تشير الاحصائيات خلال السنوات العشر السابقة لاندلاع الثورة إلي أن حجم الانفاق علي المخدرات بنحو 7.32 مليار جنيه في العام 2001 ثم انخفض ليبلغ 6.24 مليار جنيه في العام 2002 ثم ارتفع ارتفاعاً طفيفاً ليصل إلي 5.25 مليار جنيه في العام 2003 وواصل المنحني الصعود ليبلغ 4.26 مليار جنيه في العام 2004. و3.27 مليار جنيه في العام 2005. و28.2 مليار جنيه في العام 2006. و29 مليار جنيه في العام 2007. و30 مليارا في 2008. و9.30 مليار في 2009. ليصل إلي 8.31 مليار جنيه في العام 2010 وقفز المنحني ليسجل نحو 400 مليار جنيه كاجمالي حجم الاتجار في المواد المخدرة في العام الماضي وفقاً لأحدث الاحصائيات الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي هذا وقد سجلت الاحصائية تفاقم نسب تعاطي المخدرات بين المصريين لتصل إلي نحو 4.2% من إجمالي عدد السكان بمعدل متوسط للتعاطي 4.10% حيث يختلف التعاطي من فرد لآخر فالكثيرون يلجأون للتعاطي علي فترات متفاوتة أو في المناسبات وآخرون يتعاطون بشكل يومي أو طوال اليوم غير أن نفس الاحصائيات سجلت وقوع نحو 80% من الجرائم المختلفة تحت تأثير تعاطي المخدرات كما أشارت الاحصائيات لانتشار التعاطي في شريحة عمرية عريضة تمتد من سن 15 سنة وحتي 65 سنة وأشارت لاختلاف نسب التعاطي باختلاف المهن حيث سجلت تفوق السائقين علي الجميع بنسبة تقدر بنحو 24% من اجمالي المتعاطين في حين سجل أصحاب باقي المهن نحو 19% فقط من المتعاطين وأحياناً يعتمد علي نوع محدد من المواد المخدرة كالحشيش أو الأفيون أو عقار الترامادول أو أي عقار آخر في حين يواظب الكثيرون علي تعاطي أكثر من نوع في نفس الوقت كالحشيش والترامادول. هذا وقد سجلت الاحصائية المذكورة تصدر العاصمة قائمة المحافظات من حيث عدد المدمنين بنسب تقدر بنحو ثلث المتعاطين بأنحاء الجمهورية. أكد الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة خطأ الاعتماد علي الاحصائيات والأرقام المعلنة حيث يتسم نشاط الاتجار بتلك المواد بأنه اقتصاد خفي لعدم ارتباطه بأي نوع من أنواع الرقابة كالرسوم أو الضرائب علي سبيل المثال ومن ثم فالأرقام والاحصائيات المعلنة في الغالب ما تكون نتيجة لاجتهادات أو استنتاجات مبنية علي حجم المضبوطات وتقديرات الأسعار التي تتفاوت من مكان لآخر وفقاً لمعايير العرض والطلب مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس من الضروري أن تقوم السلطات بالإعلان عن جميع القضايا المضبوطة لعدة اعتبارات بخلاف الكميات المهربة بالفعل والتي يتم تسريبها وتداولها بين المتعاطين. وعن مرونة الطلب بالمقارنة بالأسعار فرق الشريف بين نوعين الأول السلع ذات الطلب المرن وهي التي لا يتأثر الطلب عليها بتحرك السعر ويشمل ذلك النوع السلع الأساسية التي لا بديل عنها السكر والأرز والزيت والضروريات كأدوية الأمراض المزمنة فمهما تحركت أسعارها يستمر عليها بنفس المنوال والنوع الآخر وهو السلع ذات الطلب غير المرن وتشمل السلع الممكن الاستغناء عنها أو التقليل منها كالعطور والكماليات بأنواعها ويلجأ هنا المستهلك لخفض الطلب كرد فعل مباشر علي تحرك السعر خاصة في حالة المستهلكين ذوي الدخول المحدودة لذا فهناك عدة عوامل لتصنيف المخدرات كسلعة ذات طلب مرن أو العكس مقارنة بأسعارها منها مستوي الدخل ونوع المادة التي يتعاطاها وبالتالي مدي احتياجه لتوافرها. ويضيف الدكتور كريم نور الدين الباحث في علم الإدارة المحلية أن تعاطي وتداول المخدرات تعدي مرحلة الظاهرة ليتحول إلي آفة تمثل الخطر الأكبر الذي يمكنه الفتك بالمجتمع بكل سهولة لتعدد آثارها السلبية علي مختلف الأصعدة الاجتماعية والصحية والاقتصادية والأمنية وحتي السياسية ومن ثم فقد أصبحت تلك الآفة تمثل هاجساً يؤرق الدولة والمواطن علي حد السواء وباتت البلاد سوقاً كبيراً وقبلة يرتادها مروجو تلك السموم من شتي دول العالم بسبب تعدد الأصناف وكثرة المتعاطين لتلك السموم وبمتابعة جهود قوات حرس الحدود وإدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية يمكن حصر الكميات الهائلة التي يتم ضبطها بشكل دوري ومستمر والتي تقدر بمليارات الجنيهات بخلاف كميات أكبر تم تهريبها بالفعل وتوزيعها علي صغار التجار لتوزيعها بدورهم علي المتعاطين. ومن هنا يري نور الدين عجز الحل الأمني وحده أو آية حلول أخري عن القضاء علي تلك الآفة لتشعب أبعادها كما يري أن محاربة وجود المخدرات وتداولها وتعاطيها يحتاج لتضافر جميع الجهود الوطنية من الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين أنفسهم مع ضرورة تحصين الشباب ضدها قبل أن تفتك بالمجتمع وتفقده ما تبقي من قيم وأخلاقيات ومبادئ مشيراً للتأثير السلبي للإعلام في معالجة قضية حساسة وشائكة كالمخدرات فغالباً ما يصب التأثير في صالح نمو وانتشار تلك الأفة وليس مقاومتها فأغلب التقارير والتحقيقات تداعب فضول الشباب وكذلك الدراما التي تكثف من تفاصيل التعاطي طوال المسلسل أو الفيلم ليمثل العمل الدرامي بذلك درساً موجهاً وإعلاناً مجانياً لترويج المخدرات في حين أن معالجة المشكلة لا يتم سوي في نهاية العمل وغالباً ما يكون بشكل هامشي. البداية "بالرحيق الإلهي" والنهاية "مخدرات رقمية" .. والهدف "الدوبامين" سماح منسي كثرت الأقاويل عن بداية ظهور المخدرات في العالم وقد عرفها القدماء وقدروا قيمتها.. فاكتشف الهندوس الحشيش وأطلقوا عليه الرحيق الإلهي ورسم الاغريق زهرة الخشخاش علي معابدهم وكلمة حشيش أصلها عبرية "شيش" وتلك الكلمة تعني السعادة وصفاً لما يشهز به المتعاطي من نشوة وفرح.. أما الكحوليات فالصينيون أول من صنعوها من الأرز والبطاطا والقمح وسنة 200 قبل الميلاد اخترع الغرب نبيذ العنب وحتي الآن فالكحوليات من أكثر المواد الإدمانية الشديدة والأفيون عرفه سكان آسيا واكتشفه المصريون القدماء قبل الميلاد بأربعمائة عام ثم أدرك العرب أهميته طبياً وابن سينا وصفه لعلاج التهاب الرئة ومسكن لبعض الأوجاع واستمر الحال إلي أن اكتشف العالم التبغ والنيكوتين كمخدر ترويحي يمارسه أكثر من مليار شخص في العالم. ثم انتشر "الهيروين" فترة الثمانينيات بين طلاب الجامعات والنوادي ويؤخذ عن طريق الشم أو الحرق والاستنشاق وحقن بعد إذابته في ماء وقد يؤدي إلي الوفاة نتيجة الحقن الزائد أو استخدام السرنجة لأكثر من شخص فتؤدي إلي انتقال الأمراض واخطرها الايدز وقد يؤدي الهيروين إلي تدهور الحالة الصحية حيث إن المتعاطين يفقد الشهية وتقل مناعته وتحتوي "أدوية الكحة" علي مادة الكودايين وهي من مشتقات الأفيون وهي بديل أرخص للهيروين "المهدئات والمنومات" يطلق عليها البرشام وهي أدوية توصف للقلق والأزمات والصرع وأشهرها أبو صليبة ويؤخذ عن طريق الفم والحقن وقد تؤدي الجرعات الزائدة إلي ثقل اللسان والترنح في المشي وسلوك جنسي أو عدواني جسدي أو لفظي وحالياً "الحشيش" يطلق عليه شوكولاتة ويتم خلطه بتبغ السجائر ويوضع مع المعسل ويدخن من خلال الجوزة ويمكن حرقه أو استنشاقه ويخلط في الشوكولاتة أو القهوة وله تأثير في تحقيق الاسترخاء والشعور بالسعادة وزيادة الاستمتاع بالفن والموسيقي والجرعات الكبيرة تؤدي إلي هلاوس مع سوء تقدير المسافات والأبعاد. أما "البانجو" وهو عشب يطلق عليه عرانيس أو ماريوانا يلف مع تبغ السجائر والجورة وآثاره شديدة جداً حيث إنه من أسوأ أنواع المخدرات.. يدكتور هشام الخياط استشاري جهاز هضمي وكبد يؤكد أن الأستروكس هو المخدر الأخطر والأوفر من حيث التداول بين الشباب وذلك لرخص ثمنه. وتضيف تغريد صالح استشاري طب نفسي.. أن المشكلة الحقيقية في المتعاطي انه دائماً يبحث عن السعادة في الحشيش والبانجو والهيروين لأن السعادة بالنسبة له أمر صعب مشيرة إلي أن هناك مادة بالمخ تسمي دوبامين مسئولة عن إفراز هرمون البسعادة المؤقتة وقد يؤدي ذلك لحوادث اكتئاب وفصام حاد ونشاط زائد ينتهي بهلاوس كما أشارت إلي أن هناك عقاقير يلجأ إليها المدمنون مثل مضادات الحساسية والمسكنات وموسعات الشعب وجميعها تباع بالصيدليات وسهل جداً تداولها.