رغم فشل محاولة الانقلاب العسكري وإعادة سيطرة الحكومة التابعة لحزب العدالة والتنمية علي مقاليد الحكم في البلاد فالشيء المؤكد أن تركيا لن تعود كما كانت قبل ليلة الخامس عشر من يوليو لان هذه المحاولة خلقت شرخا كبيرا في الدولة التركية وتسببت في إحداث حالة من عدم الاستقرارفي الشارع التركي. فإن اردوغان بسياساته القمعية وضع تركيا في منزلق خطير قد يعصف باستقرارها ويزيد من انقسامها.. ويبدو أن الجيش منقسم علي نفسه بشكل أعاد للاذهان اشتباكات وقعت بين وحداته أثناء أحد العروض العسكرية عام 1979علي وقع خلافات سياسية طالت قادة الجيش وهو ما استمر حتي عام 1981في صورة حرب اهلية لكنها كانت علي نطاق ضيق..وفي هذه المرة تشير محاولة الانقلاب الي عدم رضاء قطاع كبير من قيادات الجيش التركي لتوجهات السياسة الخارجية التركية بجانب عدم الارتياح للسياسات القمعية التي ينتهجها نظام رجب طيب اردوغان حيث بذل كل ما في وسعة خلال الاشهر الماضية لاحتكار السلطة من خلال تعديل الدستور وفرض النظام الرئاسي علي الحكم في تركيا كما أطاح برئيس وزرائه السابق أحمد داوود أوغلو بعدما انتقد هذا الأخير حبس اردوغان للصحفيين علنا بجانب فساد وزرائه وتقييده للحريات ودعمه لداعش كما ساهم بشكل كبير في تخريب الشرق الاوسط واسال الكثير من الدماء.. وبدلا من ممارسة دوره كحكم بين مؤسسات الدولة والقوي السياسية دخل في معارك مع المعارضة بكل أطيافها ورفض دخول حزبه العدالة والتنمية الحاكم للبلاد منذ عام 2002 اي ائتلافات حكومية مستأثرا بالحكم لنفسه.. كما استطاع اردوغان ان يحكم سيطرته علي الشرطة والقضاء وان يتخلص من معارضية سواء من خلال الاقالة أو السجن ثم جاء الدور علي الجيش التركي الذي به معارضون كثيرون لسياساته الخارجية ومنها رفضهم تدخل اردوغان في سوريا.. وهل من المنطقي أن يقوم أردوغان بالقبض علي ثلاثة آلاف من العسكريين واقالتهم خلال ساعات هذا يؤكد أنه صاحب المصلحة الوحيده مما حدث وأن الشعب لن يستفيد شيئا فكل مايريده اردوغان هو إحكام السيطرة علي البلاد وقمع المعارضين له وان ماحدث سواء كان انقلاباً حقيقياً أو مسرحية هزلية اخرجها اردوغان لتصفية المعارضين لسياساته في الجيش التركي واستغلال ماحدث للتوسع في قمع المعارضين وضم مزيد من السلطات والصلاحيات في يده فالجيش التركي لو اراد تنفيذ الانقلاب لسيطر علي مقاليد الحكم في تركيا في اقل من ساعة لانه اكبرقوة برية وجوية عسكرية في حلف الناتو بعد الولاياتالمتحدة ومن نزلوا لحظة الانقلاب المزيف هم لايمثلون الشعب التركي اما معارضوه فلم ينزلو إلي الشوارع وهم اعداد كبيرة للغاية خوفا من الاعتقالات..ان هذا الانقلاب سيضعف من قوة تركيا الخارجية وبعد الاطاحة بكل قادة الانقلاب وهم قائدا الجيشين الثاني والثالث وآلاف العسكريين واغلاق قاعدة أنجرليك واحتجاز الفين وسبعمائه وخمسين قاضيا ومن ضحايا الانقلاب الفاشل مقتل مائتين وسبعين شخصا والف وخمسمائة مصاب وسيعمل اردوغان علي انشاء جيش تركي جديد يقوم علي الولاء له ولحزبه الاسلامي وسيتسبب ذلك في تراجع قوة الجيش التركي في الداخل وفي حلف الناتو وفي تصنيفه الدولي وكأن يمهد اردوغان لاستكمال تشكيل حرس ثوري لحزبه علي غرار الحرس الثوري الايراني الذي شكله الخوميني في إيران.. لان فشل الانقلاب أعطي لاردوغان قوة غير مسبوقة.. ولابد أن يدرك اردوغان أن ارادة الشعوب هي التي تقرر مصيرالدول وليس أوهام أو أحلام جماعة معينة إرهابية يسير وراءها.. وتبقي كلمة اردوغان يعتقل ستة آلاف شخص ودول العالم طالبته الالتزام بمباديء الديمقراطية واحترام سيادة القانون.. الله علي ديمقراطية ازدواجية المعايير وفقا للمصالح..