إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية لعام 2025–2026    غدًا.. «البحوث الإسلامية» يعقد اللقاء ال18 من فعاليات مبادرة «معا لمواجهة الإلحاد»    مدبولي يطمئن المواطنين: لدينا احتياطي من السلع يكفي الاستهلاك لعدة أشهر    محافظ أسيوط يتابع أعمال التطوير الشاملة للمنازل بمنطقة المصلة بحى غرب    وزير السياحة: 26% زيادة في الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال ال5 شهور الأولى لعام 2025    الرقابة المالية تصدر ضوابط الترخيص للمواقع الإلكترونية لصناديق التأمين    بريطانيا تسحب عائلات دبلوماسييها من إسرائيل    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: معلومات عن إصابة منشأتين لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في إيران    جدول مواعيد اختبارات الناشئين بالنادي المصري البورسعيدي 2025-2026    بيان عاجل للجنة العليا للطوارئ النووية والإشعاعية حول الوضع الإشعاعي في مصر    إحالة مدرس لمحكمة الجنايات لتعديه على 10 طالبات بمدرسة فى الإسكندرية    المشدد 10 سنوات ل«عامل» بتهمة الإتجار في المخدرات وحيازة سلاح ناري بالشرقية    محمد الجالي: التصعيد بين إيران وإسرائيل ينذر بحرب إقليمية شاملة ويهدد الاقتصاد العالمي    "الغرفة" و"هذه ليلتي" في ختام عروض التجارب النوعية المسرحية بالغربية    طريقة عمل كباب الحلة، أسرع أكلة مغذية ولذيذة    مزايدون.. لا صامدون!    جامعة القناة تطلق دورة لاستراتيجية والأمن القومي 19 يوليو المقبل    رسالة من حسين الشحات بعد تعرضه للانتقادات    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    «أبرزهم بيرسي تاو».. شوبير يؤكد مفاوضات الزمالك مع ثلاثي أهلاوي    إكسترا نيوز تحيي ذكرى «عيد الجلاء».. «تتويج كفاح شعب لاستقلال مصر»    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأربعاء    مصر تسجل 750 ألف نسمة زيادة في عدد سكانها خلال 228 يوما.. اعرف التفاصيل    تراجع الحرارة ونشاط رياح.. الأرصاد تُعلن طقس الساعات المقبلة    خلال حملات أمنية.. ضبط 14 مركزًا غير مرخّص لعلاج الإدمان في 3 محافظات    تركيب رادارات ولوحات إرشادية لتقنين السرعات بطريق دائرى المنصورة    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    دور العرض تستقبل 4 أفلام جديدة الشهر المقبل للمنافسة في موسم صيف 2025    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    نائب وزير الصحة تبحث مع رئيس جامعة جنوب الوادي تعزيز التعاون لتحسين الخصائص السكانية بقنا    توقيع الكشف الطبي والعلاجي المجاني ل 1000 مواطن في قافلة طبية بأسوان    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    جامعة كفرالشيخ ال 518 عالميًا في تصنيف «يو إس نيوز» الأمريكي لعام 2025    في ظهور إنزاجي الأول.. التشكيل المتوقع للهلال لمواجهة ريال مدريد بمونديال الأندية    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    ارتفاع أسعار الذهب وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    قصة ومواعيد وقنوات عرض مسلسل «فات الميعاد» بعد تصدره التريند    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية بالإسماعيلية 2025 قريبا.. روابط رسمية ونسب النجاح في المحافظات    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مباشر كأس العالم للأندية - أولسان (0)-(1) صنداونز.. الشوط الثاني    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



23 يوليو.. ثورة لن تموت
نشر في الجمهورية يوم 23 - 07 - 2016

الثورات لا تموت.. تظل باقية في وجدان الشعوب.. تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.. ويسجلها التاريخ بحروف من نور.. لأنها تخرج الشعوب من ظلام الاحتلال والفساد.. إلي نور الحرية والبناء والتنمية.. ورغم مرور 64 عاماً علي ثورة 23 يوليو 1952 فإنها مازالت لحظة فارقة في تاريخ الأمة.. انتهت الملكية وانطلقت الجمهورية ومرحلة جديدة في حياة الوطن.. سادت العدالة الاجتماعية.. واستنشق الوطن عبير الحرية والبناء والتنمية انطلقت المشروعات العملاقة الزراعية والصناعية.. وارتفعت قلاع النهضة والتنمية في كل مكان.. ارتفع السد العالي ليحمي البلاد من الفيضان.. وتمتد الزراعات شرقاً وغرباً.. وشهدت البلاد نهضة صناعية أخري.. فارتفعت قلاع صناعة النسيج في المحلة الكبري والألومنيوم والسكر في نجع حمادي.. والنصر للسيارات في ربوع الوطن.. والعربية للتصنيع لتضع مصر علي طريق الإنتاج العملاق للسيارات والأتوبيسات واحتياجات البلاد من السلاح.
