ما بعد الولادة، هل تحظى الموظفة الأم بالدعم الكافي؟ القانون يجيب    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    القومي للمرأة ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج المرأة تقود    بدء توافد طلائع الحجاج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة    الرئيس السيسي يشيد بالمشاورات الناجحة والبناءة مع رئيس وزراء اليونان    كشف حساب بيسيرو مع الزمالك بعد رحيله عن الفريق    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    الرياضية: مدرب فولام يوافق على تدريب الهلال    عمر طلعت مصطفى: الجولف ليست لعبة للأثرياء    إحباط ترويج 41 كيلو مخدرات و59 قطعة سلاح ناري ب3 محافظات    بسبب الفلوس.. إصابة شخصين في مشاجرة بالوراق    تعليم دمياط تكشف حقيقة واقعة تسلق شخص سور مدرسة    مصرع شخصين في حريق نشب داخل مركز صيانة سيارات بالهرم    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    القبض على 3 طلاب حاولوا الاعتداء جنسيا على طفلة في كرداسة    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    مهرجان أسوان يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    "نجوم الساحل" يعلنون بداية فصل الصيف بطريقتهم الخاصة مع منى الشاذلي غدًا    منها «السرطان».. 5 أبراج تجيد الطبخ بالفطرة وتبتكر وصفات جديدة بكل شغف    كندة علوش: شعري وقع ولوعمرو يوسف خاني هضربه    تنظيم عدد من الأنشطة بقصور الثقافة بالشرقية    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    منتج "سيد الناس" يرد على الانتقادات: "كل الناس كانت بتصرخ في المسلسل"    لأول مرة، مناقشة رسالة ماجستير حول الطب الدفاعي بحضور نقيب أطباء مصر (صور)    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    هبوط مؤشرات البورصة بختام تعاملات الأربعاء بضغوط مبيعات أجنبية    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    طلعت مصطفى تعلن تحقيق 70 مليار جنيه من «ساوث ميد» خلال يوم.. وإجمالي مبيعات المجموعة يرتفع إلى 160 مليار خلال 2025    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    «العمل» تطلق حزمة برامج تدريبية لتطوير قدرات العاملين    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة المناقش المُحَللِ فى الجامعات المصرية

إذا كان رسول الله (ص) قد لعن المُحَللِ فى الزواج ووصفه بالتيس المستعار، لمشاركته فى استحلال زواج باطل شرعاً، فإن ظاهرة المناقش المُحَللِ للرسائل الجامعية، والذى يشبه التيس المستعار، قد انتشرت فى جامعاتنا المصرية فى العقد الأخير من حكم مبارك، انتشاراً يستحق النظر والتبصر. لمحاصرتها وتحجيمها قبل أن تستفحل وتصبح كارثة قومية. فهل هذا المناقش المُحَللِ هو تيس مستعار بالفعل؟ أم فساد علمى عابر للجامعات المصرية؟
كما هو معروف أن الطالب حينما ينتهى من رسالته للماجستير أو الدكتوراه، يتقدم المشرف على الرسالة باقتراح لمجلس القسم التابع له، بتشكيل لجنة للحكم والمناقشة لتقييمها. وهذه اللجنة عادةً ما تتكون من المشرف نفسه وعضوين آخرين: أحدهما، من داخل الجامعة، والآخر من خارجها. وكما هو متعارف عليه أن هذه اللجنة هى التى تملك القول الفصل فى الحكم على الرسالة. ونظراً لما ورثته جامعاتنا المصرية من تقاليد فى مناقشة رسائلها العلمية، من توافر ضمير ونزاهة فى الأحكام ووجود أساتذة شوامخ، لذا فإن بروز ظاهرة المناقش المُحَللِ فى نهاية عهد مبارك، يعد كسراً لتلك التقاليد، وابتعاداً عن أعراف الجامعة وقوانينها. فهذا المُحَللِ هو شخص غير متخصص فى المجال البحثى الذى يناقش فيه. ومن ثم فهو لا يهتم بالمناقشة من قريب أو بعيد، اللهم إلا بعض الأشياء الظاهرية غير المهمة فى الرسالة، كغلطة نحوية أو كتابة هامش وخلافه. بل فى كثير من الأحيان، لا يعرف من قضايا الرسالة التى دُعى لمناقشتها شيئاً. بل لعل سوء سمعته العلمية هو أحد الأسباب الرئيسية التى جاءت به ليجيز الرسائل الضعيفة، ويحل أمراً غير شرعى. ومن ثم فهو تيس مستعار بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ولعل الإجابة عن السؤال الذى يطرح نفسه، لماذا انتشرت ظاهرة المناقش المُحَللِ؟