صدق.. أو لا تصدق.. في الوقت الذي يحصل فيه لاعب الكرة.. أو الفنان.. علي مئات الآلاف من الجنيهات نتيجة هدف في مرمي الخصم.. أو وصلة غنائية في أحد الفنادق الكبري يحصل أستاذ الجامعة الأزهرية علي مكافأة قيمتها 70 جنيهاً فقط نظير الإشراف ومناقشة الرسالة العلمية للباحثين. أساتذة جامعة الأزهر وصفوا هذا المبلغ المتدني بأنه سبة وإهانة في جبين جامعة الأزهر.. واستنكروا حصولهم علي هذا المبلغ في الوقت الذي يحصل فيه غيرهم علي الآلاف.. وهذا المبلغ الذي لا يتناسب مع مكانتهم العلمية. قالوا.. لماذا هذا المبلغ الذي يقلل من شأن أستاذ الجامعة ويفتح الباب علي مصراعيه للرشوة والإخلال بعملية البحث العلمي.. ولماذا لا يتساوي أستاذ الجامعة في الأزهر مع الأساتذة في الجامعات المصرية الأخري؟!! الدكتورة دلال ياسين أستاذ أصول التربية بجامعة الأزهر قالت: الإشراف علي الرسائل العلمية ومناقشتها واجب علمي وأدبي لابد أن يؤديه الأستاذ بغض النظر عن العائد المادي الذي يتقاضاه والذي لا يوازي الجهد الذي يبذله الأستاذ.. فلا توجد مكافأة مالية تعادل جهدنا في بحث رسالة علمية وقراءتها ومراجعتها بابا بابا وفصلاً فصلاً والتأكد من المراجع التي استعان بها الباحث وصحة ما ورد بها.. لكن أن يتقاضي الأستاذ بجامعة الأزهر مائة جنيه تصل إلي 70 جنيه بعد الاستقطاع والخصم نظير إشرافه علي رسالة ماجستير أو دكتوراه.. فهذه من وجهة نظري مهزلة ومنتهي الإهانة له وللبحث العلمي بجامعة الأزهر. إهانة وأضافت: ليتنا نتقاضي هذه المكافأة المتدنية بشكل لائق ويحفظ ماء الوجه لكننا ندوخ السبع دوخات للحصول عليها وهذا عكس ما يجري بجامعة القاهرة فبمجرد الانتهاء من مناقشة الرسالة العلمية ومنح الباحث الدرجة التي يستحقها يتم إعطاء كل عضو من أعضاء اللجنة المناقشة للرسالة ظرفاً مغلقا به مبلغ 400 جنيه ورغم ضآلة هذا المبلغ لكنه يمنح بشكل محترم ولائق. وأشارت إلي أن تدني العائد المادي في هذا الموضوع يصيب الأساتذة بالإحباط واليأس هذا غير الشرط الذي تم استحداثه بجامعة الأزهر والذي ألقي أعباء جساماً علي الأساتذة في حين أراح المدرس والأساتذة المساعدين فقد تم اشتراط ألا يرقي إلي درجة أستاذ مساعد إلا بعد القيام بالإشراف علي رسالة علمية واحدة وألا يرقي إلي درجة أستاذ إلا بعد الإشراف علي رسالتين فقط وهذا غير أنه يعد إهداراً للبحث العلمي وتضييعا للعلم أراح أعضاء هيئة التدريس بدنياً وذهنياً وحرمهم من الاطلاع والقراءة وألقي بالعبء كله علي كاهل الأساتذة. واستطردت: حتي إذا وصلت المكافأة إلي 700 جنيه فلا يوجد تقدير مادي يكافئ جهد الأستاذ.. وبالنسبة لي فأنا أعمل لوجه الله لأفيد بناتي الباحثات لأنهن في النهاية يحملن اسم جامعة الأزهر وأنا حريصة أن يكن صورة مشرفة ومضيئة. ولفتت إلي تضييق الجامعة علي الأساتذة حيث إنه من غير المسموح منح المشاركين في السيمينار مكافأة مالية عكس ما هو متداول في باقي الجامعات الأخري.. لذا نجد صعوبة بالغة في دعوة الأساتذة لحضور السيمينار.. مما جعلنا نعتمد علي علاقاتنا الشخصية بزملائنا في مختلف الجامعات. الكيل بمكيالين وأشارت د.