إن ثورة يوليو ستبقي منارة للعمل الوطني ما بقيت الأنفاس في الأبدان.
العدالة الاجتماعية.. الحلم الكبير
صفوت عمران
كانت ثورة يوليو نقطة فارقة في تاريخ مصر. ففي صباح ليلة 23 يوليو عام 1952 انطلق الضباط الأحرار ليحكموا قبضتهم علي الأجهزة والهيئات الحكومية. ومبني الإذاعة. والمرافق العامة. ليعلنوا للشعب انتهاء فترة الاستعباد والظلم. وبداية عصر جديد مشرق في تاريخ مصر امتد تأثيره الايجابي ليشمل المنطقة العربية والشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم. حيث كانت العدالة الاجتماعية وإرساء قيم العدل والمساواة ومنح فرص عادلة لأبناء الشعوب الانتصار الأكبر لثورة 23 يوليو.
فعندما أذاع آنذاك. الرائد محمد أنور السادات. بياناً للشعب المصري أعلن فيه اندلاع حركة سلمية بدون دماء قامت بها القوات المسلحة من أجل الحفاظ علي الأمن القومي المصري انطلاقاً من الشرعية الثورية. انتصرت إرادة الشعب التي التفت حول الضباط الأحرار لنبذ الظلم. ليس علي كاهل أبنائه فقط بل انتقل تأثيره ليشمل جميع الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج. معززاً من قوة الوحدة فجمع عبدالناصر كل العرب ووحد هممهم نحو استعادة الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وعلي الرغم من مرور 64 عاماً علي ثورة 23 يوليو وطي ملف التحرر الوطني. تبقي تجربة يوليو ودورها في تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية. ودعم حركات التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار. علامة مضيئة وبارزة في تاريخ مصر ورصيداً لمكانتها ودورها الإقليمي والدولي. حيث إنها كانت بداية لبناء الاقتصاد القومي بعدما عانت من ويلات الاستعمار. لتنشئ مصر بعدها السد العالي. وتقيم المصانع والشركات الحكومية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وقتها. لينعكس ذلك علي الاقتصاد ومعدلات النمو والبطالة.
كما كان من أبرز إنجازات ثورة 23 يوليو 1952. مجانية التعليم. ولولا تلك الخطوة لم يكن هناك تعليم لأبناء الفقراء. مما ساهم في انخفاض نسب الأمية داخل المجتمع المصري إلي حد بعيد. وكان هناك زيادة طردية بين جودة التعليم ومجانيته. جعلت التعليم أحد أبرز إنجازات الثورة وتسبب زيادة الوعي والتطور بزيادة أعداد الخريجين في مختلف المجالات. فالتعليم يعد معياراً لتنامي الاقتصاد أو تراجعه. إلا أننا لم نستمر علي ذلك النهج طويلاً وتدهورت الممارسات في قطاع التعليم. خاصة في الثلاث عقود الأخيرة. مما تسبب في زيادة الفوارق الطبقية وزيادة معدلات الفقر. تلاها تراجع المهارات والابتكارات ومواكبة التكنولوجية الحديثة في الصناعة والإنتاج. ليؤدي في النهاية للتأثير علي الاقتصاد القومي. جعلنا نتحول من دولة منتجة إلي دولة مستهلكة وهو ما كان له تداعياته السلبية علي السياسة الداخلية والخارجية للدولة. الأمر الذي يستوجب وقفة صادقة مع النفس. والتحرك نحو المستقبل يستوجب إصلاح منظومة التعليم التي كانت أهم مكتسبات ثورة 23 يوليو في ملف العدالة الاجتماعية.
