ما بين نقص المحاليل والأدوية واختفاء المستلزمات الطبية يقع مرضي المستشفيات.. وحدات الغسيل الكلوي بلا فلاتر والاستقبال يفتقر للشاش والأقطان والخيوط والإبر أما غرف العمليات فتحولت إلي بيوت للصراصير والنمل وأحياناً الفئران في حين تغلق وحدات الرعاية المركزة لزبائن العيادات وأصحاب الواسطة والمحسوبية فتزهق أرواح ويذهب ضحايا نتيجة ركوب المنظومة الصحية في مصر قطار الإهمال. المرضي أجمعوا علي أنهم يعيشون مأساة حقيقية ويعتبرون الموت أفضل من الإهانة وطرق الأبواب والمعاملة القاسية من الأطباء والاستشاريين الذين هجروا المستشفيات الجامعية والحكومية والتعليمية والمراكز المتخصصة ووهبوا علمهم وخبرتهم للمستشفيات الاستثمارية التي تعود عليهم بالملايين سنوياً. تقول عالية حنفي : الإهمال بالمستشفيات مشكلة مزمنة منذ زمن طويل ولن يحدث أي تغيير بالمنظومة العلاجية بعد الثورة حيث مرضت شقيقتي وقرر الأطباء إجراء جراحة بمعهد القلب القومي وبدأت رحلة البحث عن البلازما وأكياس الدم واضطررت لشرائهم من مكان آخر وللأسف كانت البلازما فاسدة وتكررت نفس المأساة مع مرض آخرين لا يملكون من حطام الدنيا شيء ورغم ذلك مطالبين بشراء المستلزمات الطبية ولو كان ذلك علي حساب حياتهم الخاصة واضطرارهم للاستدانة أو بيع منقولات وأثاث منازلهم. ويضيف عبدالنبي فوزي تعرضت لحادث أليم ونتج عنه كسور متعددة وقرر أطباء قصر العيني القديم إجراء 3 جراحات لتركيب شرائح ومسامير ودخلت في دوامة الإهمال وشراء الأدوات الطبية علي نفقتي الخاصة وإجبار أسرتي علي التبرع بالدم ووصل اجمالي المبالغ التي تم صرفها عشرة آلاف جنيه رغم ذلك فشلت الجراحة واضطررت إلي الذهاب لمستشفي الهلال. وتؤكد زوجته شامية سلامة بعد حصول زوجها علي قرار علاج علي نفقة الدولة وبعد انتهاء مدة القرار القديم وفي كل متابعة نسدد 40 جنيهاً قيمة الكشف و40 جنيهاً أخري للغيار الطبي وهو أمر مكلف وصعب علي أسرة محدودة الدخل لا تملك مصروفات العلاج. ويقول ممدوح إسماعيل ابني يعاني من تسمم بثاني أكسيد الكربون ودخل مستشفي الدمرداش في 26 أكتوبر الماضي بالعناية المركزة في حالة غيبوبة تامة وهو طريح الفراش ولا يوجد أدني اهتمام بحالته التي تتدهور بشكل سيئ ويطالب بسرعة علاجه وإنقاذ حياته لأنه ونيسه الوحيد بعد وفاة جدته ووالدته نتيجة ماس كهربائي. وتقول آية رجب: تعرضت والدتي للإصابة بكسر بالأنف وتوجهنا إلي مستشفي قصر العيني الفرنساوي وتم إجراء الجراحة بتكلفة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه وكانت المفاجأة عدم وجود طبيب بالمستشفي وانتظرنا من الساعة 11 صباحاً وحتي 8 مساءً لحين انتداب طبيب من مستشفي قصر العيني القديم وبعد خروجها من غرفة العمليات للحجرة وجدنا الحشرات تزحف داخلها. وتوضح هدير خضر: تعرض شقيقي لكسر مضاعف وتم نقله إلي