المستشفيات العامة تحولت الي مصائد للموت تحصد ارواح المرضي ومن يفلت من الموت يصاب بعاهة مستديمة أو يدخل في غيبوبة تنتهي بالوفاة. بعض الاطباء يلقون بالمسئولية علي القضاء والقدر والبعض الاخر يلقي باللوم علي سوء الإدارة وضعف الامكانات. الاخطاء القاتلة لا تتوقف: زميله صحفية نقلت الي احدي المستشفيات عقب حادث سيارة علي الطريق مصابه بكسور مضاعفة بالساق والذراع واجريت لها عملية جراحية لوضع شريحة بالساق استغرقت اكثر من ثلاث ساعات بعدها خرجت من غرفتها وقبل مرور24 ساعة اصيبت بجلطة بالرئة بسبب خطأ واهمال طبي سواء من الاطباء او المستشفي فتم نقلها بسيارة اسعاف في حاله خطيرة الي مستشفي اخري بالعناية المركزة. وزوجة51 سنة مريضة بالسكر اصيبت بغيبوبة سكر فنقلها زوجها الي احدي المستشفيات الكبري وتم علاجها ولما أفاقت من الغيبوبة وجدت ذراعها الايسر في حالة تورم وازرق اللون ويؤلمها بشدة فقرر الاطباء ان ان هذا العرض والالم طبيعي بسبب الكانيولا وضيق الاوردة وصرح لها بالخروج وبمجرد وصولها البيت ازداد الالم والورم وتحول ذراعها للون الاسود وبعودتها الي نفس المستشفي قرروا ضرورة دخولها العناية المركزة ولا يوجد لديهم اسرة خالية كما رفضوا دخولها للعلاج فأسرع زوجها بنقلها الي احدي مستشفيات القوات المسلحة, حيث قرر الاطباء وجود خطأ واهمال جسيم من المستشفي, حيث كانت المريضة تحقن خارج الوريد واصيبت بغرغرينة وعدوي ادخلتها في دوامة ولم تمكث بغرفة الرعاية سوي ساعات معدودة وزهقت روحها. واب يبلغ من العمر34 عاما يعالج بالكيماوي بعد استئصال ورم بالقولون لدي احد كبار الاطباء المتخصصين بمستشفي حكومي وخلال العلاج شعر بألم شديد وتورم مكان العملية وبعد عمل جميع التحاليل والاشعة اللازمة قرر الطبيب حدوث ارتجاع للورم بنفس المكان فاستعان الشاب بمجموعة من كبار الاطباء المتخصصين الذين اجمعوا علي ارتجاع المرض وما هي إلا ايام او شهورمعدودة بالدنيا ولا علاج له لا في الداخل بالخارج فأصرت زوجته علي السفر معه الي فرنسا لأستكمال العلاج وهناك اكتشفوا انه مصاب بخراج مكان العملية نتيجة الاهمال وعدم التطهير والتعقيم والنظافة. وفتاة اصيبت بألم في العين اليمني وزغللة في الرؤية وعند توجهها لأحد اطباء العيون بإحدي المستشفيات الحكومية شخص الحالة علي انها مياه بيضاء وضرورة عمل عملية في اسرع وقت ممكن واعطي لها خطابا الي المستشفي الخاص الذي يعمل بها لوجود قائمة انتظار طويله علي العمليات بالمستشفي وللتأكيد والاطمئنان توجهت الي طبيب عيون آخر اخبرها بخطأ التشخيص ولا يوجد مياه بعينها واعطي لها قطرة لمدة اسبوع وشفيت تماما دون اي عملية. وغيرهم الكثير والكثير. وبعرض الموضوع علي الدكتورة نجوي نصر الدين اخصائي نساء وولادة بإحدي المستشفيات تقول إن الاخطاء الطبية موجودة بالعالم كله وفي مصر النصيب الاكبرفالإهمال الطبي للمرضي يبدأ من عدم الاهتمام الكافي بالمريض منذ لحظة الكشف عليه داخل العيادات الخارجية بالمستشفي او حتي الاستقبال فلا يعطي له الفرصة للتحدث عن اوجاعه وما يشعر به ويكتفي بالفحص السريع قد يكون لضيق