بعيدا عن مناقشة قضايا ومشكلات المجتمع. أو ما يجري من أحداث سياسية واقتصادية قدم الإعلامي مجدي الجلاد حلقة من برنامه "لازم نفهم" علي قناة "سي بي سي إكسترا" مع الفنان الكبير جلال الشرقاوي المخرج والمنتج المسرحي والأستاذ بمعهد الفنون المسرحية. ليقدم تجربته في الحياة والمسرح ليكون نموذجا وقدوة لأجيال تتمني أن تسلك نفس الطريق لأن تجربة الشرقاوي حقيقة ثرية بسنوات كفاح وحصاد للعلم الأكاديمي في كلية العلوم قسم الكيمياء تلبية لرغبة والده. وفن المسرح الذي درسه في معهد الفنون المسرحية لتنمية موهبته في التمثيل والإخراج لأربع سنوات كان الأول فيها علي زملائه. مما أتاح له التدريس بالمعهد. وقبله تدريس الكيمياء في مدرسة النقراشي الثانوية النموذجية وهو في العشرين من العمر لطلاب تعدت أعمارهم الخامسة والعشرين. ولأن لكل موهبة بداية فإن جلال الشرقاوي عرف المسرح وهو طفل في السادسة من العمر لأن جارهم "مصطفي حفني" كان من بنائي المسارح. ولما تهدم مسرحه "برنتانيا" في عماد الدين قام ببناء مسرح آخر هو "إيزيس" في الشارع الذي كان يسكنه مع أسرته في حي السيدة زينب. ولأن "مختار" ابن صاحب المسرح كان صديقه. فكانا يقضيان وقتهما في كواليس المسرح. فشاهد جلال هناك فناني مصر الكبار أمثال يوسف وهبي وجورج أبيض وفاطمة رشدي وعلي الكسار وهم يقدمون مسرحياتهم. فتعلق الطفل بهذا العالم الساحر. ثم بدأ التمثيل وهو في المرحلة الابتدائية في الروايات التي كان يكتبها ويخرجها مدرس اللغة العربية. لأن التعليم في تلك المرحلة كان يهتم بالأنشطة الطلابية بجانب تدريس العلوم المختلفة. وكانت الأنشطة في المرحلة الثانوية اثنين وعشرين نشاطا متنوعا في يوم دراسي كامل يمتد حتي الخامسة مساء يمارسون فيه هوايات فنية وموسيقية ورياضية وغيرها مما يزكي روح المنافسة الشريفة والتعاون ويصقل المواهب. وقد استمر حب الفنان الكبير للمسرح حتي التحق بالجامعة فكان رئيسا لفريق التمثيل بكلية العلوم جامعة القاهرة وممثلا في المسرح الجامعي. وبعد تعيينه مدرسا بمعهد الفنون المسرحية تقدم لمنحة لدراسة الدكتوراه في الإخراج وسافر إلي فرنسا ليدرس تكنيك الإخراج المسرحي في معهد جوليان بيرتو. كما درس الإخراج السينمائي أيضا في المعهد العالي للدراسات السينمائية. فكان يومه مقسما إلي فترتين منذ الثامنة صباحا وحتي منتصف الليل. واستطاع التخرج منهما في نفس الفترة ليعود إلي القاهرة ويستمر في التدريس بمعهد الفنون المسرحية ويعمل مخرجا في مسرح التليفزيون ثم أنشأ فرقته المسرحية "مسرح الفن" وقدم مسرحيات سياسية عديدة منها "انقلاب ع الرصيف عطية الإرهابية ودستور يا أسيادنا" تلك المسرحية الأخيرة التي تسببت في إغلاق مسرحه لأنها كانت تنادي بأن اختيار الرئيس يكون بالاقتراع السري وليس بالاستفتاء أو اختيار مجلس النواب وأن تكون فترة الرئاسة أربع سنوات ولا تزيد علي فترتين لكل رئيس. وهو ما حادث في مصر الآن. تلك المسرحية وأفكار مسرحياته الناقدة للمجتمع سياسيا. جعلت جلال الشرقاوي في مواجهة السلطة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. حتي ان الرقابة رفضت التصريح له بعرض مسرحية "بلاد في المزاد" تأليف الكاتب المسرحي محسن الجلاد. ولما صرحت بها اللجنة العليا للرقابة بعد شكوي تقدم بها مؤلفها. أوعز البعض بالقرار لفاروق حسني وزير الثقافة الذي سأل عن مخرجها ولما علم أنه جلال الشرقاوي أمر بإغلاق المسرح بالشمع الأحمر. إن رحلة حياة جلال الشرقاوي تستحق كل تقدير لأنه نموذج للعطاء وتقديم الخبرة للشباب من الدارسين لفنون المسرح. والكفاح المتواصل لتحقيق رسالة المسرح السامية في نشر الثقافة وتنمية الوعي والوجدان القومي للمواطنين بما قدمه من مسرحيات سياسية ستظل علامات في تاريخ المسرح المصري.