حققت المشاركة المجتمعية علي مر الزمن انجازات كبيرة للمجتمعات وكانت علامة علي مدي رقي المجتمع واحساسه بالمسئولية تجاه أفراده بعضهم البعض.. وفي هذا الاطار كانت مبادرة "الشعب يأمر" التي مر عليها أكثر من اسبوع واشترك فيها عدد كبير من رجال الأعمال قدموا تخفيضات تصل ل 20% علي أكثر من 30 سلعة لمدد متراوحة تصل لثلاثة اشهر. تكالب المصريون علي الهايبرات والمنافذ لشراء السلع وتخزينها فتضاعفت المشتريات ثلاث أو أربع مرات باعتراف العاملين بهذه الأسواق.. وانتقلت البضائع من مخازن الشركات للبيوت دون حاجة حقيقية لها في الوقت الراهن.. وفي نفس الوقت قدر كبير من الرواج والدعاية للمنتجات ومضرب التجار أكثر من عصفور بحجر واحد وظلت مشكلة الأسعار الشبح الذي يهدد استقرار الاسواق المصرية فالمبادرة مسكن مؤقت.. يعالج العرض وليس المرض والأخطر من ذلك أننا لن نجرؤ بعد ذلك علي لوم رجال الأعمال واتهامهم بالاحتكار أو التلاعب في الأسعار. الناس في طوابير الهايبرات لم يعودوا يتحدثون عن أسماء بعينها يعرفونها تعمل علي تعطيش السوق ولي ذراع الحكومة وتأديب الشعب باحتكار السلع الاساسية.. اكتفوا بالحصول علي كيسين من السكر وتناسوا حيتان السكر الذين حصلوا عليه من مصانعنا برخص التراب وأعادوا طرحه ب 13 و15 جنيها وهم يضحكون بسخرية من الشعب والحكومة. أعاد التجار تلميع صورتهم لدي الشعب وأخشي أن تضيع الحقيقة يمسك الشعب بتلابيب الحكومة بعد انتهاء مهلة الثلاثة أشهر ويتهمها بأنها وراء ارتفاع الأسعار. واذا كان البعض رأي التجربة نسمة صيف في لهيب الأسعار فالبعض اعتبرها مجرد "مسكن" لا تستطيع أي اسرة أن تضبط ميرانياتها عليه وطالب بتحديد هامش ربح للسلعة الواحدة يلتزم به المنتج أو تسعيرة جبرية للسلع الاساسية.. واتفق معهم خبراء الاقتصاد ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الغذاء حتي تستطيع أجهزة الرقابة أن تجد آليات لضبط السوق.. واقترح الخبراء أن تجتمع كل الأجهزة في جهاز واحد يتبع الرقابة الادارية بعد أن نجحت مؤخرا في ضبط كثير من المتاجرين بقوت الشعب بكل شفافية. الغريب أن بعض رجال الأعمال اعترفوا أن المبادرة انتعاشة مؤقتة لن تؤثر في السوق طويلا مطالبين بتذليل الطريق أمام المنتج المصري وتشجيعه لينافس مع منع استيراد السلع الاستفزازية لتوفير العملة الصعبة. ورغم كل ما أحيط بالمبادرة من دعاية اعلامية الا أنها ظلت قاصرة علي مناطق بعينها في العاصمة والمحافظات ولم يجد المستحق الحقيقي صدي لها باعتراف رؤساء كثير من الأحياء الذين أكدوا أن المنافذ والمجمعات هي ملجأ سكان هذه المناطق وطالبوا بزيادتها. ويعود الخبراء لشرح الصورة وطرح الحلول.. فالاقتصاد الحر في رأيهم لايعني الفوضي.. وتحديد هامش ربح مطبق في اعتي الرأسماليات واتفاقية "الجات" التي يتكئون عليها لاتمنع أي دولة من تطبيق التسعيرة الجبرية.. وما يمنع ذلك هو قانون الاستثمار المصري الذي فصل لصالح أشخاص بعينهم في الثمانينيات والذي يحظر التسعيرة الجبرية أو وضع سقف لربح المستثمر!! فكانت النتيجة أن الشركات تستثمر في مصر بهامش ربح مفتوح قد يصل الي 300% وفي بلدها تستثمر في المنتج بهامش لايزيد علي 20% كما يحدث في الاسمنت مثلا فأصبحت مصر أعلي دولة في العالم في العائد الربحي وكان طبيعيا أن تشتعل الأسعار ويحترق المستهلك في لهيبها.