تشهد الساحة الصحفية والإعلامية اختلافات في وجهات النظر.. وشد وجذب.. حول القوانين الصحفية التي وصلت إلي مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها وإصدارها.. وعلت نبرات التخوين والتآمر.. بين المؤيدين لصدور القوانين.. والمعارضين لصدورها.. دون أن يحترم كل طرف رأي الطرف الآخر.. ويحاول كل طرف فرض رؤيته. لقد كتبت في نفس المكان منذ خمسة شهور.. يوم الاحد 17 يوليو 2016 وقبل أن ينهي مجلس النواب دورته الأولي مقالاً بعنوان "الصحافة وأوضاعها الملتبسة" أكدت فيه أن صدور القانون قبل تشكيل الهيئات.. سيعرضه للطعن بعدم الدستورية.. لأن الدستور في مواده 211 و212 و213 نص علي أن المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام.. والهيئة الوطنية للصحافة.. والهيئة الوطنية للإعلام.. يؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها.. فكيف يصدر القانون الموحد الذي ينادي به البعض.. قبل تشكيل الهيئات التي من المفترض أن يؤخذ رأيها في القوانين المتعلقة بها؟ وقد أوصي مجلس الدولة المنوط به مراجعة وصياغة القانون.. بنفس ما أشرت إليه في مقالي السابق من ضرورة إصدار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام.. الذي يتضمن تشكيل المجلس والهيئتين واختصاصاتها.. قبل صدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام.. حتي لا يتم الطعن بعدم دستورية القانون الموحد.. وهو ما جعل الحكومة تفصل قانون تشكيل الهيئات.. عن قانون تنظيم الصحافة والإعلام.. وتقدم القانونين منفصلين لمجلس النواب لمناقشتهما وإقرارهما.ورغم فصل قانون تشكيل الهيئات عن قانون تنظيم الصحافة والإعلام.. إلا أن القانونين يشتملان علي أكثر من 90% من المواد التي اقترحتها اللجنة الوطنية لصياغة تشريعات الصحافة والإعلام التي ضمت العديد من الصحفيين والإعلاميين وأساتذة القانون.. وبدلاً من الخلاف علي صدور قانون موحد أو قانونين منفصلين.. كان من الأجدي.. التركيز علي النقاط الخلافية.. كتشكيل المجالس والعقوبات السالبة للحرية وسن الإحالة للتقاعد.. والتوسع في المواد المتعلقة بالصحافة الحزبية والخاصة والصحافة الإلكترونية.. وغيرها مما يهم الجماعة الصحفية. لقد استغرق إعداد قوانين الصحافة والإعلام نحو ثلاثة أعوام.. ونحن في حاجة إلي قوانين تحكم الفوضي الإعلامية التي نراها في مختلف وسائل الإعلام في ظل غياب وزارة الإعلام.. وعدم قدرة اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلي للصحافة.. علي حل المشاكل المزمنة بالإذاعة والتليفزيون والمؤسسات الصحفية.. والديون المتراكمة عليها.. وتضاعف خسائرها بعد تحرير سعر الصرف. وأنا أري أنه من الأفضل إصدار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام.. وتشكيل الهيئات الثلاث.. وبعدها مباشرة يعرض عليها قانون تنظيم الصحافة والإعلام.. ويتم الأخذ بالملاحظات التي أبدتها الجماعة الصحفية والإعلامية.. قبل أن يصدر القانون في صورته النهائية.. هذا رأيي.. وقد يختلف معي البعض.. ولكن لكل منا وجهة نظره ورأيه حول القوانين المعروضة.. ويجب ألا يتحول اختلاف الرأي إلي قطيعة وتجريم وتخوين وتسفيه وتطاول.. كما يجب عدم الاستبداد بالرأي أو فرضه علي الآخرين حتي لو كان خطأ.. فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله "رأيي صحيح يحتمل الخطأ.. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". ولذلك فإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.. المهم أن نحصل علي قانون يرضي الصحفيين والإعلاميين ويواكب التطور المتسارع في وسائل الإعلام المختلفة.