إن الثورات التي كانت تهدف إلي تحقيق نهضة وتقدم للشعوب كرست لبناء دستور وطني ودولة ديمقراطية. إلا إنها فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية. بسبب وجود فوارق بين أصحاب الأملاك والفقراء. بعكس ثورة 23 يوليو 1952 التي طبقت العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع طبقات المجتمع المصري. لذلك فإن المقارنة بين ثورة "25 يناير 30 يونيو". وثورة 23 يوليو 1952. لم تعد مطروحة في الأدبيات السياسية أو الاجتماعية. وهو وضع بالغ الغرابة في ظروف مصر الراهنة وفي الوقت الذي تحتفل فيه بمرور 64 عاماً علي ثورة يوليو. قد لا نتحدث عن علاقة تربط هذه الثورة بتلك. لكن هل يمكن نسيان المقارنة بين ما هو مشترك وما هو مختلف بينهما؟ إن أكثر الأمور وضوحاً هنا هو اهتمام ثورة يوليو في مراحلها المتتالية بالعدالة الاجتماعية كهدف ثوري وطني لا يمكن الاستغناء عنه أو نسيانه. لهذا كان من أوائل قرارات ثورة يوليو قرار الحد من الملكية الزراعية. جاء ذلك استجابة لهدف القضاء علي الاقطاع في عالم اختفي فيه الاقطاع من الوجود فيما عدا قلة قليلة من الممالك "العربية أساساً" وفي زمن كان يستوجب القضاء علي الاقطاع كشرط أولي لقيام مجتمع سليم. وأدركت ثورة يوليو بعد قيامها بتسع سنوات أن القضاء علي الاقطاع لا يكفي فكان القضاء علي سيطرة رأس المال. وتمثل ذلك في قرارات الثورة بالتأميم.
لا شك أن ظروف ثورة يوليو 1952. تختلف كثيراً عن ظروف ثورة يناير 2011 و30 يونيو 2013. ولكن الحقيقة التي يفترض ألا تنسي هي أن ثورتنا الحالية قامت متحملة مسئولية استعادة هدف العدالة الاجتماعية الذي وضعته ثورة يوليو في اعتباراتها وفي حساباتها من بدايتها إلي نهايتها. وهو الذي لم يتحقق بعد.
استطاعت ثورة الثالث والعشرين من يوليو. أن تسترد كرامة المواطن المستباحة من قبل الطبقات الارستقراطية. واستعادة الوطن المسلوب لصالح حفنة من المنتفعين. وذلك بما حققته من عدالة اجتماعية بين فئات الشعب المصري كافة. من خلال ترجيح كفة البسطاء والمهمشين. وانحيازها الواضح والملحوظ للفقراء والفلاحين. بالعمل علي تحسين أوضاعهم. وتعزيز شأنهم. فانتصرت للعمال الكادحين من الشعب علي حساب السادة والأعيان الذين يعيثون في البلاد فساداً.
وعلي الصعيد العالمي. جاءت نتائج تلك الثورة في سرعة البرق. بما حققته من استقلالية للقرار الوطني. برفضها الهيمنة الخارجية. والقضاء علي التبعية. ودحر الاحتلال كاملاً. واستطاعت أن تبلور الشعور القومي في نفوس المصريين. لتساند مصر كل القضايا العربية والإفريقية عامة. فتتبوأ مرتبة الريادة في المنطقة عموماً. كما برز مبدأ مناهضة الاستعمار وحق تقرير المصير كمفهوم ثابت في السياسة الخارجية المصرية. فكان الاتصال بقادة حركات التحرر الوطني العربية من أمثال الملك محمد الخامس في المغرب. والحبيب بورقيبة في تونس. ودعم ثورة الجزائر واليمن. كما كان الاتصال والدعم لحركات التحرر الإفريقية علي نفس المستوي. خاصة باتجاه كينيا والصومال ونيجيريا وزامبيا. وامتد بعد ذلك إلي آسيا وبقية دول العالم من خلال عقد المؤتمرات الدولية المناهضة للاستعمار بجميع أشكاله. لتصبح مصر قاعدة انطلاق لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث. ما يؤكد علي الدور الحقيقي التي لابد أن تلعبه المقاومة في الوقت الحالي. ليس فقط علي الصعيد المحلي. لكن لدعم القضية الفلسطينية. وهو ما كان يصب في صالح تحقيق العدالة الاجتماعية ليس للمصريين فقط بل تحولت إلي حق أصيل لجميع شعوب العالم.