الوقت وزيادة عدد المرضي وانشغال الطبيب ومواعيده المتلاحقة ما بين مروره علي مرضاه في أكثر من مستشفي خاص وعيادته الخاصة نتيجة الحالة الاقتصادية التي يعيشها وبالتالي عدم التركيز وكثرة الاخطاء كما يرجع بعضها لقلة الخبرة وعدم الوعي الكافي لحماية المريض ورغم ان الاخطاء واردة في كل المهن والفئات إلا ان اهمال الاطباء واخطائهم اخطر من اي مجال آخر لتعاملهم مع ارواح مسؤلة منهم, الي جانب ضعف الامكانات ونقص الادوية وقلة اسرة العناية المركزة تسهم في نسبة الاهمال والاخطاء التي تزهق ارواح المرضي. ويري الدكتورشريف ابو الحسن استشاري وزميل الجراحة العامة بمستشفي قصر العيني الفرنساوي ان الاخطاء الجسيمة و الاهمال الطبي متفش بالمستشفيات العامة والاستثمارية وحتي المستشفيات الحكومية الخاصة التي تدار بفكر الحكومة مثل عين شمس التخصصي والفرنساوي وإذا نظرنا الي الفساد المتمثل في الاهمال وسوء المعاملة وقلة الضمير والاخطاء الطبية كلها يترتب عليها تدهور الحالات المرضية وقد تصل للوفاة يتكبدها ويتحملها المريض واسرته ويضيف الاستشاري ان الفساد متعدد الاطراف والمستويات يبدأ منذ لحظة دخول المريض المستشفي و اول انطباع له يكون سوء معاملة الموظفين الاداريين بمكتب الدخول وتعمدهم اصطحاب المريض للغرف المتهالكة ليجد المريض ومن معه المراتب ممزقة والوسائد قذرة والدولاب مكسورا ليرفض المريض الاقامة بها حتي لا يكون عبئا عليهم فهو نظام تطفيش الي جانب العاملات الذين يطوفون حول المريض ومن معه للدعاء له وتغيير الفرش ووضع كيس في سلة المهملات ولابد وان يكون مع المرافق خزينة بنك لإرضاء كل من يدخل عليهم لننتقل الي المستوي الثاني من الاهمال في فريق التمريض غير المدرب فليس لديهم الخبرة الكافية ولم يحصلو علي اي دورات تدريبية او ثقافة طبية حديثة بالاضافة الي مشاكلهم الشخصية التي تنعكس علي المرضي والتحدث مع زملائهم بالساعات وترك المريض دون رعاية بل يصل الاهمال الي التأخر في اعطاء المريض الدواء بالساعات عن مواعيده المحددة او اعطاء المريض الدواء ليأخذه بنفسه ولا تعقيب وعند صراخ المريض من تدهور حالته وآلامه يتركوه قائلين سنبلغ الطبيب بالحالة رغم ان بدايات التمريض عند شكوي المريض يجب متابعتهم وابلاغ الطبيب في الحال وليس بعد ساعات ويستكمل الدكتور شريف قائلا: ولنصعد الي المستوي الثالث في الاهمال الجسيم والاخطاء المدمرة لنري بعض الاطباء ذوي الذمم الخربة والضمائر المعدومة فبعضهم يسرق المريض لعيادته او لمستشفي استثماري ويعطي له موعدا وكارت لأستقباله هناك او يحول المريض من حالة المستشفي لحالة خاصة لأخذ اتعابه خارج حسابات المستشفي او يقاول المريض علي حسابه بمفرده وبذلك يأخذ اجرة مرتين ومنهم من يغير من توصيف العمليات التي يجريها بمعني يجري الطبيب عملية جراحية صغيرة بالمستشفي مثل جراحات اليوم الواحد ويسجلها بأنها مهارة اي عملية كبيرة والمريض يدفع الاتعاب دون دراية وتحسب لمصلحة الطبيب بجانب عدم الخبرة الكافية لأجراء جراحات ينتج عنها مشكلات لا حصر لها فكل هؤلاء حولوا مهنة الطب من مهنة سامية يمارسها