أكد خبراء الاقتصاد ان اصدار قانون جديد للاستثمار أو تعديل القانون الحالي لا يكفي وحده لتهيئة مناخ الاستثمار وجذب رءوس الأموال الأجنبية لمصر. وان الأمر يتطلب رؤية شاملة وتخطيطاً أوسع يشمل جميع القوانين والاجراءات المرتبطة بالعملية الاقتصادية والاستثمارية والوضع الاقتصادي في مصر. قال الخبراء ان التركيز فقط علي الجانب التشريعي لن يحل مشكلة تراجع الاستثمارات في الفترة الأخيرة. لانه لا يمكن للمستثمر الأجنبي ضخ استثماراته الا في أوضاع أمنية مستقرة. وفي وجود تشريعات واضحة وشفافة. وجهاز اداري غير مكبل بالروتين والبيروقراطية. بالاضافة إلي العناصر الأخري التي تشمل توافر الاراضي والعمالة والأسواق والبنية التحتية الجيدة والحوافز المشجعة علي الاستثمار. وأكد الدكتور زياد بهاء الدين - نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق انه من الضروري اصلاح تشريعات الاستثمار كلها - وليس القانون فقط - وتغيير الفلسفة التي سارت عليها خلال الخمسة والأربعين عاماً الماضية. مشيراً إلي ان الاصلاح يتطلب عمل الكثير علي جبهات متعددة. وان تكون البداية إصلاح المسار بأكمله وليس ممراً فقط. والاستجابة للمتطلبات الحقيقية للمستمرين. واشراك المجتمع في الحوار حول الإصلاح. وعدم الرجوع إلي المزايا الضريبية التي غادرها العالم منذ زمن. وعمل تنظيم واحد للمناطق الاقتصادية الخاصة. وتنظيم عمليات فض المنازعات وتوحيد أسسها وتطوير مراكز التحكيم والتوفيق. وقال ان أول ما يجب إخراجه إلي النور من تشريعات الاستثمار هو قانون موحد للشركات وقانون الصناعة الموحد وقانون جديد المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر علي ان يتم تسجيلها بالاخطار وتحديد مجالات تناسبها. وتقنين الملكيات العقارية. ووضع نظام قانوني موحد لتراخيص البناء وبدء النشاط. وإلغاء قانون المحال التجارية والصناعية وإعادة النظر في دور المحليات في التراخيص. وتطوير قانون المناقصات والمزايدات لخدمة مزيد من الشفافية والتنافسية وجعل ضمانات التنفيذ غير مرهقة. وتعديل قانون المحاكم الاقتصادية ليسمح بتحدي أفضل للنطاق مع العناية بالتدريب. وقانون لتداول المعلومات حتي تتاح للكافة بمعيار واحد. وتفعيل المبادرة المصرية لاصلاح مناخ الأعمال "ارادة" وازالة التناقض بين الجهات الرقابية وتحديث قواعد الإفلاس والخروج من السوق. وإعادة تقييم الدور الذي يقوم به الصندوق الاجتماعي. وأكد د. زياد بهاء الدين علي ضرورة الاستفادة من تجارب الماضي منذ قانون الاستثمار الذي تم عمله في 1971. وصولاً إلي تعديلات قانون الاستثمار في مارس 2015 وقبيل مؤتمر شرم الشيخ. وهي التعديلات التي شكلت ردة هائلة واضرت بشدة بمناخ الاستثمار. وحول تجربة الشباك الواحد قال ان العمل بهذا النظام بدأ مع القانون 230 لعام 1989. لكن لم نستقر علي صيغة له حتي الآن. منوهاً إلي ان ذلك القانون كان قد منح أيضاً هيئة الاستثمار سلطات رقابية وكان ذلك بداية خلط للأدوار امتد حتي الآن مشدداً إلي ان أي إصلاح جاد يجب ان يفصل الرقابة عن الترويج أو التأسيس. وذكر زياد ان محاولات جرت منذ 2004 و2005 لتوحيد