** أستمتع كثيراً بالقراءة وأستمتع اكثر بالكتابة. وان كانت مستعصية في بعض الاحيان وكنت اعد نفسي لتناول موضوع الساعة. واعني الهجرة غير الشرعية وما ترتب عليها من كوارث. فوجدتني امام موضوع شائك مترامي الابعاد وفضلت تناوله من خلال نوافذ الآخرين فكم احزنني ذلك العدد الكبير من شبابنا الذين ابتلعهم البحر وما ادراك ما البحر فالاسرار داخله في علم الله وحده واذا كان ضحايا المركب الغارق من الفقراء والمحبطين فإن الغارقين في النفاق هم الطرف الاصيل في المأساة ويأتي في مقدمتهم اولئك المغيبون من اصحاب المنصات الاعلامية فقد شاهدت وسمعت العديد منهم قبل الحادث بأيام يحرضون المجني عليهم بالمغادرة والرحيل. وياليتهم كان يشجعونهم علي البحث عن فرصة عمل في مكان آخر او بلد آخر. ولكن "الجناة" كانوا يصبون عليهم جام غضبهم لمجرد تفكيرهم في البحث عن وطن بديل بعد ان ضاقت بهم سبل الحياة في بلادهم فإذا بك امام عبارات مهينة في وداعهم علي غرار "الباب يفوت جمل" وما شابه! * وقد توقفت امام قليل من كثير من الاقلام التي تناولت الحادث المروع الذي راح ضحيته حوالي اربعمائة وخمسين من الضحايا المصريين والافارقة معاً. * كتب الدكتور محمود خليل يقول: زمان كان الفقر وقوداً وعامل دفع لصاحبه لكي يحاول ان يخرج من براثنه حين كان الاجتهاد في الحياة قيمة والسعي علي الرزق الحلال شرفاً وتجارب الناس مع الفقر مصدراً للتفاخر وعلينا ان نلتمس العذر لاهالينا في قري ونجوع مصر. فالغلاء يضربهم من كل اتجاه. والفقر يعصر الجميع فقد اختلف الزمان ومعه اختلفت حياتنا وثقافتنا حيث اصبح "التطلع الاستهلاكي" المحرك الاول لحياتنا. حتي ولو كان الثمن هو الحياة نفسها..! طرح الاستاذ عماد الدين اديب عدداً من علامات الاستفهام اصعبها ذلك السؤال الصادم: هل اصبحت مصر طاردة لابنائها؟ ولماذا يدفع الانسان تحويشة عمره ويعرض حياته وحياة أسرته للخطر في مواجهة مخاطر البحر وتقلباته ولماذا يضع الشباب نفسه تحت تصرف دولة اخري. وهو يتذلل لها مطالباً بحق اللجوء..؟! ويجيب الاستاذ قائلا: يبدو ان الم الهجرة غير الشرعية واحتمالات الموت بحراً أقل ألماً وخطراً من الحياة تحت مظلة الوطن. شيء مؤلم يستحق الدراسة العميقة. ومن منظوره الخاص يوصف شاعرنا الكبير فاروق جويدة المشهد بقوله: إن إهدار كرامة الإنسان أسوأ أنواع القسوة. وحرمان الإنسان من حقه في الفكر والرأي والحوار أحط أنواع القسوة إننا نتخيل أحياناً أن القسوة هي العنف البدني. رغم أن العنف النفسي يترك أشلاء بشر وبقايا إنسان. فما أكثر الموتي الأحياء. وما أكثر الأحياء الموتي! وفي مقاله الأسبوعي يحذرنا الأستاذ عصام حشيش من الغفلة قائلاً: أنا وأنت في الدنيا غرباء. ورغم علمنا بأننا نعيش في هذه الدنيا ضيوفاً. فالقلب مشحون بطلب الدنيا. وعلينا أن نستعد للقاء الله تعالي في يوم لا ريب فيه. فحب الدنيا أخطر علينا من السرطان. لكننا غافلون. ** آخر الكلام: توقفت طويلاً أمام تحقيق صحفي كتبه الصحفي حمادة الرمحي تحت عنوان "بالمستندات.. أكبر قضية فساد بالأوقاف" مؤكداً في تقديمه أن لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب قررت فتح أخطر ملف للفساد داخل وزارة الأوقاف. وهو ملف "التعيينات الوهمية" بعد أن أكدت التقارير الرقابية أن هناك شبكة عنكبوتية تكونت داخل الديوان العام للوزارة. وفي مديريات الأوقاف بالمحافظات. ونجحت في تعيين 33 ألف عامل في وظائف وهمية لا وجود لها من خلال ضم 11 ألف مسجد غير موجود علي الأرض. وأن هؤلاء العمال يتقاضون أكثر من 46 مليوناً شهرياً. بما يعادل نحو 562 مليون جنيه سنوياً في صورة مرتبات وبدلات وحوافز وعلاوات رغم عدم وجودهم من الأساس ضمن الهيكل الوظيفي لوزارة الأوقاف.