ملائكة الرحمة الي تجارة غير انسانية يمارسها مقاولين وشياطين الانس فكل هذا الفساد الطبي المستمر والمنتشر بجميع المستشفيات اساسه الاهمال الاداري بمعني إذا كانت ادارة المستشفي لم يكن لديها دراية كافية بكل كبيرة وصغيرة تحدث فهي ادارة ضعيفة ولا تستحق مكانها لاعتمادها علي موظفين دون خبرة يديرون المستشفي لحسابهم فيحدث السرقات والاهمال والاخطاء بداية من الموظفين بالمخازن والعمال لتصل الي الاطباء الافاضل. في حين ترجع الدكتورة سمية عزت بالمعهد القومي للاورام اسباب الاهمال بالمستشفيات الي نقص الامكانات من اجهزة طبية وادوات جراحية وادوية وكذلك نقص التمريض والخدمات المعاونة كما ان النقص النوعي في التخصصات التي تحتاج إلي درجة عالية من الكفاءة وايضا ضعف الصيانة الدورية للاجهزة الطبية والمباني بالاضافة الي سوء توزيع الخدمات الطبية وتمركزها في المدن الكبيرة بينما تقتصر الاقاليم علي مراكز طبية صغيرة وفقيرة واطباء جدد قليلي الخبرة والتدريب مع عدم تطوير وتحديث الدراسة في كليات الطب ومعاهد التمريض والفنيين وتضيف الدكتورة سمية ان الجمعية المصرية للدفاع عن ضحايا الاهمال الطبي اعلنت في احدث تقرير لها حصر2100 مصري ضحية الاهمال الطبي سنويا وان هناك900 قضية اهمال ضد الاطباء امام النيابة العامة سنويا بمعدل3 قضايا يوميا وما اعلنته وزارة الصحة من غلق2134 مستشفي وعيادة ومركز علاج طبيعي بسبب الاهمال الطبي وعدم مطابقتها للمواصفات ليس حلا لهذه المشكلات وانما الحل في اعادة النظر في جميع اطراف المنظومة. بينما ترصد الطبيبة شيماء سمير عجاج بمستشفي عام بإحدي المحافظات الاخطاء والاهمال في استقبال الطوارئ الخالي من ابسط الادوات الطبية مثل ترمومتر الحرارة والخيط والابر والشاش والادوية فيطلب من المواطن المصاب في حادث شراء ما يحتاجة الطبيب لإنقاذه الي جانب اهمال الاطباء بترك النوبدجية وترك الاستقبال للنواب الصغار وفي الاقسام الداخلية لا يوجد متابعة طبية منتظمة سواء من الاطباء او اعضاء التمريض فيصاب المريض بمضاعفات مثل جلطات الرئة والقدمين وقرح الفراش والاصابة بعدوي بكتيرية بسبب عدم النظافة او ترك الكانيولا خاصة بعد العمليات الجراحية ومن داخل غرف العمليات نجد جميع نوافذها مفتوحة في اثناء اجراء العملية فيدخل منها الجراثيم والحشرات الطائرة والقطط فأين الأنفكشن كنترول. ويعترض الطبيب محمد حسن بمستشفي كفر الشيخ العام علي مصطلح الاهمال الطبي والقاء المسؤلية علي الاطباء لان الاهمال الطبي ليست ظاهرة ومثله مثل اي اهمال يحدث في اي قطاع بل يوجد في القطاع الطبي بنسبة قليلة جدا وانما ما يجب أن يثار هو ظاهرة تردي الخدمة الصحية الناتجة عن ضعف الامكانيات المقدمة والموارد المتاحة وغير المتوفرة في المستشفيات الحكومية وليس بسبب الاطباء فالمشكلة الاساسية هي مشكلة ادارة ونقص موارد وامكانات فهل يعقل ان تكون ميزانية الصحة في الموازنة العامة بأي بلد تحافظ علي صحة مواطنيها لاتتعدي5% ونرجع نقول الإهمال, فالادارة وعدم اهتمام الحكومة بالصحة هي المتسببة في سوء احوال الخدمة الطبية المقدمة للمريض.