النظام القانوني للاستثمار في مصر وخلالها تم إلغاء الاعفاءات - مع احترام المدد المتبقية للمشاريع التي اقيمت في ظلها - وقال ان ذلك تم وسط صعوبات بالغة وبعد ان جرت عمليات اساءة استخدام واسعة النطاق لنظام الاعفاءات. ثم جاء قانون 17 لسنة 2015 وكان من مساوئه انه انهي استقلالية هيئة الاستثمار وخلط خلطاً شديداً بين الترويج والرقابة. وجعل الهيئة وبشكل غير ممكن الجهة الوحيدة صاحبة الولاية علي الاراضي المخصصة للاستثمار. وقال ان ما يقلقني الآن انني أري عودة إلي سياسة الاستثناءات والاعفاءات ومزيد من التداخل في الاختصاصات وتجاهل الاصلاح الأوسع لمناخ الاستثمار. مضيفاً أننا نتحدث في مصر بلغة ضريبية غير التي يتحدث بها العالم وان السائد حالياً هو تقديم حوافز غير ضريبية أو تخفيف العبء الضريبي علي مشروعات بعينها كالمشروعات الصغيرة والمتناهية وليس الاعفاء. وذكر ان مصر تتمتع بالفعل بمزايا واقعية منها السوق الكبير والموقع الجغرافي المتميز واهليتها لتكون مركزاً لوجستياً عالمياً ووفرة العمالة في المجالات المختلفة. ويتعين تسويق هذه المزايا بشكل صحيح. محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار يقول إننا نحتاج للمنظومة التشريعية المتعلقة بمناخ الاستثمار والمرتبطة بإجراءاته إلي عملية مراجعة شاملة بدء من ضرورة العمل علي التأسيس الاليكتروني للشركات وخفض فترة التأسيس وضغط اجراءاته مروراً بتعديل في تشريعات تأسيس الشركات واجراءاتها وضوابط حوكمتها وخطوات انجز التعاقدات معها وآلية تخصيص الاراضي وتوصيل المرافق وصولاً إلي تصحيح المنظومة الضريبية وإعادة ضبط منظومة التخارج من السوق وقوانين الافلاس ووضع آلية ناجزة لفض المنازعات الاستثمارية. ويظل أبرز تعديل تشريعي مطلوب مراجعته هو قانون الاستثمار الحالي بحيث يعكس رؤيته الدولة المستقبلية للاستثمار ويتلافي العيوب التي ظهرت في التطبيق بعد التعديلات التي جرت عليه في مارس 2015 ولم تنتج الآثار المتوقعة منها حتي الآن خاصة في ظل عدم اطلاق خريطة واضحة للاستثمار في مصر. قال: نري أهمية وجود استرتيجية الاستثمار في مصر تعكس رؤية الدولة فيما يتعلق بدور الاستثمار الأجنبي المباشر داخل الاقتصاد المصري متضمنة أهم القطاعات الاقتصادية التي ترغب في جذب الاستثمارات الأجنبية إليها وخاصة في المجالات مرتفعة المكون التكنولوجي. وهو ما يتطلب مراجعة قانون حماية الملكية الفكرية المطبق في مصر. وكذلك أهمية زيادة الروابط بين الاستثمارات الأجنبية والمحلية من خلال تشجيع تكوين الشراكات وخاصة مع الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يسهم في نقل التكنولوجيا إلي الشركات المحلية شاملة أحدث الممارسات الإدارية. وقالت الدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة ان القضية ليست في قانون جديد لان هذا القانون الذي نعمل به حالياً جذب استثمارات تقدر بنحو 13 مليار دولار عام .2013 أضافت: المهم توفير المناخ الأمني والاقتصادي والسياسي المناسب وتعديل بعض مواد قانون الاستثمار المختلف عليها وهي معروفة للجميع وتقف عائقاً أمام جذب مزيد من الاستثمارات.