ويبقي الإنجاز الأكبر علي الصعيد المحلي. حيث أقرت الثورة مبدأ العدالة الاجتماعية. بما اتخذته من خطوات سريعة لتحقيقها. بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي علي الفلاحين بمنتهي العدالة وفرض أسعار جبرية علي السلع. مما حول الفلاح من مجرد دابة تعمل بالسخرة في أراضي الأعيان إلي مالك للأرض. تحت شعار الأرض لمن يزرعها. إلا أنها مع مرور الزمن وفي ظل تجاهل الفلاح علي مدار عقود طويلة تحول الهدف النبيل إلي مجرد إجراءات مسكنة للفقراء. لعدم وجود تنمية حقيقية داخل المجتمع جعلت المصريين بعد 64 عاماً يعانون مرة أخري من تلك الطبقية البغيضة التي خاض المصريون حرباً كبيرة ضدها منذ ثورة 1919 وحتي ثورة يوليو 1952 وخلال العقد الأول لها إلا أنه بعد رحيل عبدالناصر عدو الطبقية الأول ونصير المساواة تراجعت العدالة الاجتماعية. وأصبحنا أكثر طبقية فبدلاً من مجتمع "النصف في المائة" أصبح لدينا في العقدين الأخيرين "مجتمع ال 5%". وبدلاً من الباشاوات والباهوات التقليديين أصبح لدينا باشاوات باهوات تقليد لكنم أكثر عداء للعدالة الاجتماعية وأكثر انحيازاً للظلم الاجتماعي دون وجه حق بل إن الكثير منهم وصل إلي مكانته عبر نهب وسرقة ثروات الوطن وهو ما كان سبباً مباشراً في اندلاع ثورة يناير حيث أراد الشعب استرداد ثرواته المنهوبة وبناء دولته العدالة التي تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتمنح جميع أبنائها فرص متساوية للتعليم والعمل والترقي. فقد كان معدل النمو في آخر سنوات الرئيس السابق حسني مبارك نحو 8% سنوياً لكن لم يشعر به أغلب الشعب المصري الذي سرق حفنة من أصحاب الحظوة حاضره ومستقبله. لذا جاءت الثورة "25 يناير 30 يونيو" متمسكة بمبدأ العدالة الاجتماعية التي دعت لها ثورة يوليو 52 كأساس للعمل الوطني الذي يسعي لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
تأميم قناة السويس
وكان من أهم القرارات التي ساهمت في إرساء العدالة الاجتماعية. قيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس. وبناء السد العالي. ومواكبة الحركة الصناعية بإنشاء الشركات والمصانع الحكومية. فاشبعت حاجات المواطنين الأساسية. ونجحت في امتصاص البطالة من المجتمع المصري. بحيث أصبحت محدودة. بالاضافة لتقريب الطبقات الاجتماعية من بعضها. فمعظم الدخول كانت واحدة. واكتفت البلاد ذاتياً من خلال القضاء علي سيطرة رأس المال "الاقطاع" علي الحكم. وتوجهت للتصنيع المحلي والتحول من مجتمع زراعي إلي صناعي. وإقامة جيش وطني قوي يستطيع التصدي لأي تهديدات خارجية. وظلت تلك السياسات قائمة إلي ما بعد مرحلة الانفتاح الاقتصادي وما لحقها من بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وإنتاج سلع ترفيهية. والاقتراض لتدعيم شركات ومصانع القطاع العام. لتدفع الدولة الثمن لدول نادي باريس الدائنة. واتباع سياسات الخصخصة وتدمير ذلك القطاع. مع تحرير الاقتصاد والارتداد عن تطبيق العدالة الاجتماعية. وهي أشياء يجب علي الدولة المصرية الآن أن تتخلص منها وهي تنطلق نحو المستقبل.
بعد ثورة يوليو شعر المواطن بما أضافته الثورة عليه من مكاسب لمسها المصريون علي أرض الواقع. بعد أن تحرروا من الفقر والاستعباد. وقيود الجهل والاستغلال والتبعية. التي سيطرت علي العامة لعقود طوال. فعقدوا العزم علي استكمال مسيرة الحراك الثوري لتتناقل تلك الثورة إلي قطاعات الدولة كافة. ووفقاً للدكتور جمال زهران. أستاذ العلوم السياسية. فإن ثورة يوليو جذبت إلي صفوفها قطاعات شعبية واسعة. فمنذ لحظة انطلاقها أدركت انه لا سبيل في مصر سوي تغيير شكل النظام القديم القائم علي الفساد والمحسوبية والاستحواذ علي الثروات والسلطة معاً. ولابد من تأسيس نظام سياسي جديد تحميه قوي شعبية تستفيد من تلك الثورة. فحقق علي مستوي الإرادة الوطنية الاستقلال الوطني والعدل الاجتماعي.
