الأستاذ الدكتور كمال الدين عيد 85 عاماً عميد الأساتذة وشيخ المسرح المصري. أستاذاً وباحثاً ومعلماً ومخرجاً تؤرقه منذ فترة أزمة البحث العلمي ممن يحملون الرسائل العلمية الماجستير والدكتوراه. وبخاصة في المسرح ودون الدخول في تفاصيل. نتعرف علي مفردات هذه الأزمة كما يراها عالمنا المسرحي فماذا يقول؟!!.. * ما رأيك بكل صرحة عن خطوات الاتجاه إلي البحث العلمي في مصر؟.. ** قال: قضية البحث العلمي تحتل أهمية قصوي في عالمنا المعاصر.. ودعني أجيبك بصراحة العلم الذي تلقيناه بعدة دول أوروبية. هناك عدة مراحل تضعها كل الجامعات والأكاديميات الفنية ليس بالإمكان تجاوزها. * أذكرها بترتيب منهجياتها؟.. ** كما في العنوان. هي خطوات تبدأ من حلقة السيمينار حتي يوم المناقشة والحكم علي الرسالة العلمية أولاً: وقائع السيمينار يتقدم الباحث سواء في الماجستير أو الدكتوراه بخطة تشير إلي موضوع البحث ومشكلته وعدة أسباب هامة لبحثه.. والمنهج العلمي المتبع. فيما يُعرف باسم "الاطار المنهجي". يناقش الباحث خطته أمام أعضاء هيئة التدريس في جامعته وقسمه وجهاً لوجه في نقاش أولي لإقرار الخطة. المهم في هذه المناقشة هو انسياق الأفكار. لكن ذلك لا يحدث.. مثلاً في قسم المسرح بجامعة حلوان وفي الصراحة راحة يوزعون الخطة مكتوبة.. يمكن ذلك. لكنه نظام عقيم ودكتاتوري انتهي في أوروبا. لكن الباحث يرد علي ملاحظات هيئة التدريس. أين اذن المواجهة العلمية كما يحدث في الجامعات الأوروبية. كتبت سابقاً لوزير التعليم عن كم من الأخطاء العلمية حدثت في ردود بعض أعضاء التدريس "لا أذكر الأسماء حتي لاأعكر صفو خيالاتهم. ولا تزال تحت يدي ردودهم وبخط أيديهم". أعود إلي المهم.. وهو المواجهة والنقاش العلني وليست ملاحظات لا تجدي. حضرت عدة سيمينارات في جامعة عين شمس بالنظام الجيد وفي بريطانيا والمجر. ** وأضاف د. كمال بعد إقرار الخطة.. وموضوع الرسالة العلمية.. مرحلة الإعداد العلمي للباحث: تختار الجامعة أو الأكاديمية ثلاثة أو أربعة من ذات تخصص الباحث لوضع المنهجية للبحث.. وهي أربعة أسئلة في تخصص الرسالة وتخصصات حولها. ونفس هذه اللجنة تحدد أهم مراحل البدء. تقرر عدداً كبيراً من الكتب والدراسات العلمية المتصلة بموضوع الرسالة "لا يقل عن 30 كتاباً بالضرورة". ليقرأها الباحث في مدي سنتين. ثم تعقد نفس اللجنة اختباراً. تصدر فيه نجاح الطالب في المواد السابق تقريرها. فإن رسب في إحداها فلا يجب التقدم مرة ثانية للاختبار فيها إلا بعد 6 شهور. وقال بعد سنتين من القراءات. وتجاوز الاختبار العلمي يبدأ الباحث في تحرير الرسالة. له سنة ماجستير وسنتان للدكتوراه. وقال بعد الانتهاء من الرسالة: يتقدم الباحث بها إلي الجامعة أو الأكاديمية الملحق بها والتي تتولي اختيار سبعة "7" من المناقشين علناً للرسالة. ولهم الحق في البحث لمدة "4" أربعة شهور لا يمكن استعجال أحد منهم احتراماً للعلم وقدسيته. * هل يحدث هذا في مصر؟ ** أكد الدكتور كمال الدين عيد بالقطع لا يحدث. قال تعلن الجامعة عن مناقشة الرسالة في الصحف والمجلات العلمي والفنية: وتضع نسخاً من الرسالة في مكتبات الجامعات الأخري. ومن حق أي أحد الحضور لإبداء الرأي في نقطة ما. بشرط إخطاره لجنة المناقشة والحكم رسمياً مقدماً. وقال يوم المناقشة والحكم: تسبقه أربعة شهور يقرأ فيها سبعة محكمين من المختصين بموضوع الدراسة.. البحث. ويكتب كل من السبعة الفاحصين تقريراً مفصلاً بملاحظته. يرسلها إلي الجامعة أو الأكاديمية. وتقوم الجامعة بإرسال ملاحظات المناقشين