، يشى بأن الأمر لم يقتصر على هذا التيس المستعار للمناقشة فقط، بل تعدته لتكشف عن فساد علمى عابر للجامعات. فالإجابة تقول بأن هناك أربعة أسباب رئيسية وراء هذا الانتشار: أولها، الشللية المنتشرة عبر كل الجامعات المصرية. فمن يتابع هذه الظاهرة يجد أن هناك شللاً معينة من المناقشين المُحَللِين تكونت وترعرعت عبر العقدين الأخيرين. ثانيها، تأثر الجامعات بجو الفساد السياسى السائد فى البلاد، واستغلالها فى تصعيد من يريدون تصعيده ليتبوأ منصباً مهماً فى الدولة. ثالثها، تحكم القرابات وأصحاب المصالح وأسر بعينها، ليس فى غالبية الجامعات فقط، بل فى كل قسم من أقسام الكليات والمعاهد الجامعية. رابعها، الضعف العلمى للمشاركين فى تلك الظاهرة. فقد وصل هؤلاء المناقشون لدرجة الأستاذية دون علم أو تعب أو مشقة. ومن ثم فإن عدم مناقشاتهم بجدية فى الرسائل التى أشرف عليها زملاؤهم من أصحاب الفضل فى ترقيتهم، يعتبرونه رداً للجميل، ومشاركة منهم فى تدشين قرابات أولى النعم. أو فخرًا منهم بعدد الرسائل التى ناقشوها وطُلبوا فيها بالاسم. أو لعدم وعيهم بالأسباب التى جعلتهم مشاركين فى المناقشة بالأساس.
لكن ما هو أثر تلك الظاهرة على الجامعة، وعلى مستوى الرسائل العلمية نفسها؟ الإجابة تشير بأن هناك خمسة آثار رئيسية: أولها، ضعف المستوى العلمى للباحثين الذين أعدوا تلك الرسائل. فطالما أن الباحث لم يبذل جهداً فى رسالته، وانتظر تدخل المشرف للمجىء له بهؤلاء المُحَللِين، فإن ضعف المستوى العلمى للرسالة والباحث نفسه يعد أمراً طبيعياً. ثانيها، سلق الرسائل العلمية وزيادة أعدادها، دونما أية إضافة حقيقية تقدمها فى مجال التخصص، أو القيام بإنجاز علمى يشرف الباحث. ثالثها، ضعف المادة العلمية للرسائل ذاتها، ناهيك عن ضعف مستواها اللغوى والمنهجى. رابعها، أصبح هَم تلك الشلل القائمة على الفساد العلمى، ليس المشاركة فى المناقشات وتصعيد الزبانية فقط، بل محاصرة الأساتذة الشرفاء وطعنهم بالشائعات غير الشريفة، عند كل من يريد أن يستعين بهم فى المناقشات لينفردوا هم بالأمر كله. خامسها، هناك شلل معينة على مستوى الجمهورية أصبحت معروفة بالاسم. بل تعمل لمصلحتها فقط، دونما النظر للتخصص أو إفادة الطالب أو مراعاة الدرجة العلمية وقداستها. بل إنهم ينصحون تلاميذهم بدراسة موضوعات معينة من ذات تخصص لتلك الشلل، لضمان النتيجة مسبقاً. وفى هذا الإطار يشكل عدد الرسائل التى يناقشها هؤلاء المُحللِون سنوياً، أمراً مزعجاً ومقلقاً لمسيرتنا العلمية. فبعضهم يناقش ما بين 20-30 رسالة فى السنة. مع أن هذا الرقم لا يصل إليه من هم خارج تلك الشلل إلا فى أعوام عديدة.
من هنا، فإن ظاهرة المناقش المُحللِ هى ظاهرة خطيرة على مستقبل التعليم فى مصر. فقد أنتجت عدداً كبيراً من مافيا المُحللِين العابرة لجامعاتنا المصرية من أقصاها لأقصاها، وعدداً لا حصر له من الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه. وهذا ما يسبب عواراً فى مشاركة تلك الفئات الضعيفة فى أى عملية تنمية تستهدف تطوير ونهضة بلادنا. لذا نتمنى من الله أن تنتهى تلك الظاهرة بتفكيك تلك الأحلاف الفاسدة وغير الشرعية والضعيفة علمياً، وأن يتم تحجيمها عبر الجامعات أولاً، بإيجاد صيغة قانونية لا تسمح لتلك الظاهرة بالتمدد والاتساع أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.