وأشار زهران. إلي أن ثورة يوليو أرست الأساس لنظام العدالة الاجتماعية علي نحو لافت. فمن يريد أن يؤرخ لثورة يوليو لا يستطيع إلا أن يتوقف طويلاً عند إنجازاتها علي الصعيد التعليمي. فهي قررت مجانية التعليم العام والعالي وضاعفت ميزانيته. وأنشأت عشر جامعات جديدة في جميع أنحاء مصر بعدما كان عددها ثلاث جامعات فقط.
بينما. قال د.محمد عبدالغني. القيادي الناصري. في ذكري الاحتفال بثورة 23 يوليو المجيدة. إنها ستظل عنوان الأمل للوطن. فكانت بداية تحرير مصر من الاستعمار وسيطرة رأس المال علي الحكم. والتخلص من الفساد. كما رسخت أسس العدالة الاجتماعية. وأسست بنية ثقافية وعلمية وصناعية حقيقية لمصر. وانتصرت لكرامة الوطن والمواطن. متابعاً: "نفس المنطلقات التي خرج من أجلها المصريون في 25 يناير. ثم 30 يونيو". ومطالباً بضرورة أن نضع الأهداف الستة لثورة يوليو نصب أعيننا ونحن نعيد بناء مصر ونعمل علي تحقيقها.
ومن جانبه. أوضح بشري شلش. أمين عام حزب المحافظين. أن ثورة 23 يوليو. هي التي نقلت مصر من حكم ملكي فاسد أراد أن يضيع حقوق المواطنين الأبرياء وبيع مصر للخارج. إلي حكم جمهوري سعي إلي تحقيق العدالة الاجتماعية علي أيدي رؤساء الحقبات الماضية بداية من الرئيس محمد نجيب وزعيم الأمة جمال عبدالناصر.
وأضاف : أن مفهوم العدالة الاجتماعية. أحد مطالب ثورتي يوليو ويناير. ولابد أن يسعي إليه الجميع حتي نستطيع بناء دولة ديمقراطية حديثة. بالاضافة إلي أن هناك مئات القرارات التي لابد اتخاذها حتي يشعر المواطن بتحقيق أحد أهداف الثورة.
وفي نفس السياق. قال نبيل زكي. القيادي بحزب التجمع. إن العدالة الاجتماعية مازلت غائبة. خاصة في ظل مئات القرارات التي تأتي في صالح تفاوت الطبقات ولحساب الأغنياء ورجال الأعمال علي حساب المواطن البسيط. مؤكداً أننا بحاجة إلي إرادة سياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأوضح زكي. أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. كان الرئيس الوحيد الذي اتخذ قرارات تهدف إلي تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للثروات. لامتلاكه الإرادة الحقيقية لتطبيقها. مختتماً: "للأسف من جاءوا من بعده. أفسدوا مع أسس له".
ويقول الدكتور مختار الحفناوي. الخبير في الشئون العربية. إن دور المقاومة جاء في ثورة يوليو. مشيراً إلي أن مصر في وقتها كان هدفها الأسمي هو تحقيق الوحدة العربية. وهذا لن يتحقق إلا بالاستمرار في دعم دور المقاومة التي أرساها الجيش العربي في سنوات ما قبل ثورة يوليو. ونبذ الخلافات والانقسامات العربية. ونحن نحتاج إلي روح ثورة يوليو ليس فقط لمواجهة مخططات تقسيم المنطقة ولكن أيضا لإرساء العدالة الاجتماعية ومنح فرص متساوية لجميع أبناء الشعب في التعليم والعمل والإنتاج مما يمهد إلي زيادة الوعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ثم استقلال القرار الوطني والتأثير بفاعلية في قرارات المجتمع الدولي. وهي جميعها مميزات كانت تتميز بها مصر في السنوات الأولي لثورة يوليو 1952 للأسف فقدتها مصر تدريجياً وتعمل الآن بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو علي استعادتها لكن مقابل أثمان باهظة تتحملها الأجيال الحالية والقادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.