فايزة خاطر أستاذ الفقه بجامعة الأزهر فرع الزقازيق إلي حرمان الأساتذة بفروع جامعة الأزهر بالأقاليم من الإشراف علي الرسائل العلمية حيث يقتصر ذلك علي جامعة الأزهر بالقاهرة فقط أما أساتذة الأقاليم فلا حق لهم في الإشراف علي أية رسالة. وأضافت: لا نسعي للإشراف علي الرسائل بهدف المادة إنما بهدف الإثراء والاطلاع. وتساءلت: ماذا ينقص أستاذ جامعة الزقازيق عن أستاذ جامعة القاهرة فكلاهما من خريجي جامعة الأزهر فلماذا التفرقة إذاً؟! خريج ضعيف وتناولت خيط الحديث الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس قائلة: مهمة المشرف كبيرة وخطيرة تتعاظم يوماً بعد يوم بسبب تدني مستوي الخريجين فالطلبة الذين يحصلون علي المراكز الأولي بالكليات المختلفة لا يعرفون أي شيء عن البحث العلمي ولا يصلح معظمهم لأن يعينوا معيدين بالكلية فمع هذا المستوي المتدني يبذل الأستاذ جهداً مضاعفاً وفارقاً بدءاً من اختيار موضوع البحث وإرشاد الباحث إلي المراجع التي يستعين بها والكتب والمؤلفات التي يقرأها ويطلع عليها.. لذا لابد أن يكون المشرف يقظاً ومستمر الاطلاع علي كافة الكتب والمراجع في كافة المجالات والتخصصات ليستطيع إفادة العلم وإخراج بحث علمي قيم ومفيد وهذا بالطبع يستنزف من وقته وعقله ومجهوده وماله.. مقابل كل هذا نجد التقدير المادي من الجامعة لا يساوي ما يعطيه الأستاذ للسايس الذي يغسل له سيارته.. وهذا من وجهة نظري أكبر إهانة للعالم وللبحث العلمي.. لذا أقبل الإشراف علي الرسائل من باب الأمانة العلمية وإفادة الباحثين وتقديري للعلم وليس بحثاً عن المادة لأنه لو كانت المادة هي الفيصل ما خرجت رسالة علمية للنور. وشددت علي ضرورة إعادة النظر في أجور أساتذة الجامعة لكن ليس هذا الوقت المناسب فبعد أن تهدأ الأمور وتستقر البلاد نطالب بذلك. مكانة العلماء ووافقتها الرأي الدكتورة مني سراج الدين مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر قائلة: رغم أنني لم أشرف علي أية رسالة علمية لأنني مازلت مدرساً وفي طريقي للحصول علي درجة أستاذ مساعد إلا أنني أري أن هذا المبلغ حقير ومتدني وإهانة لا توصف فالأولي له والأكرم أن يشرف علي الرسائل بلا مقابل وتطوعاً. أجر الخادمة وتساءلت: كيف يتقاضي أستاذ جامعي 70 جنيهاً نظير بحث ودراسة وقراءة رسالة يزيد عدد صفحاتها علي 700 صفحة في الوقت الذي تتقاضي فيه الخادمة مائة جنيه في اليوم.. فهذه المكافأة تعكس مدي تقدير مصر لعلمائها ونوابغها ففي الوقت الذي يمنح فيه العالم هذا المبلغ الحقير يحصد لاعب الكرة الملايين نظير مشاركته في مباراة كروية إما دولية أو إقليمية لا تثمن ولا تغني من جوع.. فنحن مع كل أسف في دولة مفككة ومنهارة ونست فيها كرامة العلماء وحقرت شأنهم ونال الأقدام من قامتهم.. لذا لن تقوم لمصر قائمة إذا استمرت علي هذا الحال. ولفتت النظر إلي أن هذا المبلغ المتدني قد يفتح الباب أمام أصحاب النفوس الضعيفة لقبول الرشوة وهذا شيء ليس غريباً حيث نسمع عن قيام بعض الأساتذة بالحصول علي مبلغ من المال نظير تمرير رسالة لباحث ثري وهذا شيء غير مقبول ونرفضه جميعاً لكنه يحدث.. أما إذا تم تكريم العلماء وإعطاؤهم ما يستحقون ما وقعوا في هذا الفخ.