهير العرفي أو العقاب الجماعي بسبب موقف الأرمن في الحرب. هرب الأرمن الذين نجوا من المذابح إلي فرنسا وسوريا ومصر ومن هنا بدأت تتوارد الحكايات التي وثقت الأحداث حتي أصبحت مادة لصحافة العالم المتعاطفة مع الأرمن في قضيتهم العادلة. فيلم "الوعد" يؤكد أن الامبراطوريات تسقط ولكن الحب يعيش وأن الحقيقة لا تموت حتي بعد عشرات السنين.