السبعة كتابة إلي الباحث. ليرد هو الآخر عليها كتابة. ويرسل الباحث صورة من الردود إلي إدارة الجامعة. هذا المسجل في البحث العلمي هو ما يدور في جلسة المناقشة والحكم. الأستاذ المشرف لا يصعد إلي المنصة. لكنه يأخذ مكانه بين الجماهير. "عندنا يترأس الجلسة إذا كان متقدماً في السن.. ويدير المناقشة.. ويساعد الباحث في أغلب الأحيان. بما لا يحدث في الخارج أبدا. واختصاراً لنقاشات غير مطلوبة في المرحلة الأخيرة بين المشرف ومناقشي الرسالة". وأضاف د. عيد يوزع علي لجنة المناقشة والحكم ورقة "مشرشرة" أي مقسومة إلي نصفينن: نصف به كلمة "موافق" والنصف الآخر يحوي كلمة "غير موافق". بعد انتهاء النقاش مع الباحث. يتسلم المناقشون السبعة أمام الجماهير ويسلمون آراءهم بما يودون علمياً. "يحدث عندنا ذلك بإخراج المشاهدين أو خروج اللجنة"!!. تقوم الجلسة الأخيرة هذه في استناد علي الملاحظات التي ترسل إلي الباحث قبلاً. وكذلك علي الردود عليها كتابة من الباحث. قال النتيجة أخيراً تتجلي فيها حرية رأي المناقش وكتابة وليس لأي شيء آخر. من أجل الحرص علي أمانة علمية تظل ثابتة لا تغيرها أية ظروف أو أية خيانات علمية أو ... أو ... أو ... احتراماً لقدسية العلم. يعلن سكرتير اللجنة وهو واحد من السبعة مناقشين أمام المشاهدين للمناقشة النتيجة... وقاعدتها العلمية كالآتي: "7" ايجابي « "صفر" سلبي. امتياز. "6" ايجابي « "واحد" سلبي. "1". جيد جداً. "5" ايجابي « "اثنين" سلبي. "2". جيد. "4" ايجابي « "ثلاثة" سلبي. "3". مقبول. هنا نقطة نجاح الرسالة بتقديرات امتياز « جيد جداً « جيد « مقبول. "3" ايجابي « "أربعة" سلبي. "4" لا تقبل الرسالة. "2" ايجابي « "خمسة" سلبي. "5" لا تقبل الرسالة. "1" ايجابي « "ستة" سلبي. "6" لا تقبل الرسالة. سيدي الكريم... * أين نحن من هذه الجدية في تعليم طلاب الدراسات العليا؟.. ** قال أساتذة جامعاتنا خاصة في قسم المسرح أو في أكاديمية الفنون؟ لنواجه أنفسنا. وواقعنا البعيد بعدً كبيراً عن المنهج العلمي للدراسات العليا. لا نخجل من وضعنا. بل تغير حرصاً علي مستقبل هذه المؤسسات العلمية التي تخرج علماء يجب أن يكونوا أجلاء نافعين للمجتمع المصري. * هل لي من ملاحظات أخري بعد هذا الكم الحقيقي من عالم البحث العلمي؟.. ** قال د. عيد دعني أشير إلي عدة حقائق تتصل بموضوع البحث العلمي نتيجة خبرتي المتواضعة التي تجاوزت الخمسين عاماً في سبع جامعات عربية وأوروبية أولاً: هذا المنهج الأوروبي المتحضر البعيد عن الشبهات العربية للأسف غير متاح حتي يومنا هذا. مع أنني وأعوذ بالله من لفظة أنا كنت أول مشرف علي أول رسالة دكتوراه تخرج من قسم التمثيل والاخراج عام 1991 ميلادية في أكاديميةالفنون. نحن بعيدون عن هذا المنهج السائد في العالم أجمع.. علي الأقل العالم الذي نريد أن نلحق به. وثانياً: تفتقد الأمانة العلمية نفسها في العديد من الرسائل ومخصصاتها الدقيقة الفاصلة في حق الرسالة العلمية. ومرة ثانية أدين بشدة معاهدة لسبع سنوات في قسم مسرح احدي جامعات القاهرة بين أستاذين جليلين للديكور والاخراج. سبع سنوات معاهدة تبادل الرسائل العلمية.. هذا يأتي بالآخر رحمه الله. والآخر يأتي به.. رغم اختلاف التخصصين علمياً علي الأقل. لكن ماذا تقول في عدم الحياء؟ أطلب تحقيقاً من وزير التعليم للمهزلة الثابتة بالفعل ومراجعة ما أذكره من أوراق الجامعة. وساعتها أعلن اسم الجامعة. وثالثاً: وقف التصدي لصغار الدكاترة المدرسين من الاستئساد. ونشر ألفاظ غير علمية في محيط أقسام المسرح بالجامعات.