1⁄4 وبدأ البعض يدرك خطورة وتأثير الإعلام وجرائمه في صناعة السفه والتخلف والهبوط بالمستوي العقلي والذوقي في المجتمع. والإعلامي أحمد المسلماني الذي كان من بين مستشاري الرئيس السابق عدلي منصور يقول الآن إن صناعة السفاهة ترعاها كبري الشركات في مصر حالياً. وكان المسلماني يشير بذلك إلي القوة الناعمة التي يمكن أن تعزز التواجد والانتشار المصري. ممثلة في الأدب والثقافة. والحقيقة أن صناعة السفاهة قد أصبحت هي السائدة في الأدب والثقافة والإعلام منذ أن اقتحم رجال الأعمال هذا المجال بأجندات غامضة وتمويل أكثر غموضاً ليقودوا الرأي العام بمفاهيم وخلفيات ثقافية مختلفة. وفرضوا واقعاً جديداً من الفوضي الإعلامية. وأضاعوا معني وقيمة الرسالة الإعلامية. وانتقلوا بالإعلام من وجوده كرسالة إلي صناعة وتجارة!! فعندما أصبح رجال الأعمال هم سادة الإعلام الجدد فإنهم أنفقوا بسخاء لا مبرر له علي عدد من الذين انتسبوا للعمل الإعلامي وفرضوا وجودهم وتواجدهم داخله ليغرقنا هؤلاء الدخلاء في حوارات الجنس والفضائح والعفاريت والنميمة و"النفسنة".. والشائعات. بحيث تحول الإعلام إلي أداة لهدم المجتمع وتمزيقه بدلاً من أن يكون وسيلة لإيجاد التوافق الوطني ولم الشمل في مرحلة إعادة بناء الدولة الحديثة. * * * 1⁄4 إن صناعة السفاهة التي يتحدث عنها المسلماني مازالت قائمة لأن الدولة مازالت غائبة عن الإعلام وتتردد كثيراً في اقتحام وفتح هذا الملف واتخاذ سياسات واضحة بشأنه. والدولة غائبة لأنها لا تنظر إلي الإعلام علي أنه قضية يجب أن تحتل الأولوية. وتعتقد أن الأمن يأتي علي رأس القائمة. وأن مشاكل الاقتصاد والدولار والسكر أهم من النظر في ملف شائك مليء بالألغام البشرية!! وهو اعتقاد جانبه الصواب.. لأن الإعلام يأتي أولاً.. وإصلاح الإعلام هو الطريق لحل الكثير من المشاكل العالقة والمزمنة. والإعلام هو أهم أسلحة الدولة في معاركها الحالية. ولكن اقتحام هذا الملف الشائك يقتضي وجود قدرات وخبرات يمكنها تقديم الرأي والمشورة السليمة للدولة. لكي يمكن أن يكون تعديل المسار صحيحاً.. ولكن يمكن أن تكون هناك أهداف وسياسات ورؤية واضحة. وعلي الدولة أن تستمع في ذلك للجميع. بعيداً عن أصحاب الأيديولوجيات والأجندات والتربيطات و"الشلل". وتجار الشائعات والتشويه والأكاذيب. إن كل تأخير في دراسة الملف الإعلامي. وكل تردد في اتخاذ القرارات الحاسمة سيعني أن "إعلام السفاهة" سيواصل تقدمه في صناعة دولة ممزقة الأوصال. سهلة الاختراق. وكثيرة الأزمات. * * * 1⁄4 وفي معركتنا الداخلية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة فإننا يجب أن نكون أكثر استعداداً لتقبل القرارات الصعبة. وأول القرارات الصعبة هو ما يتعلق بمصير الجنيه وقيمته. فقد كانت هناك إشارات وتلميحات إلي تعويم الجنيه. ثم تحدث البعض عن تأجيل اتخاذ هذا القرار إلي مرحلة لاحقة. وقد يكون التأجيل مطلوباً.. ولكن هل سيوافق صندوق النقد الدولي علي تقديم أي قروض لمصر في ظل وجود سعرين للدولار في السوق!! إن صندوق النقد لا يعترف ولا ينظر إلي الأوضاع الداخلية وعواقب القرارات الاقتصادية الصعبة. ووضعنا أمام خيارات أصعب.. وكان الله في عون المسئولين الذين يتفاوضون مع الصندوق.. ليس لديهم الكثير ليقولوه!! * * * 1⁄4 وننتقل من أزماتنا إلي الأزمة العاصفة المشتعلة في اليمن!! فطائرات التحالف قامت بشن هجوم يوم السبت الماضي استهدف قاعة جرت فيها مراسم عزاء في صنعاء. مما أسفر عن مقتل 140 شخصاً وإصابة 525 آخرين. والهجوم الذي أثار غضب العالم دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي أن تعلن أن دعمها للحلفاء "ليس شيكاً علي بياض"!! وعلي عبدالله صالح في اليمن دعا اليمنيين إلي التوحد ومهاجمة السعودية للثأر.. "أدعو كل أبناء هذه الأمة إلي مواجهة هذا العدوان بكل ما لديهم من قوة"!! وما يحدث في اليمن يستدعي تدخلاً قوياً حاسماً من جامعة الدول العربية. إذا كانت تبحث عن دور ووجود. فالأزمة اليمنية تحتاج حلاً سياسياً يوقف نزيف الدماء وإهدار المال العربي في حروب لن يكتب فيها النصر لأحد. ولن تخلف وراءها إلا الدمار والجراح التي لن تلتئم أبداً. إن الحرب الدائرة في اليمن لا تخدم إلا مصالح إيران التي تريد استنزاف السعودية في أي جبهة كانت!! * * * 1⁄4 وأخيراً.. فإن أحلي وأجمل وأمتع منصب في مصر هو منصب وزير الدولة للهجرة وشئون المصريين. فالسفيرة الوزيرة نبيلة مكرم. أصبحت مثل "ابن بطوطة".. رحالة تجوب العالم كله من أجل أن تلتقي بالجاليات المصرية وتتعرف علي مشاكلهم وتشجعهم علي شراء شهادات بلادي الدولارية!! والوزيرة الآن في استراليا ثم في نيوزيلندا بعد أن زارت من قبل كندا وأمريكا وإيطاليا. والعديد العديد من الدول التي يوجد بها جاليات مصرية. لن تفكر أبداً في العودة مرة أخري. ولن تودع أموالها في مصر. وربما لا تأتي كثيراً إلي زيارتها!! وللوزيرة فلسفتها وأهدافها من هذه الزيارات.. ولكننا نري أن فائدتها محدودة.. وليت مشاكلنا مثل مشاكل الجاليات الموجودة هناك!!