"إن مصر لديها ثروات تكفي لمساعدة ربع الدول الأوروبية. وأن ما تم سرقته وإهداره من أموال وأرصدة طبيعية خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة من حكم مبارك يكفي لظهور ملايين الأثرياء في مصر". العبارة السابقة وردت بالنص علي لسان كاثرين اشتون المفوضية العليا للاتحاد الاوروبي خلال زيارتها لمصر في فبراير عام 2012 ما نطقت به المسئولة الاوروبية في مؤتمر صحفي منذ 5 سنوات يمثل شهادة بان مصر دولة غنية وفي نفس الوقت شهادة إدانة لنظام مبارك في جريمة اهدار وسرقة موارد بلدنا المادية والبشرية وهي الجريمة الكبري التي يجب ان يحاكم عليها هو ورموز نظامة بدلا من محاكمتهم في قضايا بسيطة حصلوا فيها علي البراءة بسهولة. ورغم رحيل نظام مبارك منذ اكثر من 6 سنوات لاتزال جريمة إهدار وتبديد وسرقة موارد مصر مستمرة . والغريب ان معدلاتها في زيادة والاحصائيات الموثقة تؤكد ذلك ويكفي أن نعلم أنه تم إدانة وزير الري الاسبق محمد نصر علام رسميا بإهدار 37 مليار جنيه علي الدولة وقضت محكمة جنايات شمال الجيزة في 9 فبراير الماضي بسجنه المشدد 7 سنوات. قضية واحدة لمسئول واحد بهذا المبلغ الضخم وبالقياس عليها يمكننا القول أن هناك مئات وربما آلاف المليارات من الجنيهات المهدرة بسبب الفساد أو العجز أو الاهمال والتي تم الكشف عن قليل منها. تشير الاحصائيات إلي أن وزارة الري تهدر حوالي 11 مليار جنيه سنوياپلتقاعس موظفيها عن تحصيل الايجار المناسب لأراضي طرح نهر النيل والتي يدخل آلاف الأمتار منها في أفضل المواقع السياحية داخل الحيز العمراني للقاهرة والجيزة وعواصم المحافظات وتؤجر بأسعار منخفضة جدا لا تتناسب مطلقا مع الملايين التي يجنيها المستأجرون وهناك مواقع كثيرة علي النهر اغتصبها اصحاب السطوة والنفوذ والبلطجية وتعجز الحكومة عن إزالتها أو حتي تحصيل الايجار المناسب منهم. تقدم خالد عبد المولي أمين سر لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب في يناير الماضي ببيان عاجل إلي رئيس المجلس لمناقشة أداء منظومة السكك الحديدية في مصر واتهمها بإهدار حوالي30 مليار جنيه سنويا وجزء من هذا الاهدار رايته بعيني ويتمثل في بناء أسوار عالية ومسلحة وعلي أعماق تبلغ 1.5 متر علي جانبي الخطوط وصفها بعض المتابعين بسخرية ب "سور السكة الحديد العظيم". وقدر هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر حجم الهدر الضريبي في مصر بما يعادل 600 مليار جنيه. أوضح توفيق في حوار لصحيفة مصر العربية أن حجم الناتج القومي الرسمي لمصر يبلغ 2 تريليون جنيه. وحوالي تريليون أخري هي تقديرات حجم الاقتصاد غير الرسمي. وفي ضوء تلك الارقام يجب پأن تكون الحصيلة الضريبية حوالي 900 مليار جنيه. وليس 300 مليار فقط. وأري أن السبب هو الإجراءات العقيمة لوزارة المالية التي تحاصر الموظفين البسطاء وصغار الممولين بينما تعجز عن تحصيل الضريبة من كبار التجار والصناع ولا تزال مترددة عن فرض الضريبة التصاعدية خوفا من سطوة رجال الاعمال.يكشف الدكتور حمدي عرفة خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية نوعا خطيرا من الاهدارات لأنه يهدر أموالا كثيرة وطاقات بشرية أيضا. وينتج عن إهمال المحافظين ورؤساء الإدارات المحلية لملف الباعة الجائلين والأسواق العشوائية. قال في تحقيق لصحيفة الوفد إن اجمالي عدد الأسواق العشوائية في مصر يتخطي 5243 سوقاً وعدم توفير أسواق للباعة الجائلين بشكل حضاري يهدر علي الدولة دخلاً بقيمه 62 مليار جنيه سنوياً. أما أكثر اشكال اهدار الثروة في مصر يقع في قطاع التعدين بسبب الفساد والعجز الحكومي وأشارت دراسة للدكتور حسن بخيت نائب رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب أنه من الثروات المهدرة الرمال البيضاء المتوفرة في مصر بقدرات كبيرة تقدر بحوالي 20 مليار طن والتي يجب استغلالها اقتصاديا من خلال التصنيع. حيث نبيع الطن الخام ب 7 دولارات بينما يصل سعره إلي 7000 دولار في حال تصنيعها محليا والمفارقة الغريبة كما قال بخيتپأننا نستورد ما يزيد علي 200 ألف طن من النحاس الخام سنويا. رغم أن مصر غنية بخام النحاس الذي يمكن استخراجه حاليا بجدوي اقتصادية كبيرة تكفي الاحتياجات المحلية ويصدر الي الخارج. أكدت دراسة أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء. إن مصر تملك أكبر مخزون من الرخام والجرانيت علي مستوي العالم. ويمكنها أن تصدر للخارج كميات بقيمة ملياري دولار سنويا إذا أحسن استغلال المحاجر. بلغت واردات مصر من الحديد المسلح عام 2016 نحو 1.8 مليون طن بقيمة مليار دولار. طبقا لاحصائيات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات بينما نمتلك احتياطيات الحديد تقدر بحوالي 400 مليون طن في أسوان. والواحات البحرية. والصحراء الشرقية ويشير الخبراء الي سهولة استخراجه لانه موجود بالقرب من سطح الارض. وقف الاهدار والاستثمار الصحيح للثروات الطبيعية والبشرية يحتاج إدارة مستقرة وقوية تتمتع بالخبرة والاخلاص فهل نحن فاعلون؟!.