الأزمة السورية كانت حاضرة بقوة في مهرجان الإسكندرية هذا العام وهذا ليس بجديد علي الدول التي مازالت تنظر للسينما كسلاح في معاركها.. شاهدنا فيلمين لاثنين من أهم مخرجي سوريا.. "أنا وأنتي وأبي وأمي" اخراج عبداللطيف عبدالحميد و"سوريون" اخراج باسل الخطيب كما شاركت الجزائر في المسابقة الرسمية بفيلم "مؤكد حلال" الكوميدي المهموم بانتشار الأصولية ونفس الشيء في "خسوف" التونسي وهناك التسامح المجتمعي في "أوركسترا منتصف الليل" من المغرب.. فقط مصر التي شاركت بفيلم "روج" الخالي تماما من أي شيء له علاقة بهذا البلد الذي نعيش فيه. بمجرد انتهاء عرض فيلم المخرج عبداللطيف عبدالحميد بدأت المناقشات الحامية بين الجمهور سواء داخل قاعة العرض أو خارجها فهو واحد من الأفلام متقنة الصنع علي المستوي الفني مثل كل أفلام عبداللطيف عبدالحميد يقدم قصة حب في زمن الحرب مقنعة واضحة ويسرد تفاصيل حياة أسرة الجندي العاشق وموقف الأب استاذ الجامعة المعارض للنظام السوري والأم والجد المؤيدين للنظام وكذلك المحبوبة وأسرتها ذات الميول الإسلامية الراغبة في الهجرة إلي تركيا وعشرات التفاصيل التي تعطي صورة للواقع السوري من وجهة نظر مؤلف ومخرج الفيلم. ولأن عدد الشخصيات المؤيدة للنظام في الفيلم أكثر من الأب الوحيد المعارض فقد تكرر في أكثر من مشهد ترديد عبارات تأييد النظام والحقيقة أن ذلك من الأمور الطبيعية طالما أن دراما الفيلم قائمة علي هؤلاء المؤيدين وكان من الممكن أن يحدث العكس تماما لو كان أبطال الفيلم من المعارضين فالفيلم علي المستوي الدرامي جميل ويستحوذ علي عقل ومشاعر المشاهد وعبداللطيف عبدالحميد كاتب ومخرج ماكر لا يضع كلمة ولا صوت انفجار إلا وله فائدة ومعني درامي في أول الفيلم تستمع لصوت انفجار بعيد عن المنزل ثم وسط الاحداث نسمع الانفجار وقد أصبح تحت الشباك وفي نهاية الفيلم يكون الانفجار وطلقات الرصاص تقتل العاشقين وهذا من عمل الأساتذة الكبار. وفي فيلم "سوريون" للمخرج باسل الخطيب الحاصل علي جائزة احسن اخراج في المهرجان يصنع من منطقة مدمرة في شمال سوريا "لوكيشن" لتصوير احداث الفيلم بدون ديكورات أو مؤثرات.. المنطقة باردة وعرة مهدمة تشبه المدن الألمانية الخارجة لتوها من الحرب العالمية الثانية من حق سوريا أن تفخر بأن لديها مخرجين مثل باسل الخطيب والعظيم عبداللطيف عبدالحميد. المهمومين بالحرب الدائرة في وطنهما وهما قادران علي تقديم صورة حقيقية عن الأوضاع في سوريا التي تحولت معركتها من نظام يرفض السقوط إلي دولة تريد أن تبقي وتعيش موحدة رغم أنف اعدائها في الداخل والخارج. وشاركت الجزائر في المسابقة الرسمية لدول البحر المتوسط بالفيلم الكوميدي "مؤكد حلال" للمخرج محمود زيموري واشترك في كتابة السيناريو مع ماري لورانس أتياس ويحكي عن مذيعة جزائرية في قناة تليفزيون فرنسية تناقش ظاهرة طلب العرسان شهادة عذرية للعروسة في بعض مناطق القبائل في الجزائر والتي تسيطر عليها الأفكار المتطرفة وتنتشر هناك منها تعدد الزوجات وطلب شهادة بعذرية الفتاة قبل الزواج ولكن شقيق المذيعة لا يعجبه جرأة أخته في مناقشة المشكلة في تليفزيون فرنسا فيقرر تدبير حيلة لإرغامها علي العودة للجزائر وتزويجها من "عطا الله" المزواج الثري. تعود المذيعة مخدرة علي كرسي متحرك وتحدث العديد من المواقف المضحكة حتي تقابل الطبيب البيطري الطيب وتقبل الزواج منه علي حد تعبيرها "أخيراً عثرت علي رجل بالجزائر"!