مستشفي الهلال وبعد حصوله علي قرار علاج علي نفقة الدولة ب 9 آلاف جنيه لإجراء الجراحة وتركيب الشرائح والمسامير.. فوجئنا أن مشكلة مخازن المستشفي لا يوجد بها شرائح واضطررنا لشرائها علي حسابنا الشخصي ب 2000 جنيه. ويؤكد سيد عبدالحليم: أعاني منذ سنوات من انزلاق غضروفي بالفقرات القطنية وذهبت إلي الوحدة الصحية بالحامول بمحافظة الفيوم وقام الطبيب المعالج بتوقيع الكشف الطبي بتركيب العلاج شريط مسكن فقط ولن يطلب أي فحوصات أخري رغم سوء حالتي الصحية وحاجتي إلي أشعات عادية ورئتين إلا أنه اكتفي بالمسكنات فقط. وتقول شيماء حسين: يعاني ابني من أنيميا البحر المتوسط وأحضر من محافظة المنيا للمتابعة بمستشفي أبوالريش الياباني ورغم أن طاقم الأطباء والتمريض علي أعلي كفاءة إلا أن نقص المستلزمات الطبية والمواد التي تستخدم في إجراء أشعة الصبغة "اليود" غير موجودة واضطر لإجرائها علي نفقتي الخاصة بإحدي مراكز الأشعة الخاصة.. مما يرهقني مادياً كل شهر وأحياناً مرتين شهرياً لأنه مرض مزمن يتم متابعته ولا يشفي المريض منه. وتطالب بالاهتمام بمستشفيات الصعيد وتوفير أجهزة الأشعة والتحاليل وإنشاء مستشفيات خاصة للأطفال مثل مستشفيات أبوالريش الياباني وأطفال مصر. وتقول رضا محمود: نعاني أشد المعاناة في المستشفيات بجميع أنواعها فطاقم التمريض يتعاملون بلا مبالاة دون مراعاة لحالتنا الصحية والنفسية وبهم عدد كبير غير مؤهلين للتعامل مع المرضي. وتشير سلوي زينهم إلي أن العلاج الذي يقدمه التأمين الصحي به مادة فعالة ضعيفة للغاية إلي جانب عدم وجود الاستشاري بصفة منتظمة مما يضطر المريض للعزوف عن الذهاب لعيادة التأمين ويقوم بإجراء الكشف الطبي بالعيادات الخاصة بدلاً من الوقوف طويلاً في الطابور. ويؤكد مسعد محمد أن منظومة التأمين الصحي والأدوية المتعاقد عليها يجب تغييرها بأخري أكثر فاعلية إلي جانب ضرورة القضاء علي قوائم للانتظار والتي تمتد إلي شهور طويلة خاصة عمليات القلب المفتوح والتي يتسبب تأخيرها في تدهور حالة المريض الصحية. نقص المستلزمات وتؤكد إحدي الممرضات أن المستشفيات التعليمية تمر بأزمة نقص المستلزمات الطبية والتي نادراً ما يتم توافر غرف العمليات قائلة: أشعر بالحرج الشديد حينما أطالب أهل المريض بإحضار "مستلزمات للعملية" بالاضافة إلي عدم تواجد الاستشاري بصفة منتظمة فهو لا يأتي للمستشفي إلا حسب ما يتناسب مع وقت فراغه وحتي لا يؤثر علي مواعيده بالمراكز والعيادات الخاصة والخارجية. احتكار الدواء وتشير منال سعد إلي أن أزمة نقص الأدوية بالمستشفيات والصيدليات ترجع إلي احتكار السلاسل التجارية لها وإخفائها بالمخازن حتي يقوموا ببيعها بأعلي الأسعار.. فتجارة الدواء تفوق تجارة المخدرات والسلاح. وتناشد الحكومة بالتدخل السريع لوقف جشع أصحاب الصيدليات والسلاسل الكبري ومنع احتكارهم للدواء.